ماذا وراء حذف موقع الشروق الجزائري مقالا عن صفقة الغاز الصخري مع شيفرون
الجزائر - كشف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر حذف موقع الشروق الجزائري المقال الذي نشره نقلا عن بلومبيرغ والذي تحدث عن قرب إبرام الجزائر لصفقة الغاز الصخري مع شيفرون، الشريك الإستراتيجي في مجال الطاقة لإسرائيل، واكسون موبيل.
وكشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن الجزائر باتت على وشك توقيع اتفاقيتين مع شركتي الطاقة الأميركيتين إكسون موبيل وشيفرون، بهدف استغلال احتياطاتها الضخمة من الغاز الصخري، المصنفة ثالث أكبر احتياطي عالمي.
ووفق المصدر ذاته، فقد قطعت المفاوضات أشواطا متقدمة عقب التوصل إلى توافق بشأن أغلب الجوانب التقنية الأساسية، بينما مازالت بعض الجزئيات ذات الطابع التجاري محل نقاش بغية الحسم النهائي فيها.
وقال الإعلامي الجزائري وليد كبير في تدوينة على إكس:
@oualido
طبعا من اتخذ قرار الحذف هو المخابرات العسكرية والسبب هو ربط هذه الصفقة بتودد العسكر لإسرائيل عبر شيفرون ومن ثمة كسب ورقة ضغط على الإدارة الأميركية حتى لا تذهب بعيدا في ملف الصحراء المغربية ويتم الحسم على مستوى مجلس الأمن لصالح المغرب.
ويعكس هذا التوجه، وفق متابعين، سعي الجزائر إلى استثمار ورقة الطاقة كأداة سياسية، تتجاوز بعدها الاقتصادي لتخدم أجندة ترتبط أساسا بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، فالنظام الجزائري يحاول استمالة كبريات الشركات الأميركية عبر إغراءات استثمارية ضخمة، في مسعى إلى خلق قنوات تأثير غير مباشرة داخل دوائر القرار في واشنطن، على أمل إعادة صياغة بعض المواقف إزاء هذا الملف.
وأضاف كبير في هذا السياق “العسكر يريد رهن ثروات الصحراء الشرقية كي لا يتم حل مشكلة الصحراء الغربية هناك”. وتابع أن “أمرا آخر دفع إلى حذف المقال متعلقا بالآثار المدمرة لاستغلال الغاز الصخري على البيئة وسكان الصحراء الشرقية”. وقال:
@oualido
خافوا من إثارة الموضوع وخلق نقاش يفضي إلى انتفاضة سكان تلك المنطقة مجددا بعد أن رفضوا سنة 2014 مشروع استغلال الغاز الصخري. حذف المقال رسالة أيضا لأولئك الذين لم يفهموا بعد كيف يفكر العسكر ولم يقدروا بعد خطورة خبثه، وسنستمر في فضح العسكر حتى يستسلم ويرفع الراية البيضاء.
من جانبه قال الناشط الطالبي غازي:
@ghazi_talb
حذف المقال كان أمرا مباشرا من المخابرات العسكرية التي رأت في الربط بين الصفقة والتودد لإسرائيل تهديدا لصورة النظام العسكري الذي يتشدق بعنترياته دفاعا عن فلسطين. الصفقة ليست اقتصادية بقدر ما هي مناورة جيوسياسية خبيثة، العسكر يراهن على شيفرون كورقة ضغط داخل مجلس الأمن، أملا في كبح دعم الولايات المتحدة للموقف المغربي. لكن الثمن باهظ وهو رهن ثروات وطنية، وتجاهل إرادة سكان الجنوب الذين رفضوا الغاز الصخري سنة 2014.
وتساءل غازي “هل يُعقل أن يستغل الكبرانات البيئة والإنسان كورقة تفاوض سياسي، بينما هم وعبر إعلامهم يلعبون دور الغاضب من النفايات النووية الفرنسية؟”.
وأكد في هذا السياق ذاته أن “إعلام الكبرانات ينفذ أوامر قصر المرادية بلا نقاش، الشروق تحولت من منبر إعلامي إلى أداة رقابة، تحذف ما يزعج العسكر وتغطي على خياناتهم. من يراهن على الغاز الصخري لشراء صمت واشنطن، سيخسر البيئة، والشعب، والكرامة”.
يذكر أن كثيرا ما تجبر المواقع الإلكترونية في الجزائر على حذف مقالات. وفي يونيو الماضي حذف موقع الشروق مقالا كتبه الصحافي عبدالحميد عثماني والذي وصف فيه الولايات المتحدة بـ”الكيان الإرهابي”، وذلك عقب إطلاق صواريخ على إيران.
وتكافح وسائل الإعلام في الجزائر من أجل بقائها في بيئة إعلامية معقدة، حيث غالبا ما تُقايض الاستقلالية التحريرية بالبقاء المالي.
ويواجه الإعلام الجزائري حاليا تحديات جسيمة، لا ترتبط فقط بالضغوط السياسية، بل أيضا بهشاشة النموذج الاقتصادي. وتشمل هذه التحديات الاعتماد على الإعلانات العامة، وهشاشة أوضاع الصحافيين، وغياب إستراتيجيات مستدامة.
تمارس السلطات الجزائرية سيطرة اقتصادية صارمة على المشهد الإعلامي. تحتكر الوكالة الوطنية للنشر والإعلان توزيع الإعلانات العامة في الجزائر، وهو ما يُعدّ أداةً قويةً لتحديد شروط بقاء وسائل الإعلام. تُدير هذه الوكالة الجزء الأكبر من ميزانيات الإعلانات للدولة والمؤسسات العامة. ومع ذلك، غالبا ما تُستبعد وسائل الإعلام التي تتبنى موقفا تحريريا ناقدا للحكومة أو المؤسسات العامة من هذا التمويل، مما يثقل كاهل نموذجها الاقتصادي بشدة.
في مواجهة هذا الاعتماد الكبير على الإعلانات العامة، سعت بعض وسائل الإعلام الجزائرية إلى تنويع نموذجها الاقتصادي. وقد تم استكشاف مبادرات مثل الاشتراكات الرقمية والتبرعات والمحتوى المتميز، إلا أن هذه البدائل سرعان ما واجهت العديد من العقبات.
بالإضافة إلى التحديات التقنية والاقتصادية، يحظر القانون الجزائري على وسائل الإعلام الوطنية تلقي تمويل أجنبي مباشر أو غير مباشر. ويمنع هذا التقييد وسائل الإعلام من تنويع مصادرها وإيجاد مصادر تمويل جديدة.