ليون.. مدينة تعيد تشكيل كينونتها كل صباح

المدينة الفرنسية تمشي بين نهرين مفتوحة على التأويل.
الأحد 2025/07/20
كائن جغرافي يتنفس من ضفتين

هناك مدن تتجاوز معمارها وتضاريسها ومساحتها لتكون تجربة إنسانية متكاملة، فيها تتمازج الثقافات والأعراق وتتجدد الروح والرؤى والمشاعر والأفكار، ولذا تكون زيارتها تجربة حية لاكتشاف من نوع آخر. ليون الفرنسية من هذه المدن التي تمثل زيارتها تجربة مثيرة لكل من يهوى إعادة اكتشاف ذاته.

أن تكتب عن ليون، هو أن تمد يدك إلى الضوء وهو ينفلت، كمن يحاول الإمساك بصوت قديم في الريح، أو ترجمة صمت حجر ظل يصغي لخطى القرون دون أن يفقد ملامحه. ليون ليست مدينة تزار، بل كينونة تقيم فيك، شيئا فشيئا، بصمت ورفق، حتى تغدو جزءا من نفسك، من نبضك، من طريقتك في الإنصات لما حولك.

في قلب الجنوب الشرقي الفرنسي، عند التقاء الرون والسون، تقف ليون لا كمدينة عابرة، بل ككائن جغرافي ينبض بالتاريخ، ويتنفس من ضفتين. مساحتها لا تقاس فقط بالكيلومترات، بل باتساع ذاكرتها، وباتزانها النادر بين الحاضر والحنين.

يسكنها ما يزيد على نصف مليون شخص، وتحضن، في حضنها الأوسع، أكثر من مليونين من البشر، يتوزعون بين أحياء صاعدة وتلال تحفظ صوت الصناعة الأولى وهمس الأديرة القديمة. وجوهها متعددة، دياناتها متجاورة، ولغاتها تتقاطع في المقاهي كما تتقاطع الأرواح في الأسواق.

ليون لا تقصد فقط، بل يعاد اكتشافها كل مرة. يزورها الملايين سنويا، لا لجمالها المعماري وحده، بل لأنها تعرف كيف تضيء من الداخل. في “عيد الأضواء”، كما في الأزقة الحجرية، تعلم زائرها أن النور لا يأتي من الخارج، بل من المعنى الذي يمنحه الإنسان للمكان.

إنها ليست متحفا يحفظ، ولا مجرد مختبر يبتكر فيه، بل مدينة تمشي بين النهرين كمن يعرف طريقه بين الماضي والمستقبل، دون أن يفقد توازنه.

نبض مدينة حية

كل ضفة من ضفاف المدينة تروي سيرة مختلفة، كأنها صفحات لذات واحدة تعرفت على نفسها عبر الاختلاف

في أزقتها، لا تعبر من زمن إلى زمن وحسب، بل تعبر من ذات إلى أخرى، من وعي إلى أعمق منه. المدينة لا تقدم لك على طبق من وضوح، بل تمنحك فسيفساءها كي تعيد تأويلها في كل مرة تراها: منوال يطرق في كروا روس كقلب يصلي لعمل لا ينتهي، ومئذنة فورفيير ترتفع كأمل لا يتعب، وشمعة تضاء في عيد الأضواء لا لتبدد الظلمة، بل لتذكرك بجمال الهشاشة حين تضيء من الداخل.

الترابول ليست ممرات خفية فقط، بل شقوق في نسيج الزمن، يعبرها العابرون كما تعبر الأرواح أحلامها القديمة. حتى ابتسامة المهاجر ليست مجرد لحظة عابرة، بل إعلان وجود، خيط دافئ من نسيج الانتماء في عالم كثيرا ما ينكر على الإنسان جذوره الجديدة.

ليون ليست مشهدا تلقي عليه نظرة وتمضي، بل كتاب تعاد قراءته بلا نهاية. هي الرواية التي لا تغلق دفتيها، لأنها لا تنتهي في سطور، بل تبدأ دوما في القلب.

