طالبان تمد قبضتها الحديدية نحو التعليم الجامعي في أفغانستان

حظر استخدام 679 كتابا دراسيا ومادة أكاديمية في الجامعات الأفغانية.
الأحد 2025/09/28
تعليم جامعي تحت الحراب

كابول - وسعت حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان رقابتها الصارمة على العملية التعليمية، بهدف مواءمتها مع تعاليمها الدينية المتشدّدة. وشملت بأحدث إجراءاتها في هذا المجال الكتب والمواد المعتمدة في التدريس الجامعي.

وبدأت الحركة، التي صعدت إلى حكم البلد الممزق لعدة عقود بالحروب الداخلية وصراعات القوى الخارجية على موقعه الإستراتيجي وثرواته الطبيعية، إثر الانسحاب الفوضوي للقوات الأطلسية وتحديدا الأميركية من أراضيه سنة 2021، تثير انشغالا دوليا وأمميا متزايدا بشأن تكريسها الأسلوب المتشدّد إزاء المجتمع والذي تجسّده في التعاطي مع النساء الأفغانيات اللاتي يتعرضن لمصاعب كبيرة في الوصول إلى التعليم والشغل.

وحظرت وزارة التعليم العالي التي تديرها حركة طالبان استخدام 679 كتابا دراسيا ومادة أكاديمية في جميع الجامعات الأفغانية، حسب توجيه رسمي تم توزيعه على المؤسسات في جميع أنحاء البلاد. ويحمل التوجيه الذي أوردت وكالة الأنباء الألمانية ملخصا لمحتواه توقيع نائب وزير التعليم العالي في حكومة طالبان، ضياء الرحمن أريوبي ويشتمل على قائمة من خمسين صفحة تضم الكتب والمواد المحظورة.

وذكرت الوزارة في التوجيه أن لجنة خاصة راجعت المحتوى التعليمي في الجامعات ووجدت أن هذه المواد لا تتوافق مع التوجهات الفكرية والدينية والسياسية والثقافية والأكاديمية. وصدرت تعليمات للجامعات بتعليق استخدام المواد المذكورة حتى يتم إيجاد بدائل مناسبة.

وعادة ما توصف مواد فلسفية ونظريات من قبيل نظرية داروين للنشوء والارتقاء وحتى بعض المواد والحقائق العلمية الثابتة التي تدرّس في نطاق العلوم التجريبية، من قبل طالبان وسائر الحركات الإسلامية المتشدّدة بأنّها مواد إلحادية مخالفة للشريعة. وتشمل الكتب المحظورة مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك الدراسات الإسلامية والقانون والاقتصاد والصحافة والأدب وعلم النفس والهندسة والطب والزراعة وعلوم البيئة.

◙ لجنة من طالبان راجعت المحتوى التعليمي في الجامعات ورصدت مواد لا تتوافق مع توجهاتها الفكرية والدينية والسياسية

وعلى مدى السنوات الأربع الأخيرة من حكمها سنت طالبان قوانين وأصدرت تعليمات ضيقت كثيرا هامش التعلم أمام النساء حتى أنها منعت تعليم من تزيد أعمارهن عن اثني عشر عاما وحرّمت على المرأة إسماع صوتها خارج البيت وحددت الأماكن العامة التي يمكنها ارتيادها والتجول فيها وفرضت قيودا على الوظائف التي يمكن للنساء القيام بها.

ويأتي ذلك على الرغم من حاجة الحركة، التي صعدت إلى الحكم بقوة السلاح خلفا لحكومة كانت مدعومة من الغرب، إلى مساعدة الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية لمواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية بالغة الصعوبة في البلد، وأيضا حاجتها للحفاظ على علاقات جيدة مع تلك المنظمات للاندماج في المجتمع الدولي الذي لا يزال قسم كبير منه ينظر إلى الحركة بشك وارتياب.

لكن طالبان تواجه في مجال حقوق الإنسان تبعات نموذجها المتشدّد دينيا لاسيما حيال حقوق المرأة. وفي إحدى أحدث إفاداتها حول أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان، قالت بعثة الأمم المتحدة في البلاد إن العشرات من الموظفات المحليات تعرضن مؤخرا لتهديدات قتل مباشرة، أطلقها أفراد مجهولون على صلة بعمل هؤلاء الموظفات مع بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان (يوناما) وهيئات وبرامج وصناديق أخرى تابعة للمنظمة.

وكانت طالبان قد منعت النساء الأفغانيات من العمل في المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية في ديسمبر 2022، ثم مددت الحظر ليشمل الأمم المتحدة بعد ستة أشهر، مهددة بإغلاق أي وكالات أو مؤسسات تواصل توظيف النساء. وتقول وكالات الإغاثة إن طالبان عرقلت أنشطتها أو تدخلت فيها.

وسبق للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان روزا أوتونباييفا أن طالبت حركة طالبان بإنهاء انتقائيتها في التعامل مع المجتمع الدولي ومنظماته وإزالة التناقض بين الحاجة إلى مساعداته وعدم الامتثال لقوانينه وأخلاقياته.

وسألت الحركةَ خلال إفادة سابقة أمام مجلس الأمن الدولي عما إذا كانت تريد إعادة دمج أفغانستان في النظام الدولي وإن كانت على استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة لذلك. وقالت إن سلطات الأمر الواقع تعاملت حتى الآن مع التزاماتها الدولية بشكل انتقائي ورفضت بعضها على أساس أنه ينتهك سيادة البلاد أو تقاليدها.

وأكدت أنّه في ما يتصل بحقوق الإنسان لم يكن هناك أي تخفيف للقيود المفروضة على المرأة على الرغم من النداءات العالمية والنداءات التي أطلقها العديد من الأفغان، معتبرة أن حظر تعليم النساء والفتيات يشكل معطى محزنا على نحو خاص.