"نتقرب إلى الله بتعذيبهم".. الصحافيون هدف لجميع الأطراف المتحاربة في اليمن
صنعاء - منذ بدء النزاع في اليمن في العام 2014، ارتكب كل من الحوثيين والسلطات الأخرى في اليمن، ولاسيما “المجلس الانتقالي الجنوبي” والحكومة اليمنية، انتهاكات حقوقية جسيمة ضد الصحافيين.
في العام 2015، عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عن الموقف العدائي من الأطراف المتحاربة تجاه الصحافيين عندما أعلن في خطاب متلفز أن “المرتزقة والعملاء من فئة الإعلاميين أكثر خطرا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين التابعين للحكومة اليمنية.”
وفي هذا السياق، قال الصحافي المفرج عنه عبدالخالق عمران، إن مسؤولاً في سجن تابع للحوثيين قال له: “نتقرّب إلى الله بتعذيب الصحافيين.”
وتشمل الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع بحق الصحافيين، وفق تقرير لمنظمة هيومن رايتش” الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والقتل. كما ارتكبت السلطات من أطراف النزاع جميعها انتهاكات أوسع ضد حرية التعبير والصحافة، بما يشمل الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية والترهيب والمضايقة ضد المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها وعرقلة حركة الصحافيين وعملهم.
الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع بحق الصحافيين تشمل الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والقتل
وقالت المنظمة في تقرير بعنوان: “نتقرب إلى الله بتعذيب الصحافيين.. انتهاكات الأطراف المتحاربة المنهجية ضد الصحافيين وحرية الصحافة في اليمن”، إن استهداف الأطراف المتحاربة للمؤسسات الإعلامية وصحافييها أدى إلى انتهاك حرية التعبير في اليمن، ويشمل ذلك الحصول على المعلومات. وقد فر العديد من الصحافيين من البلاد بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها، أو خوفهم من التعرض لانتهاكات من قبل الأطراف المتحاربة. أما أولئك الذين بقوا، فقد اضطروا في كثير من الأحيان إلى وضع قيود على كتاباتهم لتجنب استهدافهم من قبل السلطات.
ومباشرة بعد سيطرتهم على صنعاء في العام 2014، بدأ الحوثيون حملة اعتقالات واسعة بحق الصحافيين والإعلاميين على أساس عملهم. ما يزال بعضهم مسجونا.
وقد ارتكبت أطراف أخرى متحاربة انتهاكات مماثلة. وفقا لـ”لجنة حماية الصحافيين”، في 18 فبراير 2021، اعتقلت قوات الأمن في محافظة حضرموت، التي تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، صحافيين عدة خلال الاحتجاجات.
كما اعتقل “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وهو جماعة تسيطر على محافظات عدة في اليمن، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن، إعلاميين طوال فترة النزاع، وواصل قمع المساحة المدنية في الأراضي الخاضعة لسيطرته.
بالإضافة إلى مضايقة الصحافيين والإعلاميين واحتجازهم وإخفائهم، قُتل العديد من منهم على مدار السنوات العشر الماضية في اليمن، وشمل ذلك اغتيالات محتملة على يد الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، لم تجر تحقيقات كافية لتحديد الجناة في معظم الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش.
وفقا لـ”المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين” (صدى)، قُتل 63 صحافيا وإعلاميا في اليمن بين يناير 2015 وديسمبر 2023.
كما استولى الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على عدة مؤسسات إعلامية كبرى في مختلف أنحاء البلاد وأغلقوها منذ بداية النزاع كوسيلة للحد من حرية التعبير.
قال محمود ثابت، رئيس نقابة الصحافيين اليمنيين في عدن – وهي مؤسسة استولى المجلس الانتقالي الجنوبي على مكتبها في عدن – إن النقابة تقوم الآن بعملها “بسرية، لأننا خائفون من الانتهاكات التي قد ترتكب ضد أعضائنا.”
في العام 2015 عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عن الموقف العدائي من الأطراف المتحاربة تجاه الصحافيين
بالإضافة إلى التعرض للاعتقالات التعسفية والاعتداءات، وصف الصحافيون استخدام السلطات التهديد بالاعتقال بأساليب تشمل أوامر قضائية لا أساس لها، كإحدى الطرق العديدة التي سعت بها السلطات إلى إسكاتهم. قال رئيس صدى يوسف حازب إن المنظمة وثّقت أكثر من 24 حالة في العامين الماضيين حيث تضمنت لوائح الاتهام الرسمية بشكل صريح الصحافة أساسا للتهم.
وأفاد “مرصد الحريات الإعلامية” (مرصدك) في تقريره عن حرية الإعلام للعام 2024 أن 15 صحافيا اعتقلوا بسبب عملهم الإعلامي خلال العام، وما يزال بعضهم قيد الاحتجاز. ومن بين هؤلاء، اعتقل سبعة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وثمانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضاف عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأُسَيدي أن “مساحة الحرية الصحفية تتقلص”. وقال إن السلطات تراقب الصحافيين، وقد يتم اعتقالهم في أي لحظة لأسباب تافهة مثل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد سلطة ما.
وروى الصحافيون أيضا كيف تقيّد حريتهم في التنقل بسبب خوفهم من الاعتقال من قبل السلطات عند نقاط التفتيش وفي المطارات. وأفاد العديد منهم أيضا أن أفراد أسرهم يتعرضون للتهديدات.