حين يلتقي الرون بالسون، لا تندمج المياه فحسب، بل تنعقد لحظة تتجاوز الجغرافيا لتغدو شعرا حيا يسيل في عروق المدينة. في ذلك الالتقاء، لا يصبح الماء مجرد عنصر، بل يتحول إلى ذاكرة سائلة، تنقل في مجراها ما لم يعد يقال: حكايات الغابرين، صلوات العابرين، ونبض الذين لم يجدوا لغة سوى الصمت ليفصحوا عن انتمائهم.

كل ضفة من ضفاف المدينة تروي سيرة مختلفة، كأنها صفحات لذات واحدة تعرفت على نفسها عبر الاختلاف. والجسور التي تعبر النهرين ليست مجرد أبنية تمتد في الفراغ، بل معابر وجدانية، يمر من خلالها الإنسان كما تمر الفكرة من وعي إلى أعمق. إنها لحظة مصالحة بين الضفتين، بين ما نفهمه من المدينة وما نخمنه فيها.

في قلب هذا التشابك المائي، تولد “بريسكيل”؛ جزيرة لا تقاس بمساحتها، بل بإيحاءاتها. ليست تقسيما جغرافيا، بل استعارة نابضة لقلب المدينة، ذاك القلب الذي يخفق بين طرفي الذات: الوعي بما عرف وعاش، واللاوعي بما يختزن ويؤجل. بين الذاكرة التي صنعتها الأيام، والحلم الذي لم يصغ بعد.

من التلاقي بين النقيضين العنف والهدوء، الذاكرة والتوق، الماء والحجر تبنى ليون: مدينة تعيش في قلب المفارقة

الرون، الهابط بقوة من جبال الألب، يأتي كماضي المدينة الرومانية، حين كانت “لوغدونوم” مشعل الإدارة والتجارة في بلاد الغال؛ فيه اندفاع التاريخ وصلابة البدايات. والسون، الهادئ كأنه يتأمل ذاته، ينساب من السهول كفكرة تتبلور ببطء، فيه رهافة الروح التي تعلمت الصبر وصنعت هويتها بالأناة.

ومن هذا التلاقي بين النقيضين ـ العنف والهدوء، الذاكرة والتوق، الماء والحجرـ تبنى ليون: مدينة لا تعيش على طرف، بل في قلب المفارقة. فيها تتعانق الحركة بالسكون، وتترنح المدينة بين الصنعة والصلاة، كأنها تعيد اختراع ذاتها في كل لحظة، على ضفاف نهرين ما زالا يتذكران من أين جاءا، وإلى أين قد يمضيان.

ليون لا تبسط كمدينة مطواعة، بل تنهض وتنكفئ كجسد حي يتنفس بتؤدة، كما لو أنها تحفظ في تضاريسها أسرارا لا تروى إلا لمن صعد. هناك، غربا، ترتفع تلة “فورفيير” كجفن مفتوح على السماء، حيث الكنيسة البيضاء، مكللة بالسكينة، تقف كأم عتيقة، تراقب أبناءها وهم يمضون في دروب الحياة. ليست هذه القمة ارتفاعا طبوغرافيا فحسب، بل هي مرتقى للذاكرة الروحية، مكان تتشابك فيه أدعية القرون بأنفاس الزائرين، حتى يبدو أن الكنيسة تقاوم الجاذبية، وكأنها سفينة حجرية تنتظر إشارة الإقلاع، لا لتغادر، بل لتعلم المدينة معنى الارتقاء.

من هذا العلو، تتجلى ليون دفعة واحدة، كما تتكشف الأحلام في لحظة صفاء نادرة: متداخلة، عتيقة، حية، وتلمع كما لو استعارت توهجها من شمعة نذرية اشتعلت منذ قرن وما انطفأت.

