محاكمة المقاتلين الأكراد التفاف تركي على اتفاق تسليم السلاح

الاتفاق مهّد الطريق لنزع سلاح المقاتلين الأكراد دون توضيح ما إذا كانت أنقرة ستعلن عن إجراءات تتعلق بالعفو عنهم وإعادة إدماجهم.
الأربعاء 2025/08/20
في غياب ضمانات تركية

أنقرة – قال أحد المحاربين القدامى في صراع تركيا المستمر منذ عقود مع مسلحي حزب العمال الكردستاني الثلاثاء لنواب البرلمان إن الوحدة الوطنية والمساءلة القانونية ضروريتان في إطار عملية السلام مع الجماعة المسلحة، في إشارة إلى محاكمة المقاتلين الأكراد الذين يسلّمون أسلحتهم وفق الاتفاق الذي جرى توقيعه في مايو الماضي.

وكانت جهات كردية قد حذّرت من أن قرار حزب العمال حل نفسه ودعوة مقاتليه إلى تسليم أسلحتهم ربما يكون مغامرة ما لم يحصل الحزب على ضمانات تركية واضحة عبر جهات وسيطة وذات مصداقية لمنع الالتفاف على الاتفاق بأيّ طريقة، مثل ما يجري حاليا من دعوات لمحاسبة المقاتلين الأكراد على أعمال عسكرية سابقة والزج بهم في السجون بعد أن نزلوا من الجبال وسلّموا الأسلحة.

ومن البداية كان الاتفاق غامضا خاصة من جانب تركيا التي اكتفى المسؤولون الكبار فيها بتصريحات عامة دون أيّ التزام واضح لصالح المقاتلين الذين غامروا بتسليم السلاح في وقت بدا فيه الاتفاق كما لو أنه واجهة لاستسلام المقاتلين وليس صفقة فيها التزامات متبادلة.

وقف التمرد المسلح يعتبر نصرا سياسيا للرئيس التركي، حيث سيحسب لصالح رغبته في الاستمرار في ولاية رئاسية جديدة

ومهد الاتفاق الطريق لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني، من دون توضيح كيفية التفاعل التركي معه، وما إذا كانت أنقرة ستعلن عن إجراءات تتعلق بالعفو عن المسلحين وإعادة إدماجهم في الحياة العامة.

والسؤال الأكثر أهمية كان وقتها كيف ستتصرف مع القيادات الميدانية التي قادت المعارك والتي تقف وراء مقتل أعداد من الجنود الأتراك، هل ستعفو أنقرة عن هؤلاء وتثير غضب الشارع أم تفعل العكس وتثير مخاوف المسلحين وتبطئ عمليات تسليم السلاح.

وقال لقمان آيلاش، رئيس جمعية عائلات الجنود القتلى والجرحى، والذي فقد إحدى عينيه خلال اشتباكات خاضها ضمن القوات التركية، إنه يؤيد عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني الجارية حاليا لكنه أكد ضرورة مثول أعضاء الجماعة للعدالة.

وتحدث آيلاش وعدد من أفراد عائلات قتلى الصراع الذي استمر أربعة عقود أمام لجنة برلمانية تشرف على عملية نزع السلاح. وشكك البعض في التزام حزب العمال الكردستاني بالسلام وشدّدوا على صعوبة الطريق أمام حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقال آيلاش للجنة “دون الوحدة، لا يمكن هزيمة الإرهاب. يجب أن يكون ذلك قضية جميع مواطني تركيا البالغ عددهم 85 مليونا”. وأضاف “يجب محاسبة أولئك الذين أطلقوا النار على جنودنا وشرطيينا أمام القانون. عودتهم (إلى تركيا) ستُلحق جرحا عميقا بعائلات الشهداء والمحاربين القدامى”.

وأصيب آيلاش في عام 1996 خلال اشتباكات مع حزب العمال الكردستاني في مناطق جنوب شرق البلاد ذات الغالبية الكردية.

pp

وأعلن حزب العمال الكردستاني، الذي حمل السلاح في 1984 ضد الدولة التركية، في مايو أنه سيسلم سلاحه ويحل نفسه. وتم تشكيل اللجنة البرلمانية هذا الشهر لتمهيد الطريق نحو سلام دائم، وهو ما سيتردد صداه أيضا في العراق وسوريا.

ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم في القتال على مدى أكثر من أربعة عقود. ويعتبر وقف التمرد المسلح نصرا سياسيا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث سيحسب لصالح رغبته في الاستمرار في ولاية رئاسية جديدة.

ومن المقرر أن تنتهي ولاية أردوغان دستوريا في 2028، ولا يمكنه الترشح مرة ثالثة بحسب الدستور التركي، لذلك قد يحتاج إلى تعديل دستوري أو دعوة إلى انتخابات مبكرة. لكن الائتلاف الحكومي يفتقر حاليا إلى الأصوات البرلمانية اللازمة لتفعيل مثل هذه التغييرات، ما يضطره إلى السعي لحشد دعم المعارضة، والاختراق في الملف الكردي قد يساعده في هذه المهمة.

لكن سيظل الانفتاح على الأكراد سيفا ذا حدين، فمثلما أنه قد يصب في صالح أردوغان بالحصول على دعم من أحزاب ونواب أكراد، فقد يدفع إلى خسارة مصداقيته شعبيا كما قد يطيح بتحالفه مع الحركة القومية اليمينية.

ومن شأن تلكؤ الحكومة في التفاعل إيجابيا مع خيار تسليم السلاح من أيدي مقاتلي حزب العمال أن يثير ردود فعل بهدف إعادة خلط الأوراق سواء من جهة أنصار الحزب ومقاتليه الذي يسعون لتأكيد أن لديهم ما يكفي من أوراق الضغط، أو من أتراك معارضين للاتفاق ويخططون لإشعال التوتر من جديد.

وفي هذا السياق، تم إضرام النار في سيارة قرب البرلمان التركي قبل ساعات فقط من تحدث أُسر بعض الضحايا أمام اللجنة، وهو ما يعيد إلى الأذهان ويلات الصراع.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية سيارة من طراز رينو توروس بيضاء اللون وهي تحترق لفترة وجيزة أمام البوابة الرئيسية للبرلمان صباح الثلاثاء.

pp

وقالت وزارة الداخلية التركية إن الرجل المحتجز لاتهامه بإشعالها يعاني من مشاكل نفسية وله أيضا سجل جنائي سابق. وأوضحت أن المتهم ارتكب الواقعة احتجاجا على لوائح الحوافز الضريبية على السيارات الخردة.

ويرتبط هذا النوع من السيارات بواحدة من أكثر مراحل الصراع مع حزب العمال الكردستاني دموية، في تسعينات القرن الماضي في جنوب شرق البلاد، إذ كانت تستخدم في عمليات خطف وقتل خارج نطاق القضاء نسبت إلى جماعات ذات صلة بالدولة.

وتصنف تركيا وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية. وحث زعيمه المسجون عبدالله أوجلان على إنهاء التمرد. وفي خطوة أولى رمزية، أحرق بعض المسلحين أسلحتهم الشهر الماضي في مراسم بشمال العراق حيث يتمركزون الآن.

1