مطالب حماس بإطلاق سراح "النخبة" وكبار القيادات تهدد بانهيار مفاوضات مصر
القدس – تستأنف المفاوضات غير المباشرة حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة اليوم الاثنين في شرم الشيخ، بمصر، وسط أجواء تفاؤل حذر، يقابلها حجم هائل من العقبات والمطالب الجريئة التي من المقرر أن تطرحها حركة حماس.
هذه المطالب، التي سلطت عليها "القناة 12" العبرية الضوء مساء الأحد، لا تمثل مجرد تفاصيل فنية، بل قضايا أخلاقية وسياسية من الدرجة الأولى باتت تهدد بتعطيل جهود إبرام اتفاق مستعجل تحت ضغط الجدول الزمني الذي فرضه الرئيس ترامب.
وأبرز هذه المطالب الجديدة وأكثرها حساسية، بحسب القناة، يتمثل في إصرار حماس على الإفراج عن "عناصر النخبة" الذين تم اعتقالهم بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ووفقا لثلاثة مصادر إسرائيلية تحدثت مع القناة تطالب الحركة كجزء من الصفقة، ليس فقط بالإفراج عن المعتقلين في الأشهر الأخيرة، بل وعن عناصر وحدة حماس النخبوية، وهؤلاء هم عناصر اعتقلوا بعد تسللهم إلى إسرائيل وشاركوا في العمليات العسكرية وأسروا رهائن.
وتؤكد القناة العبرية أن إسرائيل التزمت حتى الآن بموقف واضح وغير قابل للتفاوض، وهو عدم إطلاق سراح المئات من عناصر النخبة القابعين في السجون الإسرائيلية، وكان هذا القرار يُعتبر "مبدأ لا يمس" في جميع الاتفاقات السابقة.
لكن الآن، ومع إجراء المحادثات في ظل الجدول الزمني الملحّ للرئيس الأميركي دونالد ترامب والضغط لإبرام اتفاق خلال أيام، تحول هذا المطلب من بند تقني إلى محور نزاع يثير جدلا عميقا داخل تل أبيب حول التنازلات الممكنة.
بالإضافة إلى مطالبة النخبة، تتجه المفاوضات لتصطدم بقضية إطلاق سراح السجناء "الدوليين" وكبار المسجونين في إسرائيل، وهي إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل والمُتوقع طرحها في محادثات اليوم الاثنين.
وحتى الآن، طالبت إسرائيل في صفقات سابقة بالاحتفاظ بـحق النقض (الفيتو) على أسماء معينة، خاصة فيما يتعلق بالعناصر التي شاركت في الانتفاضة الثانية.
ومع ذلك، ووفقا لمصادر فلسطينية تحدثت إلى القناة "12"، فإن حماس تعتزم طرح مطلب جديد على طاولة المفاوضات، وهو تحديد مدة الإفراج بناء على مدة السجن وليس على خطورة الجرم، وهذا يعني أن السجين الأكبر سنا سيتم الإفراج عنه أسرع، بغض النظر عن التهم الموجهة إليه.
ووفقا للقناة 12 إذا قُبل هذا المطلب، فسيكون خطوة كبيرة ستؤدي إلى إطلاق سراح بعض من أعتى العناصر وأكثرهم وحشية بمن فيهم مروان البرغوثي، وإبراهيم حمد، وعبدالله البرغوثي، وأحمد سعدات، وحسن سلامة، وعباس السيد، المسؤول عن هجوم فندق بارك في نتانيا.
وقالت المصادر إن حركة حماس ستطالب برفع التحفظ الإسرائيلي عن هذه القائمة، مشيرة إلى أن هذه الفرصة الوحيدة الباقية لإطلاق سراحهم.
وحسب القناة العبرية، لم تقرر تل أبيب بعد كيفية الرد على هذا المطلب، ولكن من الواضح أن هذا البند من أكثر البنود إثارة للجدل في المفاوضات، مشيرة إلى أنه بند قد يعيق التقدم بل ويشعل جدلا شعبيا وسياسيا حادا داخل إسرائيل نفسها.
وأوضح المصدر ذاته أن النقاط الرئيسية الأخرى في موقف حماس في المفاوضات هي انسحاب إسرائيلي خلف الخطوط التي نصت عليها خطة ترامب، وإخلاء مناطق التجمعات السكانية، وضمانات وجداول زمنية للانسحاب النهائي، ووقف الطيران لمدة 10 - 12 ساعة في اليوم.
كما ذكرت أن حماس ستطالب بإلغاء الفيتو الإسرائيلي حول أسماء خمسين أسيرا من القيادات.
ومن المتوقع أن تطالب حركة حماس بربط المرحلة الأولى من الصفقة بالمراحل التالية التي تتناول الحكم والأمن وتسليم السلاح، والمعابر وإعادة الإعمار وغيرها بما يضمن تواصل وقف إطلاق النار في أثناء هذه المفاوضات التي قد تستغرق فترة طويلة من الزمن، ويتوقع أن ترفض إسرائيل هذا الربط.
وبالإضافة إلى كل ذلك، ستطالب حماس بإشراك السلطة الفلسطينية في المفاوضات المتعلقة بمصير قطاع غزة خاصة الحكم.
جاءت الدعوة لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ شهور بعد موافقة حماس على خطة الرئيس ترامب، والتي أبدت الحركة فيها استعدادها للتفاوض على المرحلة الأولى التي تنص على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات، مقابل 250 أسيرا فلسطينياً محكوماً عليه بالسجن مدى الحياة، و1700 أسير من قطاع غزة ممن اعتقلوا خلال الحرب وليس لهم علاقة بهجوم السابع من أكتوبر.
وتجري المفاوضات اليوم الاثنين بحضور الأطراف الثلاثة الوسيطة: الإدارة الأميركية، ومصر، وقطر. ورغم وجود أساس للتفاوض، فإن حجم المطالب الجريئة التي قدمتها حماس، لا سيما الإفراج عن عناصر النخبة وكسر مبدأ الفيتو على القيادات التاريخية، يشير إلى أن الطريق إلى الاتفاق محفوف بمخاطر الانهيار، وقد يؤدي إلى جدل سياسي وشعبي لا يمكن احتواؤه داخل إسرائيل.