سوريا توقع اتفاقية لإنزال أول كابل بحري دولي يربط المتوسط بالمحيط

الكابل البحري يسهم بزيادة سرعات الإنترنت وتحسين جودة الخدمة، ليدعم التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية بالبلاد بكفاءة.
السبت 2025/10/25
خطوة نحو التحول الرقمي

دمشق - وقعت وزارة الاتصالات السورية اليوم السبت اتفاقية استراتيجية لإنزال أول كابل بحري دولي إلى البلاد، مع شركة "ميدوسا" ومقرها برشلونة، وذلك في خطوة تمثل نقلة نوعية لسوريا نحو تطوير بنيتها التحتية الاتصالية، وكسر جزء من العزلة التي فرضت على قطاع الاتصالات الحيوي في البلاد.

وذكرت قناة الإخبارية السورية الرسمية أنه تم "توقيع اتفاقية إنزال أول كابل بحري دولي إلى سوريا في محافظة طرطوس بحضور وزير الاتصالات وتقانة المعلومات عبدالسلام هيكل وممثل شركة ميدوسا الإسبانية نورمان البي إلى جانب مسؤولين من محافظتي اللاذقية وطرطوس".

ويشير اختيار محافظة طرطوس، التي تطل على البحر المتوسط، إلى الأهمية الجيوسياسية للموقع كبوابة اتصال بحرية.

ويعد هذا المشروع خطوة استراتيجية نحو تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات في سوريا، التي عانت لسنوات طويلة من ضعف جودة الإنترنت وبطء السرعات.

ومن المتوقع أن يسهم الكابل البحري في زيادة سرعات الإنترنت وتحسين جودة الخدمة بشكل كبير، فضلا عن توفير اتصالات أكثر استقرارا وكفاءة تخدم الأفراد والمؤسسات والشركات، وتدعم عملية التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية في البلاد.

ويهدف نظام الكابلات البحرية الذي تنفذه شركة ميدوسا إلى تحقيق ربط دولي واسع، يتجاوز حدود سوريا.

وذكر الموقع الإلكتروني لشركة ميدوسا أن النظام يهدف إلى ربط 12 دولة في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا.

والأكثر أهمية، أنه سيشكل ممرا حيويا يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي والبحر الأحمر، مما يضع سوريا على خريطة الممرات الرقمية الدولية ويعزز من مكانتها كجسر محتمل للبيانات بين الشرق والغرب.

وجاء هذا التوقيع تتويجا لمساعي سابقة من قبل الحكومة السورية لتحسين واقع الاتصالات وخدمات الإنترنت، والتي تعتبر إحدى أبرز التحديات اليومية للمواطنين والشركات.

وتؤكد هذه الخطوة أن دمشق تعمل على تجاوز العقبات التقنية والمالية والسياسية لتأمين بدائل لشبكة الاتصالات الحالية، والتي تعرضت لأضرار كبيرة خلال سنوات الحرب، علاوة على اعتمادها على عدد محدود من الكابلات القديمة.

وينظر إلى الكابل البحري الجديد كأحد الحلول طويلة الأجل لتأمين احتياجات البلاد المتزايدة من سعات النطاق العريض.

وتعكس الاتفاقية كذلك رغبة سوريا في الانفتاح على الشراكات الدولية التي لا تخضع للعقوبات الغربية، مستفيدة من موقع شركة "ميدوسا" الإسباني، وهو ما يمكن أن يسرع من تنفيذ المشروع.

ويشكل هذا المشروع تحديا لوجستيا وتقنيا، إلا أن ربط البلاد بشبكة دولية كبرى سيعود بمنافع اقتصادية كبيرة، سواء من خلال تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، أو عبر توفير إيرادات جديدة للدولة من خلال مرور البيانات الدولية عبر الأراضي السورية.

وأعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية في مايو الماضي أيضاً، إطلاق المرحلة الأولى من مشروع أوغاريت 2 لتطوير قطاع الاتصالات والإنترنت في سوريا بتعاون مع الولايات المتحدة وقبرص.

ويهدف المشروع بحسب ما أعلنت الوزارة إلى ‏ترميم وتحديث الاتصال الرقمي الدولي لسوريا عبر قبرص، وتمثل هذه ‏المبادرة خطوة مهمة في تعزيز البنية التحتية للاتصالات في ‏سوريا وتوسيع القدرات الرقمية المستقبلية للبلاد.

أما المرحلة ‏الثانية فهي تركز على البنية التحتية للكابلات من كابل مشروع أوغاريت (2) ‏البحري الجديد، وتعزيز وصول سوريا إلى الشبكات العالمية، وتحسين ‏سرعات الإنترنت بشكل كبير، وتوفير الأساس للنمو الاقتصادي والتكنولوجي ‏المستدام.

وتعول سوريا على دعم الدول الحليفة والصديقة، خصوصاً دول الخليج، من أجل الدفع قدماً بإعادة إعمار المناطق والبنى التحتية المدمرة أو المتضررة جراء الحرب.

ومنذ إطاحة بنظام بشار الأسد، وقعت السلطات الجديدة عشرات الاتفاقات ومذكرات التفاهم بمليارات الدولارات مع جهات عدة، بينها قطر وتركيا والسعودية، لإعادة إعمار وتأهيل قطاعات متضررة بينها النقل والطاقة والكهرباء.

وقدّر البنك الدولي الثلاثاء الماضي، كلفة إعادة الإعمار في سوريا بحوالي 216 مليار دولار، بعد نزاع استمر أكثر من 13 عاماً استنزف الاقتصاد وخلّف دماراً واسعاً.

وتشكل إعادة الإعمار أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الانتقالية منذ إطاحة حكم الرئيس السابق في 8 ديسمبر الماضي. وألحق النزاع الذي شهدته سوريا بدءا من العام 2011، وفق التقرير، "أضراراً بنحو ثلث إجمالي رأس المال السوري قبل الصراع".