من ينقل أزمته إلى الخارج: حزب الله أم سوريا

سوريا تعلن الكشف عن خلية لحزب الله في ريف دمشق والحزب ينفي.
الجمعة 2025/09/12
ماذا بقي لحزب الله

دمشق – أعلنت وزارة الداخلية السورية، الخميس، إلقاء القبض على خلية قالت إنها تابعة لحزب الله اللبناني بريف دمشق، في حين نفى الحزب ذلك في ظل تساؤلات عن الجهة التي تسعى من وراء ذلك إلى حرف الأنظار عن أزمتها الداخلية سواء حزب الله أم السلطات السورية.

ويجد حزب الله نفسه في وضع صعب داخليا بعد تمسك الحكومة والجيش بتنفيذ قرار نزع سلاحه، حتى وإن كان ذلك ضمن مهلة مفتوحة، في الوقت الذي كان فيه الحزب يراهن على أن حليفه نبيه بري، رئيس البرلمان وزعيم حركة أمل الشيعية، سيقدر على تعويم القرار بإحالته إلى لجنة للحوار الوطني.

ويحتاج الحزب إلى افتعال تصعيد خارجي لإرباك القرار الحكومي ودفع اللبنانيين للالتفاف حوله ولو من جانب الاهتمام الإعلامي، وذلك يفترض تصعيدا مع إسرائيل أو مع سوريا. وطالما أن التصعيد مع إسرائيل أمر مستبعد بعد الضربات التي تلقاها والتي ذهبت بأبرز قادته السياسيين والعسكريين، وأن مجرد مشاغلتها بعمليات محدودة قد يدفعها إلى توجيه ضربات أقوى، فلا يبقى أمام الحزب سوى مشاغلة سوريا ومحاولة جمع اللبنانيين حوله ضدها.

من السهل على الحزب ودمشق تحريك الأنصار للاصطفاف وراء صراع بخلفيات طائفية، والمهم اجتناب الاشتباك مع إسرائيل

ويجد الحزب من الصعوبة بمكان أن يجمع الرأي العام اللبناني في صفه ضد إسرائيل، لكنه قد يستعيد مفردات خطابه القديم للتحريض ضد سوريا والرئيس أحمد الشرع بتاريخه “الجهادي” وشحنه العداء بالبعد الطائفي ومعاداة إيران وبشار الأسد. كما أن أيّ اشتباك، ولو كان كلاميا مع دمشق، سيمكن الحزب من ضخ الحماس لأنصاره، الذين فقدوا لأشهر الثقة في الحزب وخططه وبدأوا يستوعبون واقع أنه قد فقد وزنه خارجيا وداخليا.

من جانبها، تجد سوريا تحت حكم الشرع في اتهام حزب الله بالتآمر عليها الفرصة في تخفيف وقع الصدمة على أنصارها في الداخل والإقليم بسبب استسلامها الكامل أمام الضربات الإسرائيلية، في تكرار لما كان يفعله بشار الأسد، وهو ما كانت تنتقده بشدة وتوظفه في خطابها لتبرير ثورتها عليه.

ويقول مراقبون إن من السهل على الحزب وعلى دمشق معا تحريك الأنصار للاصطفاف في صراع بخلفيات طائفية أو عرقية، المهم تجنب الاشتباك مع إسرائيل، رغم أنها كانت إلى وقت قريب محورا للمزايدة.

وقال العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، إن الوحدات المختصة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة “تمكنت بعد متابعة دقيقة وعمل ميداني مكثف من القبض على خلية تابعة لحزب الله كانت تنشط في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي.”

وأضاف الدالاتي “أظهرت التحقيقات الأولية أن أفراد الخلية (لم يذكر عددهم) تلقوا تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، وكانوا يخططون لتنفيذ عمليات داخل الأراضي السورية تهدد أمن واستقرار المواطنين.”

وأوضح أنه “خلال العملية، تمت مصادرة قواعد لإطلاق الصواريخ، و19 صاروخا من طراز غراد، وصواريخ مضادة للدروع، إلى جانب أسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر المتنوعة.”

ولفت المسؤول الأمني السوري إلى أنه “تمت إحالة الملف إلى الجهات المختصة لمتابعة الإجراءات القانونية، فيما تواصل الأجهزة المعنية التحقيق مع الموقوفين لكشف كامل الارتباطات والأهداف.”

ونفى حزب الله اعتقال أيّ من عناصره في سوريا. وقالت إدارة العلاقات الإعلامية في الحزب، في  بيان “ننفي جملة وتفصيلا، ما أوردته وزارة الداخلية السورية من اتهامات بشأن انتماء عناصر جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي إلى حزب الله.”

وأكدت أن “حزب الله ليس لديه أيّ وجود ولا يمارس أيّ نشاط على الأراضي السورية، وهو حريص كل الحرص على استقرار سوريا وأمن شعبها.”

وشهدت الحدود اللبنانية – السورية في مارس الماضي اشتباكات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من لبنان إثر اتهام وزارة الدفاع السورية حزب الله باختطاف وقتل 3 من عناصرها، فيما نفى الحزب علاقته بالأحداث.

وتسعى الإدارة السورية إلى ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وتعزيز قبضتها على الحدود مع دول الجوار ومنها لبنان، بما يشمل ملاحقة مهربي المخدرات وفلول النظام السابق الذين يثيرون قلاقل أمنية.

وتتسم الحدود اللبنانية – السورية بتداخلها الجغرافي، إذ تتكون من جبال وأودية وسهول دون علامات أو إشارات تدل على الحد الفاصل بين البلدين، اللذين يرتبطان بـ6 معابر حدودية برية على طول نحو 375 كلم.

وفي 8 ديسمبر 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم نظام البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.

وارتبط حزب الله بعلاقات قوية مع نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الذي حكم لمدة 24 عاما بين عامي 2000 و2024.

ووجد السوريون أن إسرائيل لا يفيد معها خطاب التهدئة والإيحاء بالتطبيع أو لقاء مسؤولين إسرائيليين، كما لا يفيد معها الرهان على تركيا خاصة بعد تسريبات عن استهداف معدات تركية في أحد التمركزات العسكرية داخل سوريا.

وقالت مصادر في وزارة الدفاع التركية إن مزاعم استهداف إسرائيل لمواقع القوات التركية المتمركزة في سوريا “لا أساس لها من الصحة.”

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية الخميس إن تركيا بدأت تدريب الجيش السوري وتقديم الاستشارات والدعم الفني له بموجب اتفاق جرى توقيعه الشهر الماضي.

وبموجب اتفاق التعاون العسكري الموقع بين وزارتي الدفاع في البلدين في أغسطس، ستقدم تركيا للجيش السوري التدريب العسكري والأسلحة والأدوات اللوجستية.

وقال المصدر خلال إفادة صحفية في أنقرة إن التقارير التي أفادت بشن إسرائيل هجمات على عتاد تركي متمركز في سوريا كاذبة، وإنه لم يطرأ تغيير على الأفراد أو العتاد التركي في شمال سوريا.

1