مشروع مترو دمشق شريان حيوي للاقتصاد السوري يعود إلى النبض بدعم إماراتي
دمشق- تظهر دولة الإمارات العربية المتحدة على غرار بلدان إقليمية أخرى استعدادا للمشاركة بشكل فاعل في مساعدة سوريا خلال مرحلتها الجديدة على استعادة استقرارها وتوازنها، متخذة من الانخراط في عملية التنمية والإعمار وتنشيط الدورة الاقتصادية للبلد الجريح بعشرية من الحرب وسيلة لتحقيق ذلك.
وبرز إحياء مشروع مترو دمشق كحامل عملي للتوجه الإماراتي بما ينطوي عليه من فوائد كبيرة على اعتبار النقل عصبا حيويا للتنمية وشريانا أساسيا للاقتصاد.
وبحث وزير النقل السوري يعرب بدر ومحافظ دمشق ماهر إدلبي مع وفد من شركة إماراتية الجوانب الفنية والتمويلية والتنفيذية لمشروع المترو، وذلك خلال اجتماع عقد في دمشق، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.
◄ المترو سيسهم في تحسين البيئة الحضرية وتخفيف الانبعاثات الكربونية وتقديم خدمة عصرية وآمنة لسكان دمشق وزوارها
ويعود هذا المشروع الذي يُعد أضخم مشروع نقل عام في تاريخ سوريا إلى الواجهة بعد أكثر من أربعة عقود من التجميد حاملا معه آمالا بتحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية للعاصمة السورية، وذلك بدعم وتمويل إماراتيّيْن حاسمين.
وذكرت الوكالة أن المسؤولين السوريين بحثا مع “وفد من الشركة الوطنية للاستثمار ومقرها الشارقة بدولة الإمارات برئاسة حمد حسن الحمادي، الجوانب الفنية والتمويلية والتنفيذية لمشروع مترو دمشق، تمهيدا للوصول إلى مسودة مشروع مذكرة تفاهم لتنفيذ واستثمار المشروع.”
وأكد الجانبان على “أهمية المترو كأحد المشاريع الإستراتيجية الحيوية لتطوير منظومة النقل العام في العاصمة، لما له من دور في تخفيف الازدحام المروري، والحد من التلوث البيئي، وخدمة شريحة واسعة من المواطنين.”
ونقلت “سانا” عن وزير النقل السوري قوله إن “مشروع مترو دمشق يمثل خطوة إستراتيجية على طريق تطوير شبكة النقل العام في العاصمة،” مشيرا إلى أن “الحكومة تعمل مع الشركاء المحليين والدوليين لتأمين التمويل والتقنيات اللازمة بما يضمن تنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير العالمية، وبما ينعكس إيجابا على حياة المواطنين اليومية.”
ماهر إدلبي: مشروع مترو دمشق يمثل خطوة إستراتيجية على طريق تطوير شبكة النقل العام في العاصمة
من جهته أوضح محافظ دمشق أن المحافظة ستوفر كل التسهيلات المطلوبة لإنجاح المشروع باعتباره أحد الحلول الجوهرية لمعالجة الازدحام المروري في المدينة، لافتا إلى أن المترو سيُسهم في تحسين البيئة الحضرية وتخفيف الانبعاثات، إضافة إلى تقديم خدمة عصرية وآمنة لساكني دمشق وزوارها، وفقا للوكالة.
وشدد المجتمعون على أن المشروع سيشكل نقلة نوعية في النقل الحضري، مع الإشارة إلى أن عدد الرحلات المنتجة سيرتفع مع تزايد عدد السكان والتنقلات اليومية.
ومترو دمشق هو أحد المشاريع الإستراتيجية التي تهدف إلى تطوير منظومة النقل العام في العاصمة السورية. كما يهدف إلى تخفيف الازدحام المروري، والحد من التلوث البيئي، وخدمة عدد كبير من المواطنين في دمشق، وسيمتد الخط من مدينة المعضمية حتى منطقة القابون.
