فزاعة عودة البعث تخيم على العراق قبيل الانتخابات البرلمانية
 
بغداد - عاد اسم حزب البعث العربي الاشتراكي للتداول بكثافة في المنابر السياسية والإعلامية العراقية أسابيع قليلة قبل موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الحادي عشر من شهر نوفمبر القادم.
ورغم أنّ الحزب الذي سبق له أن حكم العراق لعدة عقود في زمن الرئيسين السابقين أحمد حسن البكر وصدام حسين بات في حكم المنتهي بعد أن أطيح به من الحكم على يد القوات الأميركية سنة 2003 وتعرضت قياداته ومنتسبوه من جميع المستويات لعملية اجتثاث واستبعاد من مختلف الوظائف ومؤسسات الدولة، إلاّ أنّ إثارة عودة هؤلاء “الفلول”، أصبحت ظاهرة لصيقة بالمواعيد الانتخابية في ظل شكوك باستخدام التخويف من عودة الحزب كفزاعة من قبل سياسيين معنيين بالحفاظ على مكانتهم في السلطة، وبمقاومة أيّ نبض للتغيير عبر استخدام عناوين صادمة من قبيل عودة البعث الذي يمكن أن يُحشر تحت يافطته مرشحون مستقلون للانتخابات وليبراليون وعلمانيون لا علاقة لهم بالحزب المنحلّ.
مرشحون للانتخابات البرلمانية يستخدمون التخويف من عودة البعث للتغطية على خواء حملاتهم من أيّ برامج
ويتجاوز رفع فزاعة عودة البعث البعدين الإعلامي والسياسي ليأخذ بعدا قانونيا ومؤسسيا، من خلال قيام مفوضية الانتخابات باستبعاد العشرات من المرشحين للانتخابات بشبهة الانتماء السابق للحزب، بالتوازي مع إعلان السلطات الأمنية عن تفكيك خلايا ناشطة تابعة له.
ويقول متابعون للشأن العراقي إنّ الحرص على بقاء ملف الحزب مفتوحا بعد أكثر من عقدين على الإطاحة به من السلطة هو عمل ممنهج من قبل سياسيين وخصوصا قادة أحزاب دينية وميليشيات مسلّحة ثبت فشلهم في قيادة البلاد بشكل عملي ولم يبق أمامهم سوى الترويج لحماية “الإنجاز” الوحيد المتمثل في العملية الديمقراطية من خطر حزب البعث الذي حكم البلد بطريقة غير ديمقراطية، وذلك على الرغم من أن إرساء تلك العملية يعود الفضل فيه للقوات الأميركية، وأيضا على الرغم من أن الديمقراطية القائمة حاليا في العراق تمارس بطريقة مشوّهة وغير مثمرة بل مساهمة في تأخر البلاد في عدّة مجالات وفي عدم استقرارها.
وأعلن جهاز الأمن الوطني العراقي، الأحد، أن قواته تمكنت من تفكيك خلايا سرية لحزب البعث واعتقال العشرات من أعضائها وفق قانون حظر الحزب في العراق.
وورد في بيان صحفي أنه في إطار مسؤولياته الوطنية وجهوده الاستباقية لحماية أمن العراق واستقراره، تمكن جهاز الأمن الوطني العراقي من توجيه ضربة قاصمة لبقايا مروّجي حزب البعث المحظور بعد تنفيذ عمليات نوعية دقيقة امتدت لثلاثة أشهر وشملت 14 محافظة.
وأوضح أن العملية أسفرت عن تفكيك شبكات سرية وإلقاء القبض على 135 متهما بموجب أوامر قضائية صادرة وفق أحكام قانون حظر حزب البعث، مشيرا إلى أن التحقيقات كشفت عن ارتباط تلك الخلايا بجهات خارجية تعمل على محاولة هيكلة التنظيم المنهار واستقطاب الشباب تحت عناوين مضللة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
كما رصدت القوات الاستخبارية “أنشطة إلكترونية تستهدف نشر الفكر البعثي البائد ومحاولات للمساس بالأمن القومي عبر حملات تضليل وترويج ممنهجة جرى التعامل معها وفق القانون.”
رفع فزاعة عودة البعث يتجاوز البعدين الإعلامي والسياسي ليأخذ بعدا قانونيا ومؤسسيا، من خلال قيام مفوضية الانتخابات باستبعاد العشرات من المرشحين للانتخابات بشبهة الانتماء السابق للحزب
ويختصّ بعض قادة أكبر الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق بإثارة ملف حزب البعث قبل أيّ استحقاق انتخابي في البلاد مقدّمين أنفسهم كحماة للديمقراطية ومتزعمين لجهود اجتثاث الحزب.
وفي هذا السياق جعل رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالي زعيم ائتلاف دولة القانون من محاربة عودة البعث بندا قارا في حملته الانتخابية التي يهدف من ورائها لتحقيق نصر يقوده مجدّدا للفوز بالمنصب التنفيذي الأهم في البلاد.
وحذّر المالكي الذي يتولى أيضا منصب الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، في وقت سابق، من خطر “تسلّل أعضاء حزب البعث إلى مجلس النواب أو إلى مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية.”
وقال في بيان إنّ أيّ محاولة للتساهل مع إجراءات اجتثاث البعث المقرة بالقانون العراقي أو التغاضي عنها “تعني فتح الباب أمام اختراق مؤسسات الدولة وعودة الفكر البعثي عبر قنوات التشريع أو الأمن أو الاقتصاد، وهذا يشكل تهديدا مباشرا لمسار الدولة الديمقراطية، ويُعد استخفافا بتضحيات العراقيين الذين قاوموا الاستبداد ودفعوا ثمنا باهظا من أجل بناء عراق جديد.”
وكان المالكي قد قاد الحكومة العراقية لولايتين متتاليتين امتدتا لثماني سنوات وانتهتا سنة 2014 بحصيلة هزيلة على مستوى التنمية والاقتصاد وحتى الأمن، حيث ختمت تلك الفترة بكارثة احتلال تنظيم داعش لما يقارب ثلث مساحة العراق انطلاقا من صيف السنة ذاتها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
        
      
    