وعلى الضفة الأخرى، ينهض حي “كروا روس” الشهير بصمت متين، كتف المدينة العاملة، تلك التي لا تباهي بل تكد. هناك، حيث نساجو الأمس اعتادوا أن يدقوا بإيقاع خفي، لا تسمعه الأذن العابرة، صوتا ليس ضجيج صناعة، بل أنشودة تعب لها صدى في الذاكرة. المنوال لم يكن آلة، بل لحنا يدوي في الحجارة، ترجمة دقيقة للعلاقة الحميمة بين الإنسان وما تصنعه يداه. في تلك التلة، لم يكن الحرير نسيجا فحسب، بل فلسفة مكتومة: كل خيط يسير على وقْع داخلي، وكل لون يتقاطع مع الضوء كمن يعيد ترتيب العالم.

وبين هاتين التلتين، تبسط المدينة جسدها المرهق كشاعر بعد انفعال طويل، تستلقي على مجرى الزمن، دون أن تفقد يقظتها. الأزقة تنحني، لا عن ضعف، بل كاحترام لتاريخ لم يغب. والشوارع، بخطوطها الملتوية، لا ترسم دربا فقط، بل تدوّن قصصا معلقة على جدران البيوت: قصة حي ما زال يتنفس رغم تغير الوجوه، قصة عشاق خبأوا خطواتهم تحت حجارة الدرب، أو عائلة ترددت في الرحيل، فبقيت معلقة في ذاكرة المكان، محفورة في حافة نافذة، أو صدع في باب خشبي ما زال يفتح كل صباح.

جسد يكتب ذاته

معمار المدينة معابر وجدانية
معمار المدينة معابر وجدانية

لا يمكن الإمساك بروح ليون دون أن تمر عبر “الترابول”، هذه الممرات المسقوفة، الخفية، التي تخترق البنايات كما يخترق الحلم جدران الوعي. من الخارج، لا شيء يوحي بغير العادي؛ أزقة تبدو كأي أخرى. لكن ما إن تخطو داخل أحدها، حتى تفتح المدينة على باطنها، كما لو أنها تفتح قلبها لمن يجسر على الإصغاء.

الترابول ليست مجرد وسيلة عبور، بل طقس من طقوس الكشف؛ انتقال من ظاهر المدينة إلى باطنها، من الضجيج إلى الهدنة، من المعنى السطحي إلى التجربة الحية. هنا، في هذه المسالك التي تتلوى بصمت، تجد طبقات المدينة تنزاح واحدة تلو الأخرى، لتتكشف صورة ليون كما عرفتها في لحظات مصيرية.

في زمن الاحتلال النازي، لم تكن هذه الممرات فقط ملاذا للمقاومة، بل كانت جسدا حيا تتحرك فيه الروح الوطنية بصبر، دون استعراض. من عتمة إلى أخرى، نسج حلم آخر: ليس فقط بالخلاص، بل باستعادة المعنى. لم يكن السلاح وحده ما يقاوم، بل المعرفة الدقيقة بهذه الشبكة المعقدة، كأنها امتداد لجهاز عصبي يحفظ أسرار الجسد ويخفي جروحه.

هنا، تحت الأرض، الصمت كان لغة. والجدران كانت شهودا لا تنطق، لكنها تتذكر. كل عتبة، كل زاوية، كل بلاطة، حملت يوما أثرا لإنسان عبر: ربما كان يحمل رسالة صغيرة، أو وداعا عاجلا، أو أملا خبأه خلف حجر غير منتبه. الترابول ليست فقط شاهدا على مرحلة، بل ذاكرة معمارية تجسد فكرة: أن الحرية تبدأ أحيانا من مكان لا يراه أحد، ومن خطوة لا تسمع.

ليون لا تضيء لتتجمل، بل لتتطهر. النور هنا ليس زينة، بل طقس من طقوس الغفران، واستعادة الذاكرة من جراحها. “عيد الأضواء”، الذي بدأ في منتصف القرن التاسع عشر كشكر على النجاة من الطاعون، لم يبق مجرد احتفال، بل تحول مع الزمن إلى إعلان جمالي صامت: المدينة تعرف كيف تحوّل الألم إلى ضوء، والمحنة إلى مشهد بصري يفيض من الجدران كما تفيض الدموع من قلب ممتنّ.

