معضلات تداهم طهران وتؤذن بأفول نجمها كعاصمة لإيران

الرئيس بزشكيان: نقل العاصمة ليس مجرد اقتراح بل ضرورة إستراتيجية.
الجمعة 2025/10/03
مدينة لا يطيب فيها العيش

طهران - تشهد مدينة طهران بشكل متسارع تنامي سلسلة من المشاكل والمعضلات باتت بمثابة مؤشر جدّي على قرب نهاية عهدها كعاصمة لإيران ومركز لأهم الأنشطة السياسية والاقتصادية في البلاد.

وتتراوح تلك المشاكل التي استند إليها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في دعوته إلى نقل العاصمة إلى مدينة أخرى غير طهران التي يبلغ عدد سكانها نحو 15 مليون نسمة، بين الانفجار الديموغرافي ومشكلة المياه المتنامية التي تمثل نموذجا عن حالة العجز المتنامية في نهوض الدولة بمسؤوليتها في مجال الخدمات العامّة وتوفيرها للجميع في كل الأوقات وبقدر مقبول من الوفرة والجودة.

ولا تخلو هذه المعضلات من بعد سياسي غير مباشر يتمثل في كون عاصمة بهذه المواصفات السيئة وهذا المستوى من الرداءة وضعف جودة الحياة فيها يمكنها أن تتحوّل سريعا إلى قنبلة موقوتة تحت أقدام النظام تهدّد أمنه واستقراره وتوفر وقودا لثورة شعبية ضدّه.

مدينة على هذا المستوى من رداءة المواصفات يمكنها أن تتحول سريعا إلى قنبلة موقوتة تحت أقدام النظام

وليست المرّة الأولى التي يفتح فيها ملف معضلات من هذا القبيل تواجه العاصمة الحالية لإيران، حيث انطلق بالفعل تفكير السلطات في اعتماد حلول قصوى لمواجهة أزمة المياه الحادة من بينها اللجوء إلى إغلاقات جزئية للمدينة.

وطرح سيناريو الإغلاق خلال الصائفة الماضية حين تم الكشف عن قيام الحكومة الإيرانية ببحث إمكانية فرض هذا الحلّ الاستثنائي.

وأعلنت عن ذلك في وقت سابق المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني بقولها إن “وضع المياه في طهران سيئ للغاية، لذلك فإننا ندرس مسألة إغلاق العاصمة لمدة أسبوع”.

وأوضحت المتحدثة آنذاك أن “أزمة المياه مشكلة وطنية ومن الممكن أن تؤدي إلى حدوث كارثة قريبا، ولذلك يتعين على الحكومة أيضا بحث خيارات غير تقليدية”.

وأوضحت أن مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) يرغب في تقليص أسبوع العمل من خمسة إلى أربعة أيام، من السبت إلى الثلاثاء، بسبب أزمة المياه. وبالإضافة إلى ذلك ستتم إعادة تفعيل نظام العمل من المنزل، كما كان متبعا خلال فترة تفشي جائحة كورونا، لتقليل استهلاك الكهرباء والماء.

وتواجه إيران بما في ذلك عاصمتها طهران على غرار سائر بلدان المنطقة تبعات التغيرات المناخية التي مست بشكل واضح مصادر المياه ومخزوناتها بفعل الارتفاعات المطردة في درجات الحرارة في مقابل تناقص التساقطات المطرية.

وتمتلك إيران اقتصادا شديد النهم للمياه بقطاعيه الصناعي والزراعي ما دفعها على مدى عقود متتالية إلى تكثيف إقامة السدود وتحويل مجاري الأنهار ومختلف الروافد لتغذية بعض المشاريع وأيضا لتلبية الحاجات المتزايدة من المياه لسكان المدن الآخذة في التوسّع.

ورغم ذلك بدأت أزمة المياه تتحول إلى معضلة في البلاد، حيث فاجأ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مؤخّرا الرأي العام بإعلانه عن إمكانية نقل العاصمة إلى مكان آخر بسبب عدم القدرة على تلبية حاجاتها من المياه.

حكومة الرئيس بزشكيان تشرع في دراسة إمكانية نقل العاصمة إلى مدينة ساحلية تقع على الخليج في جنوب أو جنوب شرق البلاد

ووصف الرئيس وضع العاصمة بالخطير قائلا إنّها لم تعد لديها مياه، مرجعا الأزمة إلى موجة الجفاف الطويلة التي استمرت لسنوات، وموجها اللوم إلى الحكومة السابقة لتجاهلها المشكلة وعدم اتخاذها تدابير وقائية ضدّها في وقت مبكر.

وتقول شركة إدارة المياه في محافظة طهران إن احتياطيات السدود التي تزود طهران بالمياه وصلت هذه السنة إلى أدنى مستوى لها منذ قرن، بينما تظهر بيانات رسمية أخرى انخفاض مستويات المياه إلى أقل من نسبة عشرة في المئة في سبعة خزانات رئيسية بمناطق متفرقة من البلاد.

وجدد بزشكيان دعوته إلى البحث عن مكان بديل للعاصمة قائلا إنّ من بين مؤيدات تلك الدعوة أزمة السكن وارتفاع تكاليفه، ونقص المياه، وهبوط الأرض، والتلوث الهوائي الشديد.

وبحسب صحيفة شرق اليومية الإيرانية، فإن حكومة الرئيس بزشكيان شرعت بالفعل في دراسة إمكانية نقل العاصمة إلى مدينة ساحلية تقع على الخليج في جنوب أو جنوب شرق البلاد.

ولم يذكر بزشكيان موقعا محددا، لكنّ عددا من المعلقين قالوا إنّ محافظتي سيستان بلوشستان، وهرمزجان، تحظيان بأفضلية في هذا السياق.