متحف الإعلام يضاف إلى المنظومة القطرية لإعادة تشكيل الحقيقة

الدوحة - يتأمل ألفريدو كراميروتي، مدير مجلس الإعلام في جامعة نورثويسترن قطر، أول متحف مخصص للإعلام في الشرق الأوسط، التحديات والامتيازات التي يتمتع بها قادة مثل هذه المؤسسة، فعلى عكس المتاحف التقليدية التي تقدم المعلومات وتترك للزوار استخلاص استنتاجاتهم الخاصة، يستكشف المجلس آليات تشكيل الحقيقة نفسها وأحيانًا التلاعب بها. وقال كراميروتي في تصريحات صحيفة "عرب نيوز": “نحن لا نحكم على الحقيقة، بل نعمل على تفكيك الوسائل التي يتم من خلالها بناء الحقيقة، وتداولها، وتحديها.”

وتعتمد الدوحة على منظومتها الإعلامية التي تشكل القوى الناعمة للدولة الخليجية لترويج سرديتها وأجندتها في المنطقة بما يتلاءم مع سياساتها، وتخصص ميزانية كبيرة لهذا القطاع مستعينة بخبراء دوليين لهذه الغاية، بالاعتماد على قنوات رقمية وآلاف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتم افتتاح مجلس الإعلام بجامعة نورثويسترن في قطر المصمم خصيصا لدراسة الصحافة والتواصل والإعلام في المنطقة العربية في حرم الجامعة في الدوحة.

وخصصت الدوحة حملة دعائية كبيرة مع انطلاق المجلس عام 2019، الذي يضم واجهة متعددة الشاشات، بالإضافة إلى مساحة تجمع بين محتوى المعرض والتكنولوجيا. وذكر القائمون عليه أن هذه التقنية تعمل على إثراء تجربة الزوّار من خلال دعوتهم للتفاعل مع المواضيع التي تربط الجمهور بالمشهد الإعلامي الدائم التغيّر.

ومن خلال اختيار اسمه من المجلس العربي التقليدي – أو مكان التجمع – يعتبر المتحف مصدرًا حيويا للتواصل بين الأفراد، إذ يربط قيم الثقافة المحلية بالاهتمامات العالمية، علما أن جميع المعارض تُقدم باللغتين الإنجليزية والعربية، مما يدعم جوهر المتحف العالمي ويزيل الحواجز اللغوية لسرد القصة كاملة، بحسب القائمين عليه.

وقال عميد جامعة نورثويسترن في قطر ورئيسها التنفيذي إيفيرت دينيس: “إن مجلس الإعلام، الذي تم تطويره على مدار عقد من الزمن، هو مساحة يمكن من خلالها للطلاب وأعضاء هيئة التدريس لدينا، ولعامة الناس، التفاعل مع محتوى يدرس الوسائل الإعلامية وأثرها. وتسلط برمجة المتحف، التي ستستكشف كل القضايا من التمثيل العربي في السينما، إلى الرقابة والهوية، الضوء على أهمية وسائل الإعلام في المجتمع وتعتمد على الصور والمواد من المصادر المحلية والمجموعات العالمية.”

وذكر كراميروتي في وسط حديثه عن المعرض القادم في المتحف، والذي سيفتتح في مطلع سبتمبر القادم، أن سهولة النقر على الميم جعلتها من أقوى أدوات التواصل اليوم. إنها بالضبط ذلك النوع من الآثار الثقافية التي تستحق دراسة أعمق. وأضاف كراميروتي قائلا "بدلا من التحدث نيابة عن الآخرين، فإننا نعمل على خلق الظروف التي تسمح لكلماتهم وصورهم وقراراتهم بالتحدث عن نفسها."

ويعتبر متحف مجلس الإعلام واحدا من المجموعة الإعلامية القطرية التي تقدم صورة براقة متطورة للدولة الخليجية التي تمتلك أفضل التقنيات في العالم، لكنها في نفس الوقت لا يمكن أن تخفي أن ضخ الأموال يهدف بالمقام الأول إلى السيطرة على خطاب الإعلام الفضائي خاصة، ومحاولة للسيطرة على ماكينة صناعة الخبر عبر حزمة من الأخبار والتحقيقات التي توجهها بطريقة معينة افتقرت في الكثير من الأحيان إلى الشفافية وحتى المصداقية، وسبق أن نشرت صحيفة لوموند الفرنسية عن عزمي بشارة، النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، والمقيم في قطر، والذي يدير إمبراطورية إعلامية مموّلة من الدوحة، اعترافا بأنه يستخدم هذه الإمبراطورية للتأثير على الرأي العام.

وتحشد قطر عبر فضائيات وحسابات مواقع التواصل ومنصات إعلامية متنوعة، وتغدق الأموال على مجموعة كبيرة من العاملين تتنوع بين محللين، وصحافيين، ومفكرين، وخبراء في الشأن السياسي والاقتصادي، لضمان إحكام تماسك الحبكة الإعلامية التي تروج لها وتعتبر من أهم القوى الناعمة التي تحافظ على مصالحها.