رمزي الغزوي يعرض تجربة روحية تتجاوز حدود الفوتوغرافيا التقليدية
عمان – يجمع معرض “كائنات: وجوه مقطوفة من سمفونية الأرض” للكاتب الأردني رمزي الغزوي بين بساطة المشهد الملتقَط بعين الكاميرا وعمق المعنى الذي ينطوي عليه من جهة، وبين التجربة البصرية المستقاة من روح المكان والبعد التأملي من جهة أخرى.
وبحضور ومشاركة الدكتور عمر الرزاز وجمع غفير من الفنانين والأدباء والصحافيين والضيوف افتتح المعرضُ الفتوغرافي مساء الأحد في غاليري إطلالة اللويبدة في العاصمة الأردنية عمان ويستمر عشرة أيام.
ويأتي المعرض، المتكون من 50 صورة، كتجربة روحية تتجاوز حدود الفوتوغرافيا التقليدية لتؤشر لنا على كيفية الإصغاء إلى ما خفي من أشياء، وتعيد إلينا براءة فقدناها في زحمة العيش، وهنا لا تُرى الطبيعة كموضوع صامت، بل كذات حيّة.
المايسترو الذي يقطف تلك الوجوه ويمنحها فرصة الظهور لا يحمل عصا موسيقية، بل قلبا مفتوحا على أسرار الحجر والجذع والظل والطرقات، فيحول الجماد إلى مرايا تعكس وجوها تشبهنا ولا تشبهنا، وتراقبنا منذ الأزل.
ويقول الغزوي إن مشروعه عبور من العادة إلى الذهول، ومن النظر إلى الإصغاء، ومن الفكرة إلى الإحساس، وهو يجيء استكمالا لمبادرة “ثقافة الزهرة” التي أطلقها قبل سنوات بعيدة للفت الانتباه والوجدان إلى أمنا الطبيعة بوصفها كتابا مفتوحا للفن والجمال، ولنمنحها الحماية والرعاية والتقدير، ويضيف أن “كائنات” دعوة هامسة إلى التخلي عن مركزيتنا كبشر لنعود أبناءً للفطرة الكونية، مؤكدا أن صوره تذكيرٌ بأن الحياة ليست في ما نُسميه ونُفسره، بل في ما يدهشنا.
وتشير اللوحات المعروضة إلى أهمية إعادة النظر في فكرة “مركزية الإنسان” على الأرض؛ فبدلاً من أن نرى أنفسنا في المركز، تقترح علينا الأعمال أن نستمع ونتلمّس ونتأمل في ما حولنا؛ في هذه الكائنات الخفية، لنكتشف أن ما في الطبيعة ليس مجرد جماد وجد لخدمتنا بل هو ذوات تشاركنا هذا الوجود.
لذلك يركز الغزوي في المشاهد التي التقطها على فكرة الوجوه التي شكلتها الطبيعة من جذوع الأشجار أو الصخور أو حتى في تركيبات الضوء والظلال، ويشعر المتأمل في أعماله بأن ما تحمله هذه الوجوه من ملامح يشبه إلى حد كبير ملامحنا الإنسانية، ولعلها أيضاً بمنظرها البسيط وألوانها الطبيعية تنظر إلينا وتراقبنا، كما لو أنها جزء من تكويننا ونحن جزء من تكوينها؛ وبالتالي نتشارك معاً الحياة على سطح الأرض.
من جانبه ألمح الفنان كمال أبوحلاوة إلى أن الغزوي لا يكف عن مفاجأتنا بأطروحاته المتتالية، التي تُجسِّد علاقةً وجوديةً مع الطبيعة لا تخلو من إحساسٍ مرهف بالتواضع إزاء جبروتها.
ويضيف أبوحلاوة أن الغزوي يبرز عمله الفني في بساطته العميقة، بعيني كاتبٍ وفنان قنَّاصٍ للّحظة، باحثٍ عن المشهدية الكامنة، ويقول إنه يقرأ العالمَ بتفاصيلَ لا نُعيرها اهتمامنا نمرُّ بها مرورَ الغافلين، فلا نمنحُها حقَّها من التأمُّل والالتفات.
يشار إلى أن الغزوي، الذي يكتب عمودا يوميا في جريدة “الدستور” الأردنية، ويعمل مستشارا إعلاميا في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، حاصل على ماجستير الصحافة والإعلام الحديث، وعمل مستشاراً إعلاميا لدى جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، وعضو هيئة تدريس في جامعة فيلادلفيا ومحاضراً غير متفرغ في الجامعة الأردنية، ومعدًا ومقدما للبرامج في إذاعتها، ومديرا لمشروع مؤسسة محمد بن راشد لعروض الكتب، ومحررا في مركز الدراسات الإستراتيجية.

له 25 مؤلفا في شتى ضروب الأدب، ونال 10 جوائز أدبية وإعلامية ومجتمعية، أبرزها جائزة الحسين للإبداع الصحفي، وجائزة أحسن مقالة صحفية عربية عام 2012، وجائزة شومان العالمية لرواية اليافعين سنة 2014، وجائزة أفضل كاتب مقال عن رابطة الكتاب الأردنيين عام 2008، وجائزة التمكين الديمقراطي سنة 2015 من صندوق الملك عبدالله للتنمية عن مشروع صالون وادي الطواحين، وجائزة مدينة الثقافة الأردنية لأدب الأطفال عام 2007، وجائزة تيسير السبول للقصة القصيرة سنة 2000، وجائزة شاعر الطلبة العرب ببغداد عام 1994.
والغزوي عضو رابطة الكتاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ونقابة الصحافيين الأردنيين، ومؤسس لمشروع بشاير للمواهب الشابة في مهرجان جرش للثقافة والفنون، اختيرت مؤلفاته لمشروع الذخيرة في جامعة الدول العربية، وهو ناشط ثقافي واجتماعي وبيئي أسس صالون وادي الطواحين وأطلق الحملة الإنسانية لحماية ما تبقى من غاباتنا عام 2014، وهو أيضا صاحب مبادرة ثقافة الزهرة.