واشنطن تمنع إسرائيل من معاقبة حماس رغم تأخر تسليم جثامين الرهائن

المنع الأميركي يعكس إصرار واشنطن على حماية صفقة التبادل ووقف النار من التصعيد، متزامنا مع أنباء إطلاق حماس رفات السبت.
السبت 2025/10/25
العين الأميركية تلزم إسرائيل بعدم التصعيد

القدس - منعت الولايات المتحدة إسرائيل من اتخاذ أي خطوات عقابية ردا على التوقف المؤقت في إعادة جثامين بقية الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة، في تحرك أميركي حاسم يهدف إلى حماية اتفاق وقف النار وصفقة التبادل الشاملة من الانهيار.

جاء ذلك في تقرير لهيئة البث العبرية اليوم السبت، التي توقعت في الوقت ذاته إطلاق حركة حماس دفعة جديدة من رفات الأسرى في وقت لاحق اليوم.

ونقلت الهيئة في تقريرها عن مصادر مطلعة لم تسمها تأكيدها أن "تمنع الولايات المتحدة إسرائيل من فرض عقوبات أو اتخاذ أي خطوات في هذه المرحلة رداً على عدم إعادة المختطفين القتلى".

وهذا المنع الأميركي، الذي لم يصدر بشأنه تعليق إسرائيلي رسمي، يشير إلى دور واشنطن المباشر في إدارة الأزمة وتوجيه القرار الإسرائيلي.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تتصاعد فيه الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية لاستكمال عملية إعادة جميع الأسرى والمحتجزين.

واستلمت تل أبيب منذ سريان صفقة تبادل الأسرى واتفاق وقف النار في 10 أكتوبر الجاري جثامين 16 أسيراً من بين 28 غالبيتهم إسرائيليون.

ويتبقى، وفقا لإحصاءات حماس، جثامين أخرى تسعى الحركة "لإغلاق الملف" بشأنها، لكنها أكدت في أكثر من مناسبة أنها تحتاج وقتاًومعدات متطورة وآليات ثقيلة لإخراج بقية الجثامين المدفونة تحت آلاف الأطنان من الركام نتيجة للدمار الهائل الذي خلفته الحرب الإسرائيلية.

وزعمت المصادر التي تحدثت لهيئة البث العبرية أن لدى حماس "خياراً" لإعادة جثامين الأسرى المقتولين، لكنها "لم تفعل ذلك منذ مساء الثلاثاء" حيث أفرجت وقتها عن جثتي أسيرين فقط.

وفي المقابل، قال مصدر إسرائيلي للهيئة إن تل أبيب تلقت "رسالة" (لم يذكر مصدرها) تفيد بأن حماس ستفرج عن جثامين أسرى اليوم السبت، دون تعليق فوري من حركة حماس بشأن تلك الادعاءات.

وتأتي هذه التطورات في ظل حضور أميركي مكثف وغير مسبوق على الساحة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة.

وتابعت هيئة البث العبرية رصدها لهذا الحضور، مشيرة إلى أنه "بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي (جيه دي فانس)، ومبعوثي ترامب، (ستيف) ويتكوف و(جاريد) كوشنر، وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة إلى إسرائيل، ومن غير المتوقع أن تكون هذه آخر زيارة لمسؤولين أميركيين كبار إلى البلاد في المستقبل القريب".

واصلت الهيئة الإشارة إلى أن جدول الزيارات مستمر، حيث "من المتوقع وصول مسؤول كبير آخر في إدارة ترامب يوم الأحد، وهو مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط".

اعتبرت الهيئة أن "الحضور المستمر لكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية يُمثل رسالة إلى إسرائيل".

نقلت الهيئة عن مصدر أميركي قوله إن الهدف من هذه الرسالة هو لجم أي تصرف إسرائيلي قد يهدد الصفقة والمسار الإقليمي الأوسع.

وصرح المصدر "على إسرائيل أن تتوقف عن ارتكاب الحماقات التي قد تُعرّض الاتفاق وإمكانية تحقيق اختراق إقليمي للخطر"، وذلك في إشارة مباشرة إلى مشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، والذي تم تمريره الأربعاء في الكنيست (البرلمان) بالقراءة التمهيدية، وهو ما ترى فيه واشنطن تهديدا للمبادرات الإقليمية الأوسع التي ترعاها الإدارة الأميركية.

وكان تأخر عملية تسليم الرفات قد شكل محور اهتمام أميركي علني قبل أيام، فقد سُئل نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، الثلاثاء الماضي في مؤتمر صحافي بإسرائيل إذا ما كانت واشنطن ستحدد مهلة نهائية لحركة حماس لإعادة جثامين بقية الأسرى الإسرائيليين.

وأجاب فانس مؤكدا تعقيد الأمر "هذا هو محور اهتمام الجميع هنا، ضمان عودتهم إلى عائلاتهم ودفنهم بشكل لائق، لكن الأمر معقد ولن يتم بين عشية وضحاها".

وأردف فانس شارحا الصعوبات الميدانية "بعضهم (الأسرى القتلى) مدفون تحت آلاف الكيلوغرامات من الركام، والبعض الآخر لا يُعرف مكانهم. علينا التحلي بالصبر، سيستغرق الأمر بعض الوقت".

واستطرد مؤكدا رفض تحديد مهلة زمنية "لن أحدد مهلة نهائية محددة لأن بعض القضايا معقدة وغير متوقعة".

وتعكس هذه التصريحات تفهم واشنطن للصعوبات اللوجستية التي تواجه حماس في عملية البحث والاستخراج، وهو ما يدعم قرارها بمنع تل أبيب من اتخاذ خطوات عقابية فورية.

وجاء اتفاق وقف الحرب على غزة وصفقة تبادل الأسرى الشاملة بعد عامين من الحرب المدمرة، بناء على خطة وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأفرجت حماس منذ بدء تنفيذه عن 20 أسيرا إسرائيليا حيا، ورفات 16 أسيراً من أصل 28، أغلبهم إسرائيليون، وتقول تل أبيب إن العدد المتبقي هو 13 أسيرا، بعدما ادعت أن إحدى الجثث المستلمة لا تتطابق مع أي من أسراها.

وتسببت هذه الحرب، التي بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، في مقتل 68 ألفاً و280 فلسطينياً، وإصابة 170 ألفاً و375 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، ودمار طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، مما يبرز أهمية الحفاظ على هذا الاتفاق الهش.