عسكرة المستوطنين تثير خوف فلسطينيي الضفة

الخوف على حياة سكان قرية بورين ، الذين ينظرون إلى مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضيهم، كمصدر دائم للهجمات على ممتلكاتهم.
الخميس 2025/09/11
المسلحون من المستوطنين يحظون بحماية الجيش

رام الله - ينتاب القلق والخوف الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وخاصة في المناطق المحاذية للمستوطنات، عقب قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير السماح لنحو 100 ألف إسرائيلي إضافي بالحصول على رخص سلاح خاص.

وفي مطلع سبتمبر الجاري، وافق بن غفير على إضافة عدة مدن وبلدات ومستوطنات في إسرائيل والضفة الغربية، إلى قائمة المؤهلين للحصول على رخصة سلاح ناري خاص.”

ووفق مكتب بن غفير فإنه “منذ بداية سياسة التسليح، تم إصدار نحو 230 ألف ترخيص جديد لحمل أسلحة نارية.”

وأطلق بن غفير سياسة تسليح الإسرائيليين، بمَن فيهم مستوطنون في الضفة الغربية، في نهاية عام 2023 بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وذكرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية) في تقريرها عن انتهاكات شهر أغسطس 2025، أن المستوطنين نفذوا 431 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بما في ذلك “هجمات مسلحة على قرى فلسطينية وفرض وقائع على الأرض وإعدامات ميدانية وتخريب وتجريف أراض واقتلاع أشجار والاستيلاء على ممتلكات.”

وفي قرية بورين جنوب نابلس شمالي الضفة، يسيطر الخوف على حياة السكان، الذين ينظرون إلى مستوطنة “يتسهار” المقامة على أراضيهم، كمصدر دائم للهجمات على منازلهم وممتلكاتهم، وإثارة الرعب بخاصة بين النساء والأطفال.

وقال الناشط في مقاومة الاستيطان بالقرية غسان البوريني، إن قرية بورين “تعيش في توتر دائم، في ظل تعرضها لاعتداءات مستمرة من مستوطني يتسهار، الذين يملك غالبيتهم أسلحة رشاشة، ويحظون بحماية الجيش.”

عسكرة المستوطنين تضع المنطقة على طريق تصاعدي من التوتر والعنف، وتعد محاولة لإعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية

وأضاف البوريني إن المستوطنة “باتت مركزًا لمجموعات ما يطلق عليه فتيان التلال، وعادة ما يكونون مسلحين، عند شن هجماتهم على القرية.”

وأوضح: “هناك اعتداءات دائمة على قرية بورين، وحتى أن معظم الجنود الذين يتواجدون لحظة الاعتداء هم بالأصل مستوطنون، ويشاركون في الترهيب والعنف.”

وأشار البوريني أن المستوطنين في منطقة جنوب نابلس بشكل خاص “باتوا يتعاملون كأنهم جيش منظم، ينصبون الحواجز ويفتشون المنازل، وربما يحتجزون المواطنين دون سبب، ويمارسون الإرهاب وعمليات النهب.”

وتحدث البوريني عن “مخاوف كبيرة تنتاب الفلسطينيين خاصة في الطرق الرابطة بين المدن والقرى، لاحتمالية التعرض لاعتداء المستوطنين وعنفهم.”

ولا تختلف هذه الحال في قرية بيت دجن شرق نابلس، التي باتت هي الأخرى عرضة لهجمات المستوطنين المسلحة، وتدمير الممتلكات والمزروعات وبث الخوف بين السكان.

ويرى رئيس مجلس قرية بيت دجن نصر أبوجيش، “خطورة كبيرة” في قرار تسليح مزيد من المستوطنين، كون ذلك “سيزيد حالات العنف والقتل ضد أبناء شعبنا.”

واعتبر أبوجيش أن “المستوطنين يحصلون على غطاء من الحكومة الإسرائيلية، وأصبحوا يتصرفون كعصابات منظمة تمارس القتل والإرهاب دون رادع.”

ولفت إلى أن “اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، تتصاعد بشكل كبير جدًّا، خاصة في المناطق الريفية والنائية.”

تسليح المستوطنين لا يعني تعزيز الأمن، بقدر ما يعني تحويل كل مستوطن إلى قوة مسلحة مستقلة، قادرة على ممارسة العنف دون رادع مؤسسي

وأشار إلى أن قرار تسليح المزيد من المستوطنين “سيؤدي لإثارة مخاوف جديدة تصب نحو تهجير المواطنين من أراضيهم أو حتى من بيوتهم.”

وطالب أبوجيش “بتوفير كل الإمكانيات لحماية القرى المستهدفة وتوزيع لجان لحراسة وحماية القرى، وصدّ المستوطنين.”

بدوره، أوضح أمير داود، مدير عام التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) أن قرار بن غفير ينطوي على “مخاطر كبيرة”، وظهرت نتائجها فيما يجري بالضفة الغربية.

وقال إن الخطورة الأولى “تتعلق بتوزيع كميات كبيرة من قطع السلاح، يصل عددها وفق مصادر إسرائيلية إلى نحو 35 ألف قطعة سلاح، بين المستوطنين في مختلف مناطق الضفة.”

ولفت داود، إلى أن الخطورة الثانية “هي تسهيل إطلاق النار، ومنح الغطاء القانوني للمستوطنين، والتعهد بحمايتهم.”

وبين أن تلك السياسة “أسفرت عن مقتل 32 فلسطينيًّا برصاص المستوطنين، منذ بدء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، من بينهم 10 قتلوا بين شهري يونيو وأغسطس 2025.”

ولفت داود، إلى أن “قرارات بن غفير عمومًا، تنذر بارتفاع معدلات إطلاق النار على الفلسطينيين، خاصة في التجمعات النائية.”

قرار تسليح المزيد من المستوطنين سيؤدي لإثارة مخاوف جديدة تصب نحو تهجير المواطنين من أراضيهم أو حتى من بيوتهم

واعتبر أن “كل ما يجري مرتبط بسياسة إسرائيلية عامة، من أعلى الهرم السياسي (في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو).”

وشدد داود، على “ضرورة تكثيف التعاون مع المنظمات الدولية والحقوقية لكشف إرهاب المستوطنين، وفرض عقوبات على حكومة الاحتلال.”

ويرى حسن مليحات المشرف العام لمنظمة “البيدر” للدفاع عن حقوق البدو، أن تسليح المستوطنين “لا يعني تعزيز الأمن، بقدر ما يعني تحويل كل مستوطن إلى قوة مسلحة مستقلة، قادرة على ممارسة العنف دون رادع مؤسسي.”

ورأى مليحات أن “تسليح المستوطنين ومنحهم الضوء الأخضر لممارسة العنف ضد التجمعات البدوية، يشكّل أداة مباشرة في خدمة هدف إستراتيجي إسرائيلي أوسع، يتمثل بإفراغ مناطق (ج) من سكانها الفلسطينيين.”

وصنفت اتفاقية “أوسلو 2” بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أراضي الضفة 3 مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.

وقال مليحات، إن “عسكرة المستوطنين تضع المنطقة على طريق تصاعدي من التوتر والعنف، وتعد محاولة لإعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية، وفق رؤية إسرائيلية أحادية.”

وبموازاة الحرب على غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1020 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 19 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

ونهاية أغسطس الماضي، أفاد موقع “واللا” العبري (خاص)، نقلا عن مصادر خاصة لم يسمّها، أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو، أن تل أبيب تتحضر لإعلان فرض سيادتها على الضفة الغربية خلال الأشهر المقبلة.

2