"لا للحرب - نعم للاعتراف".. حركة تخترق جدار الرفض الإسرائيلي لدولة فلسطين

آلاف الإسرائيليين يدعون إلى اعتراف دولي بدولة فلسطينية قبل قمة الأمم المتحدة.
الأحد 2025/09/21
إسرائيليون ينشدون السلام

القدس - قرّر ماعوز إينون الذي قُتل والداه في هجوم حركة حماس على مستوطنات جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 نبذ الانتقام وسلوك طريق مصالحة يأمل أن تبلسم جراحه وجراح البلاد.

إينون البالغ 49 عاما هو واحد من آلاف الإسرائيليين الذين يدعون حاليا إلى اعتراف دولي بدولة فلسطينية قبل قمة الأمم المتحدة التي ستعقد الأسبوع المقبل، ومن المقرر أن تعترف خلالها بلدان غربية عدة رسميا بدولة فلسطين.

ورجل الأعمال الناشط في القطاع السياحي، منخرط منذ نحو 20 عاما في أنشطة السلام، ويشدّد على أهمية الحوار والاعتراف والتسامح من كلا الجانبين من أجل مستقبل آمن للمنطقة.

ويقول “بالانتقام للموتى لن نعيدهم إلى الحياة، بل نؤجج فقط دوامة عنف وإراقة دماء وانتقام نحن عالقون فيها ليس منذ السابع من أكتوبر، بل منذ قرن من الزمن.”

ويؤكد إينون أنه “لم يتفاجأ” عندما هاجم مقاتلون إسرائيل بعد سنوات من “الاحتلال والقمع وبناء الجدران بيننا وبين الطرف الآخر.”

الجهود المبذولة للاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن تترافق مع خطوات ملموسة لضمان تجسيدها فعليا على الأرض

ويضيف في تصريح في تل أبيب “كنت أعلم أن ذلك سينفجر بنا. (لكن) لم أعتقد، حتى في أسوأ كوابيسي، أنني سأدفع الثمن.” وإينون شخصية بارزة في مبادرة تدعو إلى قيام دولة فلسطينية.

وجمعت عريضة بعنوان “لا للحرب – نعم للاعتراف” إلى الآن تواقيع أكثر من 8500 إسرائيلي، ويأمل المنظمون أن تحمل عشرة آلاف اسم لدى تقديمها خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتنص العريضة على أن “الاعتراف بدولة فلسطينية ليس عقابا لإسرائيل، بل هو خطوة نحو مستقبل أفضل وأكثر أمانا، قائم على الاعتراف المتبادل والأمن لكلا الشعبين.”

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن 21 في المئة فقط من الإسرائيليين البالغين يعتقدون أن بإمكان إسرائيل ودولة فلسطينية التعايش بسلام، وهي أدنى نسبة تسجل منذ بد إجراء التحقيق بشأن هذه المسألة عام 2013.

وأطلقت المبادرة حركة “زَزيم حراك شعبي” التي وزّعت آلاف الملصقات ورفعت لوحة إعلانية في تل أبيب في إطار حملتها.

وتقول رالوكا غينا المشاركة في تأسيس الحركة “بدا واضحا منذ الثامن من أكتوبر 2023، أن عقيدة إدارة النزاع انهارت تماما، وأننا أمام خيارين. الأول هو التدمير الكامل للجانب الآخر وإبادته، أو حل (قيام) دولتين.”

ويُتوقّع أن تطغى قضية مستقبل الفلسطينيين والكارثة الإنسانية في قطاع غزة على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبارا من الاثنين، بعد نحو عامين على بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

ومن المتوقع خلال الاجتماعات أن تعلن حوالي عشر دول اعترافها الرسمي بدولة فلسطينية، من بينها فرنسا وبلجيكا وكندا وأستراليا، فيما تعلن بريطانيا والبرتغال هذا الاعتراف منذ الأحد.

وتضيف غينا أن ذلك سيشكل خطوة أولى نحو وضع حد لـ”نزع الصفة الإنسانية” عن الفلسطينيين، خصوصا في غزة، من خلال منحهم “الوضع نفسه الذي تحظى بها بقية الدول حول العالم.”

ويشدّد إينون على أن الجهود المبذولة للاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن تترافق مع خطوات ملموسة لضمان تجسيدها فعليا على الأرض.

ماعوز إينون الذي قُتل والداه في هجوم حركة حماس على مستوطنات جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 ينبذ الانتقام 

ويقول “كل من يعمل ضد حل الدولتين يجب أن يعاقَب وأن تُفرض عليه عقوبات،” معتبرا أن ذلك يجب أن ينسحب على السياسيين والعسكريين والمدنيين.

ويقترح إينون أن تترافق العقوبات مع حوافز واستثمارات مالية من المجتمع الدولي لإظهار أن “السلام سيأتي بثمار كثيرة… الازدهار والاستقرار والأمن والأمان.”

ويوافقه الرأي يوناتان زيغن الذي قُتلت والدته الناشطة من أجل السلام فيفينا سيلفر في كيبوتس بئيري في هجوم السابع من أكتوبر.

ويقول زيغن “رافقت والدتي إلى مماتها عبر الهاتف.”

وانطلاقا من شعور بـ”بالعجز التام”، يقول زيغن إن حس المسؤولية يدفعه للحرص على ألا يدفع أحد في أي من الجانبين الثمن نفسه.

ويتابع “المستقبل الوحيد المستدام والقابل للحياة هنا هو أن يتشارك الشعبان الأرض،” مضيفا أن “تحرّر الفلسطينيين وأمن الإسرائيليين يعتمدان على نيل الفلسطينيين حقهم الأساسي.”

ويشدّد على أن “هذا الأمر ينبغي ألا يكون قابلا للتفاوض، أو مشروطا، أو مرتبطا بتوقيت إسرائيلي. إن تقرير المصير وقيام الدولة هما حق أساسي للشعوب.”

في المقابل يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافض للاعتراف بدولة فلسطينية، مراهنا في ذلك على الموقف السائد في إسرائيل. لكن جميع النشطاء يبدون ثقتهم بمستقبل الحركة.

ويقول زيغن إن “الفرنسيين والألمان، قبل زمن ليس ببعيد جدا، لم يكونوا يتصورون أنفسهم جزءا من اتحاد،” معربا عن اعتقاده بأن “السلام واقعي تماما كالحرب.”