دماء وركام المشهد الطاغي في غزة بعد عامين من الحرب
غزة- دماء وركام في كل مكان، هذا هو المشهد الطاغي في غزة، بعد عامين من الحرب الإسرائيلية، التي بدأت على إثر هجوم شنته حركة حماس على تجمعات بجنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
ورغم قتامة المشهد لا يزال الغزيون يتمسكون بالأمل في انتهاء الحرب، التي دخلت عامها الثالث، قريبا، في ظل مشاورات تجري حاليا في منتجع شرم الشيخ المصري حول خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما يتسرب عن تلك المشاورات من “أجواء إيجابية”.
وخلال العامين، قتل أكثر من 67 ألف فلسطيني في القطاع، ثلثهم تقريبا دون سن 18 عاما. وخلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، واعتمدت على نطاق عمليات القتل كأحد الأدلة التي تدعم استنتاجها.
ووفقا للبيانات الإسرائيلية الرسمية، فقد قُتل ما لا يقل عن 1665 إسرائيليا وأجنبيا خلال الفترة من السابع من أكتوبر 2023 إلى التاسع والعشرين من سبتمبر 2025 على صلة بالحرب، بينهم 1200 قتلوا في هجوم السابع من أكتوبر نفسه.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 466 من جنوده قتلوا في المواجهات وأصيب 2951 آخرون منذ انطلاق عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر 2023.
◄ قتل ما لا يقل عن 2340 شخصا منذ 27 مايو أثناء محاولتهم الحصول على الطعام أو المساعدات في قطاع غزة
واقتادت حماس 251 رهينة إلى غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر. وتقول إسرائيل إن 48 رهينة لا يزالون في غزة، ويُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة.
وبموجب مقترح ترامب الذي يناقشه الجانبان حاليا لوقف الحرب، سيتم تسليم الرهائن المتبقين في صفقة تبادل مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين محتجزين في إسرائيل، لكن مسؤولين يقولون إنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق سريع في المحادثات.
ويظهر تحليل أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية لبيانات تعود إلى يوليو أن حوالي 193 ألف مبنى في غزة تعرضت للدمار أو الأضرار. وأضاف المركز أن حوالي 213 مستشفى و1029 مدرسة استُهدفت.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن 14 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى كانت في غزة لا تزال تعمل بشكل جزئي، كما أن المستشفيات في جنوب غزة تجد صعوبة في مواكبة الأعباء.
وعبّرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء مستوى الدمار في مدينة غزة المركز الحضري الرئيسي بالقطاع، وقالت إن أي عمل متعمد لنقل السكان سيكون بمثابة تطهير عرقي.
وزارة الصحة في غزة: ما لا يقل عن 177 شخصا، بينهم 36 طفلا، لقوا حتفهم نتيجة للجوع أو سوء التغذية
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 18 في المئة من سكان قطاع غزة فقط لا يخضعون حاليا لأوامر نزوح أو محاصرين في مناطق عسكرية، فيما اضطر الكثير من الفلسطينيين إلى النزوح عدة مرات.
ومنذ أن وسعت إسرائيل حملتها العسكرية على مدينة غزة في منتصف أغسطس، متوعدة بالقضاء على مقاتلي حماس، سجلت الأمم المتحدة أكثر من 417 ألف حالة نزوح من شمال القطاع إلى جنوبه.
وتصدر إسرائيل تحذيرات لسكان مدينة غزة للنزوح جنوبا. لكن منظمات الإغاثة تتحدث عن واقع مأساوي في جنوب غزة حيث تتكدس العائلات في خيام مؤقتة وتئن الخدمات تحت وطأة الضغط الهائل عاجزة عن استيعاب هذا السيل البشري المتدفق.
وأفاد مرصد معني بمراقبة الجوع في أغسطس بأن مجاعة تتكشف في مدينة غزة ورجح اتساع رقعتها. ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صحة التقرير واعتبره “محض كذب”.
وأشارت أداة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن نحو 514 ألف شخص، يمثلون ما يقارب ربع سكان غزة، يعانون من مجاعة.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، لقي ما لا يقل عن 177 شخصا، بينهم 36 طفلا، حتفهم نتيجة للجوع أو سوء التغذية منذ تأكيد تفشي المجاعة في مناطق من القطاع.
◄ إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، واعتمدت على نطاق عمليات القتل كأحد الأدلة التي تدعم استنتاجها
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان إن أكثر من 60 في المئة من النساء الحوامل والأمهات الجديدات يعانين من سوء التغذية.
وفي 21 مايو، رفعت إسرائيل حصارا دام 11 أسبوعا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة. ومع ذلك، تقول وكالات الإغاثة إن ما يصل من مساعدات لا يكاد يلامس حجم الاحتياجات الهائلة.
وتؤكد العديد من هذه الوكالات أنها لا تزال تصطدم بعقبات لوجستية، بما في ذلك إغلاق معبر زيكيم بين غزة وإسرائيل في 12 سبتمبر، وإغلاق جسر الملك حسين الذي يربط بين الضفة الغربية المحتلة والأردن أمام إمدادات المساعدات الغذائية في 24 سبتمبر.
وتقول إسرائيل إنها لا تفرض سقفا على كميات المساعدات الغذائية التي تدخل واتهمت حماس بسرقتها، وهي اتهامات تنفيها الحركة.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تم اعتراض نحو 73 في المئة من شاحنات المساعدات الغذائية المتجهة إلى غزة خلال سبتمبر، إما على أيدي مدنيين يعانون من الجوع أو عصابات مسلحة.
وأظهرت بيانات لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن ما لا يقل عن 2340 شخصا قتلوا منذ 27 مايو أثناء محاولتهم الحصول على الطعام أو المساعدات في قطاع غزة، قرابة نصفهم سقطوا قرب مواقع إمداد عسكرية، فيما لقي الباقون حتفهم على امتداد طرق قوافل الإغاثة.
وتنفي مؤسسة غزة الإنسانية، التي بدأت توزيع الطعام منذ أواخر مايو من مراكز توزيع قليلة، وقوع أي حوادث قرب مواقعها. وتعمل المؤسسة خارج منظومة الأمم المتحدة وتدعمها إسرائيل.