سموتريتش يعلن مخططا استيطانيا بالضفة ينسف حل الدولتين
تل أبيب - أعلن وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش موافقته على مشروع استيطاني سيفصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية المحتلة، في خطوة وصفها مكتبه بأنها ستقضي على فكرة إقامة دولة فلسطينية.
يأتي هذا الإعلان في وقت حرج، حيث عبرت العديد من الدول الأوروبية والغربية عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتُكثّف فيه إسرائيل من أنشطتها الاستيطانية والعسكرية في الأراضي الفلسطينية. وقد قوبل هذا القرار بإدانات واسعة من قبل السلطة الفلسطينية والدول العربية، التي حذّرت من تداعياته الخطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ولم يتضح بعد ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيّد خطة إحياء مخطط إي1 المجمد منذ فترة طويلة، والذي قال الفلسطينيون وقوى عالمية إنه سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين، ومن المرجح أن يثير غضبا دوليا.
وفي بيان بعنوان "دفن فكرة دولة فلسطينية"، قال المتحدث باسم سموتريتش إن الوزير سيعقد مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق اليوم الخميس حول خطة بناء 3401 منزل لمستوطنين إسرائيليين بين مستوطنة قائمة في الضفة الغربية والقدس.
وأوقفت إسرائيل خطط البناء هناك منذ عام 2012 بسبب اعتراضات من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وقوى عالمية أخرى اعتبرت المشروع تهديدا لأي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين.
ويخشى الفلسطينيون أن يؤدي بناء المستوطنات في الضفة الغربية، والذي تكثف بشكل حاد منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل عام 2023 الذي أشعل حرب غزة، إلى حرمانهم من أي فرصة لبناء دولة خاصة بهم في المنطقة.
وزادت أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون بشكل كبير، بدءا من تدمير بساتين الزيتون وقطع المياه والكهرباء في مجتمعات مثل سوسيا، إلى الهجمات الحارقة على الأماكن المقدسة المسيحية.
ولم يصدر أي بيان بعد من نتنياهو أو الحكومة. وتراجعت شعبية سموتريتش في الأشهر القليلة الماضية، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن حزبه لن يفوز بأي مقعد إذا أجريت الانتخابات البرلمانية اليوم.
ووصفت وزارة الخارجية الفلسطينية خطة الاستيطان الجديدة بأنها امتداد لجرائم الإبادة الجماعية والتهجير والضم، وصدى لتصريحات نتنياهو بشأن ما أسماه "إسرائيل الكبرى". ودأبت إسرائيل على رفض الاتهامات بالإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، وتقول إنها تتصرف دفاعا عن نفسها.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، "إن مشاريع الاستيطان الجديدة التي أعلن عنها لبناء 3401 وحدة استيطانية جديدة في المنطقة إي1 الواقعة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، واستمرار حرب الإبادة في قطاع غزة، وتصاعد إرهاب المستوطنين لن يحقق سوى المزيد من التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار".
وحمّل أبوردينة "حكومة الاحتلال" مسؤولية هذه التصرفات الخطيرة وحذر من تداعياتها، مشيرا إلى أن هذا الإعلان الاستيطاني الخطير يترافق مع تصريحات نتنياهو حول ما يسمى بإسرائيل الكبرى.
كما حمّل الإدارة الأميركية مسؤولية وقف إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن "هذه الحروب لا جدوى منها، وكذلك الاعتداءات والتصرفات غير المسؤولة والعدوانية لن تخلق سوى واقع مخالف للشرعية الدولية والقانون الدولي".
كما حذرت محافظة القدس من أن هذا القرار، وقالت إن "الخطوة تهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وعزل القدس عن عمقها العربي، وقطع شرايين الحياة عن الدولة الفلسطينية قبل ولادتها".
ورأت المحافظة أن "الإعلان عن هذه المخططات في هذا الوقت بالذات هو بمثابة إعلان حرب شاملة على الأرض والهوية الفلسطينية".
