قمة شرم الشيخ منصة جذابة لتتويج ترامب "رجل السلام"

الرئيس الأميركي يشيد بالسيسي ويقترح عضويته في مجلس السلام لإدارة غزة.
الثلاثاء 2025/10/14
قمة غزة تعيد الصفاء للتحالف المصري - الأميركي

القاهرة - نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أن يحول قمة شرم الشيخ إلى مناسبة سياسية وإعلامية للاحتفاء به كـ”رجل سلام” كان وراء إنهاء حرب دامية دامت عامين وخلفت الآلاف من القتلى والجرحى، في وقت كانت كلمته في القمة محط الأنظار وكذلك اقتراحه انضمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى عضوية مجلس السلام لإدارة غزة، الذي من يقرر أن يشرف عليه ترامب بنفسه.

وأشاد ترامب بالسيسي أثناء ظهور الزعيمين معا قبيل القمة. وقال ترامب إن السيسي، الذي وصفه بأنه زعيم قوي يحافظ على خفض معدل الجريمة في بلاده، “أدى دورا مهما للغاية. أنا أقدر ذلك كثيرا”. وأضاف الرئيس الأميركي أن نظيره المصري أدى “دورا بالغ الأهمية” في المفاوضات التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، وأن الدور الذي أدته مصر كان “فعالا لأن حماس تحترم هذه الدولة وتحترم القيادة المصرية”.

من جانبه، قال الرئيس المصري “كنت متأكدا أن ترامب هو الوحيد القادر على إنهاء الحرب في غزة،” في إشارة إلى أن العلاقة بين القاهرة وواشنطن قد تجاوزت حالة البرود التي طغت عليها قبل عام حين عارض المصريون خطط تهجير الفلسطينيين خارج القطاع وفتح الحدود المصرية أمامهم.

وفي كملة الافتتاح، قال السيسي متوجها بكلامه لترامب إن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب وإنما في القدرة على إنهائها، مشددا على أن اتفاق غزة يغلق صفحة أليمة في تاريخ البشرية، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام. وفي كلمته، قال الرئيس الأميركي إن حرب غزة انتهت والمساعدات تتدفق إلى القطاع، وإن إعادة الإعمار تبدأ الآن.

ووصل ترامب إلى منتجع شرم الشيخ المصري قبل غروب الشمس بنحو ساعة ليحضر قمة مع أكثر من 20 من زعماء العالم سيترأسها إلى جانب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. واصطفت لوحات إعلانية كبيرة تُظهر ترامب والسيسي وهما مبتسمان، مع عبارة “أهلا بكم في أرض السلام،” على طول الطريق من المطار إلى مركز المؤتمرات.

تبادل الإشادات بين ترامب والسيسي يؤكد أن العلاقة بين القاهرة وواشنطن قد تجاوزت حالة البرود التي طغت عليها قبل عام

وكان لافتا غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن القمة، وذلك بعد أن أعلنت القاهرة في وقت سابق أنه سيحضر وسط أنباء عن تدخل شخصي من ترامب لدى السيسي لتوجيه الدعوة إلى نتنياهو.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان إن نتنياهو تلقى دعوة من ترامب لحضور القمة لكنه رفض لأن الموعد قريب للغاية من بدء عطلة يهودية. وفي وقت سابق، أكد متحدث باسم الرئاسة المصرية أن نتنياهو سيحضر القمة هو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأضاف أن نتنياهو وترامب أجريا اتصالا هاتفيا من إسرائيل الاثنين مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

لكن أنباء أخرى، قالت إن حضور نتنياهو كان سيمثل احتمالا غير ملائم لبعض الضيوف المؤكد حضورهم، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وقال مسؤول تركي إن الرئيس رجب طيب أردوغان، مدعوما بقادة آخرين، تصدى دبلوماسيا لفكرة حضور نتنياهو.

ووقّع الوسطاء مصر وقطر وتركيا مع ترامب وثيقة تتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وذلك خلال القمة. وقال ترامب أثناء التوقيع “ستفصّل الوثيقة القواعد والنظم والكثير من الأمور الأخرى،” مؤكدا أن هذا الاتفاق “سوف يصمد“.

وأشاد الرئيس الأميركي الاثنين في كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي بما اعتبره “نهاية كابوس طويل ومؤلم” لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، مع عودة آخر الرهائن الأحياء ومجموعة من المعتقلين الفلسطينيين إلى ديارهم، بموجب خطة توسطت فيها واشنطن لوقف إطلاق النار في غزة. وجاءت زيارة ترامب الخاطفة إلى إسرائيل قبيل التوجه إلى القمة.

وقال ترامب أمام أعضاء الكنيست الذين استقبلوه بتصفيق حار مطوّل، إنّ “إسرائيل كانت منذ السابع من أكتوبر وحتى هذا الأسبوع أمّة في حالة حرب، تتحمّل أعباء لا يقدر على احتمالها سوى شعب فخور ومؤمن”.

وأضاف أنه “بالنسبة إلى الكثير من العائلات في هذه الأرض، مرّت سنوات طويلة دون أن تعرفوا يوما واحدا من السلام الحقيقي.. ليس فقط للإسرائيليين، بل أيضا للفلسطينيين وكثيرين آخرين، انتهى أخيرا كابوس طويل ومؤلم”. ونجحت المرحلة الأولى من خطة ترامب بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وأعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين.

وفي تل أبيب، احتشد جمع كبير في ساحة الرهائن وسط الدموع والهتاف والغناء، مع ورود أنباء عن الإفراج عن أول المحتجزين، بينما كان الحزن واضحا على وجوه الكثيرين بسبب آخرين لم يكونوا بين الأحياء.

الخلافات حتمية سواء بين سكان غزة وإسرائيل أو بين إسرائيل ودول الخليج العربية ودور واشنطن سيكون التوسط في النزاعات

وفي رام الله بالضفة الغربية المحتلة، احتشدت جموع كبيرة لاستقبال أولى الحافلات التي تقلّ المعتقلين المفرج عنهم، وقد علت هتافات التكبير وانطلقت حناجر النساء بالزغاريد.

ولا تزال المراحل اللاحقة من خطة ترامب (بما في ذلك نزع سلاح حماس، وتشكيل قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة، وتوقيت ونطاق الانسحاب العسكري الإسرائيلي) غير محسومة.

وأشار جيه دي فانس، نائب الرئيس ترامب، إلى أن الخلافات حتمية، سواء بين سكان غزة وإسرائيل أو بين إسرائيل ودول الخليج العربية. وقال إن دور واشنطن سيكون التوسط في النزاعات ومواصلة الضغط على جميع الأطراف لتحقيق سلام دائم.

ومن الشواغل الرئيسية ضمان امتناع إسرائيل عن معاودة التدخل عسكريا في غزة بعد إطلاق سراح الرهائن. وقد أصرّ نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون على تدمير حماس بالكامل ورفض أيّ دولة فلسطينية مستقبلية.

وذكر ويل تودمان، الزميل البارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن ترامب قدّم ضمانات لحماس بأن إسرائيل لن تستأنف الصراع، لكنه أشار إلى أن تفاصيل تلك الضمانات تبقى غير واضحة. وتجنب ترامب التطرق مباشرة إلى الأسئلة المتعلقة بهذه الضمانات، لكنه أقرّ بالحاجة إلى المزيد من العمل، مشيرا إلى الاتفاق على معظم النقاط، بينما لا يزال يتعين حل بعض التفاصيل.

1