لا مقايضة مطروحة بين الجولان ومزارع شبعا

إسرائيل تعزز مكاسبها في دولتي الجوار سوريا ولبنان من دون الحاجة إلى تقديم أي تنازل.
الجمعة 2025/08/29
إسرائيل لا تساوم على المكاسب

القدس - نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صحة أنباء عن دراسة حكومته مقترحا يقضي بالانسحاب من مزارع شبعا مقابل استمرار احتلالها هضبة الجولان السورية.

ولا تبدو إسرائيل في حاجة إلى مثل هذه المقايضة، في ظل شعورها بأنها في موقع قوة يتيح لها تعزيز المكاسب على الأرض في دولتي الجوار سوريا ولبنان من دون الحاجة إلى تقديم أي تنازل.

وتعاني سوريا من تبعات حرب أهلية استنزفت البلاد لسنوات، فيما يمر لبنان بفترة انتقالية صعبة بعد خسارة فادحة تكبدها حزب الله في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.

وقال مكتب نتنياهو، في بيان مساء الأربعاء، إن “التقرير الذي يزعم أن إسرائيل تدرس التنازل عن جبل دوف (جبل روس في مزارع شبعا) هو خبر كاذب تماما.”

وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية الأربعاء أن “إسرائيل درست بجدية التنازل عن منطقة جبل دوف مقابل تنازل سوريا عن مطالبتها بمرتفعات الجولان، وذلك في محادثات أمنية مع دمشق قبل أسابيع.”

وجبل روس المعروف وفق التسمية الإسرائيلية بجبل دوف، هو قمة جبلية في مزارع شبعا الواقعة في منطقة مختلف عليها لم يتم ترسيم حدودها بين لبنان ومرتفعات الجولان السورية المحتلة.

وأضافت هيئة البث أن “إسرائيل درست نقل جبل دوف ومزارع شبعا إلى سوريا مقابل تنازل دمشق عن سيادتها على مرتفعات الجولان” المحتلة منذ عام 1967.

إسرائيل لا تفكر في التخلي عن أي مكسب من المكاسب التي حققتها في سوريا بل تعمل جاهدة على تعزيزها

وتابعت أن المسؤولين الإسرائيليين “بحثوا الجدوى السياسية لهذه الخطوة، التي تتطلب موافقة 80 عضوا في الكنيست” من أصل 120 عضوا.

ولفتت الهيئة إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع صرّح لصحافيين قبل أيام بأن دمشق لا تستطيع الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم (للتطبيع مع تل أبيب)، ما دام الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية.

وبحسب الهيئة “أكد الشرع في الوقت نفسه أن حكومته تُجري محادثات متقدمة مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني قائم على خطوط فك الاشتباك التي توسطت فيها الأمم المتحدة عام 1974 عقب حرب 1973.”

ويرى متابعون أن إسرائيل لا تفكر في التخلي عن أي مكسب من المكاسب التي حققتها في سوريا بل تعمل جاهدة على تعزيزها تحت ذرائع مختلفة، مستغلة حالة الضعف التي تعانيها السلطة الانتقالية السورية.

ونفّذ الجيش الإسرائيلي ليل الأربعاء إنزالا جويا في موقع عسكري يقع على بعد نحو 30 كلم جنوب دمشق، تعرّض لقصف متكرر في اليومين الماضيين، وفق ما أفاد به الإعلام الرسمي فجر الخميس.

وفي حين لم تؤكد إسرائيل تنفيذ قواتها هذا الإنزال، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الخميس إن قواته تعمل “في جميع ميادين القتال ليل نهار، من أجل أمن إسرائيل.”

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن مصدر حكومي قوله إن قواتا سورية عثرت في موقع جبل المانع الثلاثاء “على أجهزة مراقبة وتنصّت،” مضيفا أنه “أثناء محاولة التعامل معها، تعرّض الموقع لهجوم إسرائيلي جوي أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء وإصابات وتدمير آليات.”

وأعلنت وزارة الخارجية السورية آنذاك عن مقتل ستة عناصر من القوات السورية بالقصف الإسرائيلي لهذا الموقع القريب من مدينة الكسوة في ريف دمشق.

وكان مسؤول في وزارة الدفاع السورية أكّد الثلاثاء، طالبا عدم نشر اسمه، أنّ الموقع المستهدف في تلّ المانع كان قاعدة عسكرية سابقة.

وجدّدت إسرائيل قصف الموقع مساء الأربعاء وفقا للتلفزيون الرسمي السوري، وأعقب ذلك “إنزال جوّي لم تُعرف تفاصيله بعد، وسط استمرار التحليق المكثف لطيران الاستطلاع،” بحسب سانا.

وأضافت سانا نقلا عن المصدر الحكومي أن “الاستهدافات الجوية والطائرات المسيّرة استمرت في منع الوصول إلى المنطقة حتى مساء 27 أغسطس” حيث قامت “بتدمير جزء من المنظومات عبر استهدافها بالسلاح المناسب، وسحب جثامين الشهداء.”

من ناحيته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ الموقع عبارة عن “مستودع ضخم للصواريخ، كان يُستخدم سابقا من قبل حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران.

الشرع يؤكد أن حكومته تُجري محادثات متقدمة مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني قائم على خطوط فك الاشتباك التي توسطت فيها الأمم المتحدة

وأضاف أنّه مساء الأربعاء “حلّقت أربع مروحيات إسرائيلية على ارتفاع منخفض في منطقة الكسوة بريف دمشق، وهبطت مظلات لمباشرة عملية إنزال وتفتيش في الموقع.”

وبحسب المرصد فإنّ هذا الإنزال الجوي الإسرائيلي هو الأول من نوعه في سوريا منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

وقالت المحللة الإسرائيلية كارميت فالينسي في القدس “ما نعرفه هو أن القوات السورية اكتشفت أجهزة مراقبة واستخبارات يُرجَّح أنها إسرائيلية.”

وأوضحت المحللة أن “القوات الإسرائيلية كانت تحاول أساسا تفكيك أجهزة الاستخبارات التي كانت قد نُصبت، وذلك لمنع وقوعها في أيدي مختلف القوات السورية.”

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس إن حكومته تستخدم القوة في سوريا بدعوى أنها “لا تخدع نفسها” بشأن من يسيطر على البلد العربي.

وجاءت تصريحات نتنياهو خلال جلسة خاصة في غرفة العمليات الدرزية، في قرية جولس شمال إسرائيل، وفق ما ذكرته “القناة 12” العبرية.

وسبق أن حاولت إسرائيل تبرير عملياتها المتكررة على سوريا بسعيها إلى تحويل جنوبها إلى منطقة “منزوعة السلاح”، فضلا عن تدخلاتها المتكررة تحت ذريعة “حماية الدروز”.

وأضاف نتنياهو “لست شخصاً ساذجاً، وأفهم تماماً مع من نتعامل في سوريا، ولهذا السبب استخدمنا القوة.”

ومنذ الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر 2024، شنّت إسرائيل المئات من الضربات على مواقع عسكرية في سوريا، عازية ذلك إلى الحؤول دون وقوع الترسانة العسكرية في أيدي السلطات الجديدة، بالإضافة إلى عمليات توغّل في جنوب سوريا.

2