نداء وإعلان نيويورك يعيدان الزخم لـ"حل الدولتين"
نيويورك - أطلقت 15 دولة غربية تتقدمها فرنسا، الأربعاء، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يجهض محاولات إسرائيل إسقاط “حل الدولتين”، المعتمد كأساس لإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني المستمر منذ عقود.
وكتب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عبر منصة إكس “في نيويورك مع 14 دولة أخرى توجه فرنسا نداء جماعيا: نعرب فيه عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا”.
وجاء النداء الجماعي في أعقاب مؤتمر حل الدولتين، الذي عقد الاثنين والثلاثاء برئاسة السعودية وفرنسا وبمشاركة رفيعة المستوى، لبحث سبل تنفيذ حل الدولتين، ودعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
وإلى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء، ووقّعت دول أخرى الدعوة وهي أندورا وفنلندا وآيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا، بحسب البيان المشترك.
النداء الجماعي والإعلان الصادران عقب مؤتمر حل الدولتين يمنحان فسحة أمل للفلسطينيين بشأن إقامة دولتهم المستقبلية
وطالب البيان المشترك لتلك الدول بـ”وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، بما يشمل الرفات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
وأضاف البيان “نحن قد اعترفنا بالفعل، أو أعربنا، أو نعرب عن استعداد بلداننا أو نظرتها الإيجابية، للاعتراف بدولة فلسطين، كخطوة أساسية نحو حل الدولتين، وندعو جميع الدول التي لم تفعل ذلك بعد إلى الانضمام إلى هذه الدعوة”.
وتابع “نؤكد مجددا التزامنا الراسخ برؤية حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وأكد في هذا الصدد على أهمية “توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية”.
واختتم مساء الثلاثاء، مؤتمر حل الدولتين الذي شاركت فيه فلسطين وغابت عنه الولايات المتحدة بإصدار إعلان ختامي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة.
وشدد الإعلان على رفض أي أعمال تؤدي إلى تغييرات إقليمية أو ديموغرافية، بما في ذلك التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، إذ يشكل ذلك انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.
وأدان الإعلان الهجمات التي ارتكبتها حركة حماس ضد المدنيين في السابع من أكتوبر، كما أدان الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة، والحصار والتجويع اللذين تسببا بكارثة إنسانية مدمرة وأزمة حماية.
وأعلن عن التزام الدول المشاركة باتخاذ خطوات ملموسة، محددة زمنيا، ولا رجعة فيها للتسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، من أجل تحقيق، عبر إجراءات عملية، وفي أسرع وقت ممكن، قيام دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة، قابلة للحياة اقتصاديا وديمقراطية، تعيش جنبا إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل، بما يتيح اندماجا إقليميا كاملا واعترافا متبادلا.
ورحب الإعلان بالتزام الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات عامة ورئاسية ديمقراطية وشفافة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، خلال عام واحد، تحت رعاية دولية، بما يتيح تنافسا ديمقراطيا بين الأطراف الفلسطينية الملتزمة باحترام برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، والتزاماتها الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبدأ “دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”، والسماح لجيل جديد من الممثلين المنتخبين بتحمل المسؤولية. وبناءً على دعوة من السلطة الفلسطينية، التزم الاتحاد الأوروبي بمواصلة دعم العملية الانتخابية.
ويمنح النداء الجماعي والإعلان الصادران عقب مؤتمر حل الدولتين فسحة أمل للفلسطينيين بشأن إقامة دولتهم المستقبلية، لكن ذلك يستوجب إرادة سياسية فلسطينية للبناء على ما تحقق، من خلال تبني السلطة الفلسطينية خطوات جادة للإصلاح وليس إجراءات ترقيعية تبقي الوضع على ما هو عليه.
كما يفرض هذا الزخم على حركة حماس تقديم تنازلات في علاقة بسلاحها وحكم غزة، لوضع حد للحرب في القطاع والتركيز على الجهود الدبلوماسية لإجبار إسرائيل على الجلوس مجددا إلى طاولة التفاوض من أجل الوصول إلى حل نهائي للصراع.
ورحب الرئيس الفلسطيني، في بيانين منفصلين بالنداء والإعلان. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن عباس في البيان الأول، إعرابه عن “تقديره وترحيبه بما جاء في نداء نيويورك الصادر عن وزراء خارجية عدة دول أكدت على اعترافها بدولة فلسطين، وعن رغبة الدول التي لم تعترف منها بالاعتراف بدولة فلسطين”.
عباس يؤكد على الأهمية البالغة للنتائج التي أسفر عنها المؤتمر وضرورة متابعتها بجدية كما أعرب عن ثقته بأن الخطوات المحددة والتي تم الإعلان عنها في مؤتمر نيويورك ستدخل "حيز التنفيذ"
وأشاد عباس بمواقف تلك الدول التي وصفها بـ”الشجاعة والتي أكدت التزامها برؤية حل الدولتين، وبالسلام القائم على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وقال عباس “اعتراف هذه الدول بدولة فلسطين، أو إعلانها استعدادها الإيجابي للاعتراف بدولة فلسطين، يمثل خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام العادل والشامل”.
ووفق ما نقلت الوكالة عن عباس، تعزز تلك “الجهود الدولية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”، داعيا الدول الأخرى إلى الانضمام إلى هذا النداء، والإسهام في دفع العملية السياسية على أساس حل الدولتين، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
وفي البيان الثاني، أوضحت الوكالة أن عباس رحب بإعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين.
وأفادت الوكالة بأن عباس أكد على الأهمية البالغة للنتائج التي أسفر عنها المؤتمر وضرورة متابعتها بجدية. كما أعرب عن ثقته بأن الخطوات المحددة والتي تم الإعلان عنها في مؤتمر نيويورك ستدخل “حيز التنفيذ”.
وقال بهذا الصدد “هذا المؤتمر، بما خلقه من حراك دبلوماسي وديناميكية سياسية، ستكون له نتائج إيجابية ملموسة على طريق إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وفي الثامن والعشرين من مايو 2024، أعلنت إسبانيا والنرويج وأيرلندا اعترافها بدولة فلسطين، تلتها سلوفانيا في الخامس من يونيو من العام نفسه ليرتفع الإجمالي إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأبدت بريطانيا بدورها استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية، في حال لم تنه إسرائيل حملتها في قطاع غزة، ومنحت تل أبيب مهلة حتى سبتمبر المقبل.
ويرى متابعون أن إسرائيل اليوم تجد نفسها في وضع صعب أمام زخم الاعترافات بدولة فلسطينية، لافتين إلى أن استمرار رفضها لوقف الحرب في غزة، بات يعطي مفعولا عكسيا.