وذكرت أن هذا الإعلان يأتي تزامنا مع إعلانات أخرى تستهدف مدينة القدس ومحيطها.
وحذرت المحافظة من أن المخططات "تستهدف تغيير الهوية الوطنية للقدس وطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية، وتنسف بالكامل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية متواصلة الأراضي".
كما نبهت إلى أن المخططات الاستيطانية "تفرض السيادة الإسرائيلية بالقوة على القدس وضواحيها، وتمثل مشروع تطهير عرقي بحق الفلسطينيين في القدس ومحيطها".

كما استنكرت كل من مصر والأردن بشدة هذه الخطوة. فقد اعتبرت مصر أن التصريحات المتطرفة والسياسات الاستيطانية "تؤجج مشاعر الكراهية والتطرف"، وشددت على أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية مصيرها الفشل.
ومن جانبه، وصف الأردن القرار بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي واعتداء على حق الشعب الفلسطيني" في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة.
وسيربط مشروع إي1 مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية بالقدس. ويعتبر معظم المجتمع الدولي المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية واحتلالها العسكري للمنطقة منذ عام 1967 غير قانونيين.
وأعلنت حركة "السلام الآن"، التي ترصد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، أن وزارة الإسكان وافقت على بناء 3300 منزل في معاليه أدوميم.
وقالت الحركة في بيان "خطة إي1 تهدد مستقبل إسرائيل وأي فرصة لتحقيق حل الدولتين سلميا. نحن نقف على حافة الهاوية، والحكومة تدفعنا للأمام بأقصى سرعة".
وأوضحت السلام الآن أن ثمة خطوات لا تزال مطلوبة قبل الشروع في أعمال البناء، منها موافقة المجلس الأعلى للتخطيط في إسرائيل. وأضافت أنه في حال استكمال جميع الإجراءات كما هو مقرر، فقد تبدأ أعمال البنية التحتية خلال بضعة أشهر وبناء المنازل في غضون عام تقريبا.
ويشعر الفلسطينيون بالفعل بالإحباط بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من 61 ألف شخص في غزة، وفقا للسلطات الصحية المحلية، ويخشون أن يدفعهم نتنياهو في نهاية المطاف إلى الخروج من تلك المنطقة.
وزاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من قلقهم باقتراحه أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة وتبني منتجعا شاطئيا دوليا، وتهجير سكانها إلى دول مثل مصر والأردن.
ويعيش زهاء 700 ألف مستوطن إسرائيلي بين 2.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وضمت إسرائيل القدس الشرقية في خطوة لم تعترف بها معظم الدول، لكنها لم تبسط سيادتها رسميا على الضفة الغربية.
وتقول الأمم المتحدة ومعظم القوى العالمية إن التوسع الاستيطاني يؤدي إلى تآكل جدوى حل الدولتين من خلال تجزئة الأراضي الفلسطينية.
وتنفي إسرائيل ذلك، وتستشهد بروابط تاريخية وتوراتية بالمنطقة التي تسميها يهودا والسامرة، وتقول إن المستوطنات توفر عمقا استراتيجيا وأمنا.
ويعتبر معظم المجتمع الدولي جميع المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي تدعمه العديد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرار الذي دعا إسرائيل إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية.
وترفض إسرائيل هذا التفسير قائلة إن الضفة الغربية "متنازع عليها" وليست أرضا "محتلة".
وفرضت بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا عقوبات في يونيو على سموتريتش ووزير آخر من اليمين المتطرف يدعو إلى توسيع المستوطنات، متهمة إياهما بالتحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وقالت بريطانيا ودول أخرى إنه يجب على إسرائيل وقف توسيع المستوطنات في الضفة الغربية. وعلى مدار 22 شهرا الماضية، وفي الوقت الذي شنت فيه إسرائيل حربا على غزة، أفادت جماعات لحقوق الإنسان بارتفاع حاد في هجمات المستوطنين وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.