لأربعة أيام، تستحيل الشوارع إلى مساحات للنور، لا يشبه ما ينبعث من واجهات المتاجر، بل نور نابع من الداخل، كأنه اعتراف بأن الجمال أيضا فعل شفاء. الضوء هنا لا يستخدم فقط ليرى الإنسان طريقه، بل ليذكر نفسه أنه عَبَرَ العتمة، وأن نجاته لم تكن بلا ثمن، لكنها تستحق أن تحتفل.

مدينة تعرف كيف تضيء من الداخل
مدينة تعرف كيف تضيء من الداخل 

في هذا العيد، لا تكتفي بأن ترى المدينة، بل تشعر أنها تراك. تبادلك النور كمن يقول “أنا معك.” تضيء لك ممرات لم تكن لتراها في النهار، وتكشف زوايا لم تكن تراها في نفسك. الكنائس تتجلى كلوحات نابضة، الجسور تنطق بقصائد من ضوء، والواجهات تتحول إلى معارض مؤقتة، معلقة بين الحقيقة والخيال.

كل بيت يضع شمعة على شباكه، ليس ليشارك في الزينة، بل ليقول “أنا هنا… وأنا أضيء رغم كل شيء.” وكل قلب يودع في ليله أمنية صغيرة، كأنه يضعها في كف الضوء، ويتركها تسبح في سماء المدينة، باحثة عن غد أنقى، وعن معنى جديد للنجاة.

ليون ليست مدينة الفرنسيين وحدهم، بل نسيج حي نسجته اليد البشرية بتعدد خيوطها، كما نسجت هي يوما من ماء وحجر وذاكرة. المسلمون، المسيحيون، اليهود، البوذيون، المؤمنون، والذين لم يختاروا إيمانا بعينه، جميعهم وجدوا في هذه المدينة فضاء يتسع، لا بوصفه ملجأ، بل بوصفه اعترافا بأن الاختلاف ليس طارئا، بل جوهر الحياة نفسها.

التعددية في ليون ليست شعارا يرفع، بل معيش يومي، محسوس، معاش في المدى القريب: في طوب الأبنية، في لهجات الأسواق، في عيون الأطفال في الساحات العامة. في الدائرة الثامنة، يعلو “المسجد الكبير” بهندسته الأندلسية البيضاء، لا ليضاد الكنائس، بل ليكمّلها. كأن قبابه وأجراسه تنتمي إلى لغة واحدة: لغة الروح حين تتأمل وتتسامى.

في ليون لا يقف الماضي في مواجهة المستقبل، بل يمشي إلى جانبه والذاكرة يعاد توظيفها كعنصر إلهام

وفي المقاهي، لا تتجاور اللغات فحسب، بل تتجاور الحكايات: هناك من جاء فرارا من خطر، وهناك من جاء ركضا نحو حلم. لكن جميعهم نسجوا، من اختلافهم، قماشة المدينة، لا ليذوبوا فيها، بل ليطرز كل واحد منهم خيطه الخاص، ليقول “أنا هنا، وأنا جزء من هذا الكل.”

هذا التنوع لا يعلن عن نفسه بصخب، بل يتسلل بهدوء يشبه نفسا جماعيا يتردد في شرايين المدينة. ليون بهذا المعنى ليست مدينة تعيش على ضفاف نهرين فقط، بل يسري فيها نهر ثالث، غير مرئي، نهر من البشر، من الأمل، من الانتماء الذي لا يختصر بهوية واحدة، بل يتفتح على ألف شكل من أشكال الانتماء.

ليون، في هذا العمق، مرآة لأوروبا التي تتعلم كيف تصغي إلى تعدديتها، لا لتصهرها، بل لتحتفل بها. لأن ما يشبه الأنهار في النهاية، ليس الماء وحده، بل الأصوات حين تتناغم دون أن تتطابق.

