فتح تهاجم تمسّك حماس بالسيطرة على غزة: مصلحة تنظيمية تُعمّق الانقسام
رام الله - صعّدت حركة "فتح" الفلسطينية من لهجتها تجاه حركة "حماس"، على خلفية ما وصفته بإصرار الحركة على الحفاظ على هيمنتها الأمنية في قطاع غزة، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة، معتبرة أن هذا السلوك يُعمّق الانقسام الوطني ويُقدم الاعتبارات التنظيمية على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.
وفي بيان رسمي أصدرته، أكدت فتح أن تصريحات القيادي في حماس محمد نزال الأخيرة، تُجسّد نهجًا مرفوضًا يقوم على ترسيخ الأمر الواقع في غزة، بدلًا من السعي نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة.
وقال عبدالفتاح دولة، المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، إن تمسك حركة المقاومة الاسلامية بالسيطرة الأمنية على القطاع "يُعيد إنتاج شكل من أشكال الحكم القائم على القوة، خارج إطار الشرعية الوطنية"، محذّرًا من أن هذه السيطرة مصحوبة بانتهاكات لحقوق الإنسان وعمليات إعدام ميدانية بحق سكان القطاع، الذين يعيشون ظروفًا قاسية نتيجة الحصار والانقسام.
واعتبر دولة أن الإصرار على هذا النهج "لا يخدم إلا أجندة تنظيمية ضيقة"، ويُقوّض أي مساعٍ وطنية لبناء مشروع فلسطيني موحّد، خاصة في لحظة تاريخية تحتاج فيها الساحة الفلسطينية إلى تعزيز الوحدة الداخلية في مواجهة الاحتلال، لا إلى مزيد من التفكك.
ورفضت فتح بشكل قاطع الحديث عن صيغ حلول تُبقي على الانقسام السياسي والجغرافي، بما في ذلك "الهدنة الطويلة" التي تسعى إليها حماس، والتي قالت إنها "تُكرّس الفصل بين غزة والضفة الغربية"، وتحوّل القضية الوطنية إلى مجرد إدارة محلية في ظل استمرار الاحتلال.
وأكدت أن الحل يجب أن يكون شاملاً، قائمًا على أسس سياسية واضحة ووفق قرارات الشرعية الدولية، بما يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، لا أن يتحوّل النضال الوطني إلى إدارة مؤقتة تحت الاحتلال.
وأشار المتحدث باسم فتح إلى أن استعداد حماس عن التنازل عن السلاح مقابل الاحتفاظ بالوجود الأمني والتنظيمي في غزة، ليس بالأمر الجديد، مؤكدًا أن الحركة سبق وأن أبدت استعدادًا لقبول خطط مشابهة، ومنها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تضمنت بندًا ينص على نزع سلاح الفصائل.
وأضاف أن ما تقوم به حماس هو محاولات متكررة "للحفاظ على وجودها كتنظيم، حتى لو جاء ذلك على حساب المصلحة العامة"، وهو ما يتعارض – بحسب فتح – مع جوهر العمل الوطني الذي يجب أن يقوم على قاعدة الشراكة، لا على احتكار القرار بالقوة.
وترى فتح أن استمرار هذا النمط من التفكير والسيطرة يضع عراقيل إضافية أمام أي جهود لإعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني، ويزيد من صعوبة التوصل إلى حكومة موحدة تعمل في الضفة والقطاع معًا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.
وشددت على أن الطريق للخروج من الأزمة الحالية يبدأ بإنهاء الانقسام وعودة غزة إلى مظلة الشرعية الفلسطينية، ووقف محاولات تفكيك الهوية الوطنية أو تحويل القطاع إلى كيان منفصل.
وكان القيادي في حماس محمد نزال قد صرح في مقابلة مع وكالة "رويترز"، بأن حركته تنوي الاستمرار على الأرض خلال "مرحلة انتقالية"، تشرف فيها حكومة تكنوقراط على إدارة قطاع غزة، موضحًا أن وجود عناصر حماس ضروري لضمان حماية قوافل المساعدات ومنع وقوعها في أيدي عصابات مسلحة.
ودعا إلى اتفاق هدنة يستمر من ثلاث إلى خمس سنوات لإعادة إعمار القطاع، نافيًا أن تكون هذه الهدنة تهدف إلى التحضير لجولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل.
وفي سياق متصل، نقلت تقارير عن ترامب أنه حذّر حماس من مغبة البقاء في السلطة، داعيًا إياها إلى التخلي عن السلاح وإنهاء سيطرتها على القطاع، ومؤكدًا أن رفض ذلك سيؤدي للقضاء عليها.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فلوّح بإمكانية استئناف العمليات العسكرية في غزة إذا لم تنفذ حماس بند نزع السلاح، مؤكدًا أن هذا المطلب جزء أساسي من الرؤية الأميركية لوقف الحرب.