مبادرة "الداخلية" لتنظيم الظواهر الاجتماعية تثير ضجة في الأردن
عمّان- أثارت مبادرة عرضها وزير الداخلية الأردني مازن الفراية لتنظيم المظاهر الاجتماعية، والتي تستهدف وضع حد للبذخ والتباهي في المناسبات الاجتماعية، جدلا واسعا في المملكة.
وانقسمت المواقف بين مؤيد يرى أن بعض العادات الاجتماعية باتت تشكل عبئا ماليا ثقيلا على المواطن وأن من واجب الدولة التحرك وتوعية المواطنين، وبين متحفظ اعتبر أن العزاء والجاهات وباقي المناسبات تندرج في صلب التقاليد المجتمعية التي لا يمكن تقنينها بقرارات رسمية.
وتضمنت المبادرة المثيرة للجدل جملة من الإجراءات أبرزها اقتصار بيوت العزاء على يوم واحد فقط، وأن يتم الاكتفاء بتقديم الطعام لذوي المتوفى.
وفي ما يتعلق بحفلات الزفاف فقد دعت المبادرة، إلى الاقتصار على حفلات صغيرة ومتواضعة لا يزيد عدد المدعوين فيها عن 200 شخص، والامتناع عن إقامة المهرجانات والمواكب التي تعطل حركة السير وتسبب إزعاجًا للآخرين.
وأشارت مبادرة وزير الداخلية إلى أن الجاهات (حفلات الخطوبة) يجب أن تعود إلى طابعها العشائري البسيط، بحيث لا يتجاوز عدد المشاركين من أهل العريس 30 شخصًا، مع استقبال عدد مماثل من أهل العروس، ومن دون دعوة أصحاب المناصب السياسية لترؤس الجاهات، تحقيقًا للمساواة وضبط النفقات.
علي السنيد: المنظومة الاجتماعية تحتاج إلى المراجعة على ضوء تطورات الحياة
وطلبت وزارة الداخلية من الحكام الإداريين عرض المبادرة على المجالس التنفيذية والأمنية ومؤسسات المجتمع المدني والوجهاء والمواطنين لتبنيها والتوقيع عليها.
واستنفرت الجهات المحلية في المحافظات الأردنية جهودها لدعم المبادرة، وتشجيع المواطنين على التوقيع عليها. ونظمت فعاليات شعبية للغرض، كما انخرطت وسائل إعلام محلية في التوعية بالمبادرة.
وتأتي المبادرة في وقت يرزح فيه المواطن الأردني تحت أعباء معيشية متزايدة، وتشير تقارير أطلس أهداف التنمية المستدامة لعام 2023 إلى أن عدد الفقراء في الأردن بلغ نحو 3.98 مليون شخص، أي ما يعادل 35 في المئة من إجمالي السكان، مع تحديد خط الفقر الوطني للفرد عند 7.9 دولار يوميا.
ومن المعروف في الأردن، كما في معظم الدول العربية أن المناسبات الاجتماعية تأخذ طابعا كرنفاليا، وهناك تنافس على البذخ، والمبالغة في التكاليف، حتى وإن كان ذلك من خلال الاقتراض.
وقال النائب السابق في مجلس النواب الأردني علي السنيد إن “المبادرة تستهدف التغيير الاجتماعي، وهي دعوة للمجتمع للإفاقة من ازدحام برنامجه الاجتماعي والذهاب إلى حياة أقل تعقيدا. ووقف الهدر في الطعام المتواصل في كل مناسباتنا العامة.”
وأشار السنيد في مقال نشرته وكالة “عمون” المحلية أن المنظومة الاجتماعية تحتاج إلى المراجعة على ضوء تطورات الحياة، وهذا لا يمثل بأيّ شكل من الأشكال مسّا بالعادات والتقاليد، وإنما لتطوير هذه العادات وتطويعها مع الزمن، ولضرورة التجاوب مع روح العصر، ووقف حالة التفاخر الاجتماعي التي صعبت طريقة العيش على الناس.
في المقابل علقت المحامية رنا سعد التل على المبادرة في “راديو البلد” قائلة “نحن نعلم أن الهدف من هذه القرارات هو التخفيف عن الناس، لكن الشاب اليوم يواجه تحديات أكبر من مجرد تنظيم حفلة خطوبة أو عرس، فالراتب لا يكفي، والإيجارات مرتفعة، والقروض تثقل كاهله، الفرح حق طبيعي، لكن الحل ليس بتحديد أعداد المدعوين، بل بتحسين أوضاع الشباب وتوفير فرص عمل كريمة.”