رحلة البحث عن نشيد وطني سوري بعد "حماة الديار".. بدأت

اختيار نشيد وطني جديد يحمل مخاطر إعادة إثارة الخلافات.
الخميس 2025/10/23
نشيد لكل السوريين بلا استثناء

دمشق- أثار إعلان الرئاسة السورية عن لقاء جمع الرئيس أحمد الشرع بوزير الثقافة محمد الصالح، وعددٍ من الأدباء والشعراء، لبحث "ترتيبات النشيد الوطني الجديد للجمهورية العربية السورية" جدلا ونقاشات واسعة بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا اللقاء، الذي جاء بعد أشهر من الاستقرار النسبي، يُعتبر خطوة أولى نحو اعتماد نشيد دائم، لكنه لم يقدم تفاصيل واضحة مثل إعلان مسابقة شعرية مفتوحة للسوريين أو تشكيل لجنة إشرافية من الشعراء والموسيقيين، مما دفع بعض الناشطين إلى وصفه بـ"الكلام في الهواء" دون خطة عملية.

من بين الحاضرين الشاعر والباحث الفلسطيني جهاد الترباني، المعروف باهتمامه بالتاريخ الإسلامي وبقصائده التي دعمت الثورة السورية والمصرية.

كما حضر اللقاء الأخوان الدغيم، المدير العام لمديريات الثقافة والمراكز الثقافية في وزارة الثقافة السورية أنس الدغيم، وشقيقه حسن الدغيم، عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، والكاتب في شؤون الجماعات الإسلامية.

هذا الحضور دفع بعض السوريين للتعليق عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنّ النشيد السوري السابق كان من تلحين الأخوين محمد وأحمد فليفل، ويبدو أن النشيد الجديد سيكون من كلمات الأخوين الدغيم، فيما علّق آخرون بأن "سوريا تعاني عقدة الأخوين". بعد حافظ ورفعت الأسد، وبشار وماهر الأسد، وأحمد وماهر الشرع، جاء أنس وحسن الدغيم.

يذكر أنه بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، أصبحت مسألة النشيد الوطني السوري محور نقاش حاد يعكس التحديات في بناء هوية وطنية جديدة لـ"سوريا الحرة". كان النشيد الرسمي السابق، "حماة الديار"، الذي يعود إلى عام 1938 ويحمل كلمات الشاعر خليل مردم بك ولحناً للأخوين فليفل، "مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتراث الاستعماري والنظام السابق"، وفق ما يقول معلقون،  مما دفع الإدارة السورية الجديدة إلى استبعاده عملياً من المناسبات الرسمية والمباريات الرياضية والمدارس.

وفي يناير 2025، أبلغ الاتحاد السوري لكرة القدم الاتحاد الدولي (فيفا) بتغييرات تشمل اعتماد "في سبيل المجد" كنشيد مؤقت، وهو قصيدة للشاعر السوري عمر أبو ريشة ملحنة أيضاً من الأخوين فليفل، تعبر عن التضحية والمقاومة ضد الظلم، لكن هذا الاعتماد لم يحسم الجدل بل أشعله أكثر، إذ يُرى كحل انتقالي يفتقر إلى الشمولية الكاملة لكل مكونات الشعب السوري.

ودار  الجدل حول ما إذا كان النشيد يجب أن يكون تعبيراً عن الثورة السورية 2011، أم يعكس التنوع الطائفي والعرقي، أم يركز على قيم الحرية والديمقراطية دون إشارات تاريخية مثيرة للخلاف.

وأبرزت تغريدات على إكس ومنشورات على فيسبوك مخاوف من أن الترتيبات الحالية قد تؤدي إلى نشيد "جهادي" أو "منحاز طائفيا".

ونشطت دعوات متكررة لاستخدام نشيد ثوري شهير مثل "ارفع رأسك فوق أنت سوري حر"، الذي يُرى كأكثر بساطة وعاطفية، أو إجراء مسابقة شعرية عامة لضمان التمثيل العادل لكل الطوائف والمناطق.

بعض التعليقات تذهب إلى أبعد من ذلك، محذرة من أن النشيد إذا لم يتجنب الإشارات الطائفية أو الإسلامية الضيقة، قد يعيد إنتاج الانقسامات التي أدت إلى الحرب، خاصة في ظل تعديلات المناهج التعليمية التي حذفت مواد التربية الوطنية في يناير 2025 لإزالة الدعاية السابقة.

في السياق الأوسع، يرتبط الجدل بالتحديات الثقافية للانتقال السياسي، حيث أثارت قرارات وزارة التربية بحذف مقاطع من الكتب المدرسية، بما في ذلك "نشيد النظام"، غضباً لدى بعض السوريين الذين يرون فيها محواً للتراث الثقافي غير السياسي. 

ويخشى معلقون أن يتحول النشيد الوطني الجديد إلى "أداة للتطبيل السياسي" بدل أن يكون "رمزا للدولة والشعب".

كما عكس النقاش أيضاً التوتر بين الحفاظ على التراث السوري العريق، مثل قصائد أبو ريشة، وبناء رمز جديد يشمل الجميع، مما يجعل عملية الاختيار ليست فنية فحسب بل سياسية واجتماعية عميقة.

ويبدو أن الجدل سيستمر حتى يتم الإعلان عن قرار نهائي، ربما عبر مسابقة شعرية أو استفتاء شعبي، لكن الضغط الشعبي على وسائل التواصل يؤكد أن السوريين يريدون نشيداً يعبر عن فخرهم بالحرية دون أن يذكرهم بالألم، ويكون صوتاً للوحدة لا للانقسام.

وفي هذا السياق تساءل ناشط:

 

وقال معلقون إن "اختيار نشيد وطني جديد، إذا نجح، قد يكون خطوة حاسمة نحو الشفاء الوطني، لكنه يحمل مخاطر إعادة إثارة الخلافات إذا لم يُدار بحكمة".

في المقابل، عبر سوريون عن تشبثهم بنشيد "حماة الديار"، مؤكدين أنهم لا يروا داع لتغييره. وكتبت معلقة في هذا السياق:

وقال ناشط:

 

5