ويشكل التمويل الإماراتي المقدم من “الشركة الوطنية للاستثمار” ومقرها الشارقة حجر الزاوية في إحياء مشروع مترو دمشق. ومع تقدير مدير شؤون النقل البري في وزارة النقل علي إسبر في تصريح سابق لقناة الإخبارية السورية الكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 1.2 مليار يورو، فإن هذا الدعم المالي يمثل عاملا حيويا لتمكين الحكومة السورية من تحقيق هذا الطموح الإستراتيجي.
ولا تقتصر مشاركة الشركة الإماراتية على الجانب المالي فقط، بل تشمل الخبرة الفنية والتقنية اللازمة لتنفيذ المشروع. ويعكس هذا التعاون أهمية العلاقات الثنائية في دعم المشاريع التنموية الكبرى، ما يمنح المشروع دفعة قوية نحو التنفيذ بعد سنوات من التوقف.
ولا يُنظر لمشروع المترو على أنه مجرد إنشاء خطّ للنقل بل كخطوة إستراتيجية متعددة الأبعاد. ويؤكد المسؤولون السوريون أن المشروع سيُسهم في التخفيف من الازدحام المروري الخانق والحد من التلوث البيئي في العاصمة، ما يعود بالنفع على جودة حياة المواطنين.
ويمتد الخط الأخضر على مسافة 16.5 كيلومتر ويضم 17 محطة، ومن المتوقع أن يخدم حوالي 840 ألف راكب يوميا، ما يجعل له تأثيرا مباشرا على شريحة واسعة من السكان.
◄ التمويل الإماراتي المقدم من "الشركة الوطنية للاستثمار" ومقرها الشارقة يشكل حجر الزاوية في إحياء مشروع مترو دمشق
كما أن كفاءة التشغيل، التي تشمل زمنا للرحلة لا يتجاوز 30 دقيقة وسرعة قصوى تصل إلى 80 كيلومترا في الساعة، تُبرز مدى التطور الذي سيضيفه هذا المشروع إلى منظومة النقل العام في العاصمة السورية التي تأثرت بنيتها التحتية بالحرب والمشاكل الاقتصادية والمالية التي عاشها البلد.
ويتميز المشروع بجدواه الاقتصادية المرتفعة، والتي تجعله جذابا للجهات الاستثمارية الكبرى، حيث أشار علي إسبر إلى أن المشروع سيحقق عائدات تشغيلية مرتفعة بفضل كثافة الرحلات اليومية، بالإضافة إلى الإمكانات الاستثمارية للمحطات التبادلية التي تقع في مناطق ذات كثافة سكانية عالية. هذه العائدات المباشرة وغير المباشرة ستُسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
وعلاوة على ذلك سيوفر المشروع، بحسب المسؤول نفسه، فرص عمل واسعة للعمالة المحلية مع خطة لتدريب الكوادر السورية على جميع أنظمة التشغيل، ما يضمن استدامة المشروع على المدى الطويل. كما أن سهولة التنقل التي يوفرها المترو ستُسهم في تعزيز النشاط التجاري والسياحي داخل المدينة، وهو ما يضيف بعدا تنمويا آخر للمشروع.
ولن يخلو تنفيذ المشروع من تحديات، أبرزها فترة التنفيذ الطويلة المقدرة بخمس إلى سبع سنوات، بالإضافة إلى الحاجة إلى تأمين التمويل والتقنيات اللازمة لضمان تنفيذ المشروع وفقاً لأعلى المعايير العالمية. لكن إظهار الجانب الإماراتي التزاما واضحا بتوفير التمويل والتعاون الفني، بالإضافة إلى التسهيلات التي وعدت بها محافظة دمشق، يعطي دافعا قويا لتجاوز هذه العقبات.
ويمثل مشروع مترو دمشق أكثر من مجرد خط نقل، حيث يعتبر أحد العناوين البارزة لاستئناف عملية التنمية شبه المتوقفة وإعادة الإعمار في سوريا بشراكات إقليمية حيوية.