ليون ليست متحفا مفتوحا فحسب، بل مختبر نابض بالحياة. على طرفها القديم، تحفظ المدينة ما لا ينسى، لا كماض مجمد، بل كجزء من نفسها الحالي: مسرح روماني يعيد تمثيل الأزمنة، كاتدرائيات تهمس بصدى العصور الوسطى، ومبان ما زالت جدرانها تتذكر أول هدير للصناعة. أما على طرفها الحديث، فترتفع مؤسسات البحث والجامعات والمقرات الدولية، تتشابك فيها خيوط الابتكار: من التكنولوجيا الحيوية إلى الطاقة النظيفة، من الذكاء الاصطناعي إلى الحلم البيئي.

هنا، لا يقف الماضي في مواجهة المستقبل، بل يمشي إلى جانبه. لا تجرد الذاكرة من دورها، بل يعاد توظيفها كعنصر إلهام. ما يصنع في مختبرات المدينة لا يخلو من الروح، وما يعرض في المتاحف لا يفتقر إلى الحداثة. حتى دار الأوبرا، بقبتها الحديدية الحديثة، لا تتحدى العمارة الكلاسيكية من حولها، بل تكملها، كما تكمل النغمة الختامية جملة موسيقية عتيقة.

كل هذا النبض المتداخل يجري تحت مظلة “رون ألب”، التي لم تجعل من ليون مركزا اقتصاديا حيويا فقط، بل عقدة حية تتقاطع فيها المسارات: بين إيطاليا وسويسرا وإسبانيا، بين حركة البضائع وتدفق الأفكار. في هذه المدينة، لا تختزل الجغرافيا في المكان، بل تمتد إلى معنى أوسع: حيث تتحرك المدن كما تتحرك الأرواح نحو ما لم يكتب بعد، وفي يدها مفاتيح ما كان.

حضور لا يغيب

Thumbnail

القول إن ليون تكتب نفسها يوميا ليس مجازا بل وصف دقيق لحالة وجود متجدد، لمدينة تعيد تشكيل كينونتها كل صباح، كما لو أنها تتعلم كيف تكون أقرب إلى نفسها، وإلى أولئك الذين يسكنونها أو يمرون بها. لا تركن إلى ماضيها وإن كان عريقا، ولا تنبهر بحاضرها وإن كان نابضا، بل تمضي في بحث دائم عن صيغة أخرى للحياة، أكثر اتساقا مع ما تريده أن تكون.

كل زيارة إلى ليون ليست تكرارا، بل قراءة جديدة لنص مفتوح على التأويل. نص طويل لا يقرأ دفعة واحدة، ولا ينتهي. كتاب يمكنك أن تبدأه من أيّ صفحة، تعود إليه، تعيد قراءته، وتفهم في كل مرة شيئا مختلفا، كأن المدينة تغير ترتيب معانيها مع تغير عينيك. هي ليست تعبيرا عن فرنسا وحدها، بل عن الإنسان في محاولته الدؤوبة لإعادة تشكيل عالمه: من الألم، من النور، من الحجر، ومن ذلك الرجاء الذي لا يقال.

في ليون، لا تشعر أنك غريب، حتى إن لم تعرف الطريق ولا اللغة. المدينة تهمس إليك بلغتك الداخلية، تلك اللغة التي لا تلفظ، بل تفهم. تقترب منك كما تقترب الذاكرة حين تستدعيك، وتقول لك بلا صوت “أنت لست عابرا هنا، بل جزء من هذا النسيج، حتى إن لم تعرف بعد كيف نسجتك المدينة في قماشتها.”

وإن غادرتها، لن تتركها خلفك. بل ستحملها في داخلك، لا كتذكار عابر، بل كضوء لا يخبو، كنافذة تنفتح من تلقاء نفسها في لحظة احتياج، كمدينة تسير فيك كلما مشيت.

ليون… ليست فقط مدينة تعبرها، بل مدينة تعبرك، وتعيدك إليك.

11