محاربة الرذيلة تسبب قطعا شاملا للاتصالات في أفغانستان
كابول – شهدت أفغانستان، الثلاثاء، يوما ثانيا من دون خدمة اتصالات وإنترنت بعدما قطعت سلطات طالبان شبكة الألياف البصرية.
وبدأت السلطات بقطع الاتصالات والإنترنت عن بعض الولايات في وقت سابق من هذا الشهر لـ”منع الرذيلة”، وذلك في مظهر لحالة من التصاعد الملحوظ في تشدّد الحركة وارتدادها بقوة على المجتمع بالتوازي مع تدهور شديد في الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية منذر بانفجار شعبي وشيك.
وليل الاثنين – الثلاثاء ضعفت إشارة الهاتف المحمول وخدمة الإنترنت تدريجيا حتى أصبحت نسبة “الاتصال الوطني الإجمالي أقل من 1 في المئة من المستويات الطبيعية، ما يجعل الأمر انقطاعا شاملا،” وفق ما أفادت به منظمة نتبلوكس لرصد الإنترنت والأمن السيبراني.
وهذه المرة الأولى التي تقطع فيها الاتصالات منذ عودة طالبان إلى الحكم في 2021 وفرضها قوانين تستند إلى رؤية متشددة للشريعة الإسلامية.
مؤشر آخر على ارتداد طالبان على المجتمع بالتوازي مع سوء الأوضاع الاجتماعية المنذر بانفجار شعبي
وقال الأربعيني نجيب الله، وهو صاحب متجر في كابول، “نحن مثل المصابين بالعمى من دون هواتف وإنترنت.” وأضاف “أعمالنا تعتمد على الهاتف. يتم توصيل الطلبات عبر الهاتف. الأمر أشبه بعطلة، الجميع في منازلهم. والسوق في حالة شلل.”
وقبل دقائق من قطع خدمة الإنترنت والاتصالات أفاد مصدر حكومي وكالة فرانس برس بأن الانقطاع سيستمر “حتى إشعار آخر.” وأضاف، طالبا عدم كشف هويته، أن الخدمة “سيتم قطعها، سيحدث ذلك تدريجيا…، هناك ما بين ثمانية إلى تسعة آلاف عمود اتصالات سيتم قطع خدمتها.”
وقال “ليست هناك أي وسيلة أو نظام آخر للاتصال، سيتأثر القطاع المصرفي والجمارك وكل شيء في أنحاء البلاد.” وقالت نتبلوكس إن “قطعا شاملا لخدمة الاتصالات بدأ على مستوى البلاد،” مشيرة إلى أن الواقعة “تتوافق مع فصل متعمّد للخدمة.”
وقالت وكالة فرانس برس إنها فقدت بالكامل الاتصال بمكتبها عبر الهاتف النقال في العاصمة كابول. وقال أفغاني يبلغ من العمر أربعين عاما، ويعيش في بلد خليجي، عبر رسالة نصية طالبا عدم كشف هويته “بسبب قطع خدمات الاتصالات والإنترنت انقطعت تماما عن عائلتي في كابول.” وأضاف “لا أعرف ماذا يحدث، أنا قلق حقا.”
وذكرت تقارير أن زعيم طالبان تجاهل تحذيرات بعض المسؤولين في وقت سابق من هذا الشهر بشأن التداعيات الاقتصادية لقطع الإنترنت، وأمر السلطات بالمضي قدما في الحظر على مستوى البلاد.
وقالت مصادر لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن أغلب شبكات الهاتف المحمول متوقفة. وفي غضون ذلك قال مصدر في الأمم المتحدة إن “العمليات تأثرت بشدة، وقد عادت إلى الاتصالات اللاسلكية ووصلات الأقمار الاصطناعية المحدودة.”
وغالبا ما يتم تمرير خدمات الهاتف عبر الإنترنت، باستخدام خطوط الألياف نفسها، خصوصا في البلدان التي تفتقر إلى بنية تحتية قوية للاتصالات.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية كانت اتصالات الإنترنت بطيئة جدا أو متقطعة. وفي السادس عشر من سبتمبر الجاري أعلن الناطق باسم ولاية بلخ شمالي البلاد عطاالله زيد حظر الإنترنت عبر الألياف الضوئية بالكامل وفصل الشبكة بأمر من القائد الأعلى لطالبان هبة الله أخوند زاده.
وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي “اتُخذ هذا الإجراء لمكافحة الرذيلة، وسيتم توفير خيارات بديلة في كل أنحاء البلاد لتلبية حاجات الاتصال.” وأفاد مراسلو وكالات الأنباء آنذاك بفرض القيود نفسها في ولايتي بدخشان وتخار الشماليتين، وكذلك في قندهار وهلمند وننغرهار وأوروزغان في الجنوب.
وفي عام 2024 أعلنت كابول أن الألياف الضوئية التي نشرتها السلطات السابقة مطلع الألفية الثالثة ويصل طولها إلى 9350 كيلومترا، تمثل “أولوية لتقريب البلاد من بقية العالم” و”التخلص من الفقر.”