دعوات نيابية في العراق لوضع خطة أمنية متكاملة استعدادًا للانتخابات
بغداد - مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 11 نوفمبر المقبل، تتصاعد المخاوف في الشارع العراقي من اتساع دائرة التهديدات الأمنية التي قد تُعيق سير العملية الديمقراطية أو تؤثر في نتائجها، خاصة في ظل تصاعد عمليات استهداف المرشحين وتنامي نشاط الجماعات المسلحة، بما في ذلك القوى الموالية لطهران.
وقد دعت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي إلى ضرورة وضع خطة أمنية وطنية استباقية شاملة، تأخذ في الاعتبار حساسية المرحلة وارتفاع مستوى التحديات، لضمان سلامة العملية الانتخابية وحماية المشاركين فيها.
وأكد النائب علي نعمة البنداوي، في تصريح لموقع 'شفق نيوز' الكردي العراقي أن "المرحلة الحالية تتطلب تحركاً أمنياً واسعاً يشمل تفعيل العمليات الاستخبارية، وتعزيز الجهد الاستباقي في جميع المحافظات"، مشددًا على ضرورة "تدوير القطعات الأمنية لمنع التراخي والارتخاء في الأداء، وضمان انتشار أمني ميداني فعّال يواكب متطلبات المرحلة القادمة".
وتأتي التحذيرات النيابية بعد سلسلة من الأحداث الدامية التي استهدفت مرشحين للانتخابات أو مكاتبهم، ما يؤكد جدية المخاطر المحدقة بالاستحقاق المرتقب. ففي حادثة أثارت الكثير من القلق، قُتل عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات المقبلة صفاء حسين المشهداني، في عملية اغتيال نُفذت قبل يومين من صدور البيان البرلماني.
وفيما لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيال، إلا أن الحادث أعاد إلى الأذهان ما شهده العراق من محاولات مماثلة للتأثير على نتائج الانتخابات السابقة من خلال العنف والترويع.
كما شهدت منطقة جنوب بغداد هجومًا مسلحًا اليوم السبت استهدف مكتب أحد المرشحين، حيث فتح مجهولون النار على المكتب ما أدى إلى إصابة اثنين من عناصر الحماية، في مؤشر جديد على هشاشة الوضع الأمني وصعوبة ضمان بيئة انتخابية آمنة في ظل تزايد عمليات الاستهداف.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التزام حكومته باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة، مشدداً على أن "أمن العملية الانتخابية يمثل أولوية لا يمكن التهاون معها".
ولم تقتصر الاستعدادات الأمنية على الجوانب الميدانية فقط، بل امتدت لتشمل المجال الرقمي، حيث أعلن الفريق أول الركن قيس المحمداوي، نائب قائد العمليات المشتركة، عن تشكيل لجنة للأمن السيبراني بهدف حماية سير العملية الانتخابية من أي تهديد إلكتروني محتمل.
وأوضح خلال مؤتمر صحفي الأربعاء أن اللجنة تعمل بتنسيق وثيق مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مشيرًا إلى وجود تعاون فعّال مع السلطة القضائية لتتبع التهديدات، والقيام بعمليات استباقية لمواجهة محاولات استهداف المرشحين أو التأثير على نتائج الانتخابات.
وأضاف أن "القوات الأمنية تتابع بشكل مستمر توصيات وتعليمات واضحة من الجهات المختصة لضمان بيئة آمنة تشجع المواطنين على المشاركة في الانتخابات دون خوف أو ضغط".
وفي ظل تصاعد هذا النوع من الهجمات والتهديدات، تتعالى الأصوات التي تُحذر من أن استمرار نشاط الجماعات المسلحة، خصوصًا تلك المدعومة من الخارج والموالية لطهران، يشكل خطرًا مباشرًا على نزاهة الانتخابات وحرية الناخب في التعبير عن إرادته.
ويرى مراقبون أن تكرار مشاهد الاغتيالات والاعتداءات على المقرات الانتخابية قد يدفع بعض المرشحين إلى الانسحاب، أو يعزز مناخ التخويف الذي قد يؤثر على حجم المشاركة الشعبية، ويفتح الباب أمام تزوير أو تلاعب بالإرادة الشعبية تحت تهديد السلاح.
وفي هذا السياق، تتزايد المطالبات السياسية والشعبية بضرورة تحييد السلاح عن المسار الانتخابي، ومحاسبة الجهات التي تحاول فرض إرادتها بالقوة أو التأثير على الناخبين باستخدام الترهيب، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للديمقراطية الوليدة في العراق.
كما يُنتظر من الحكومة العراقية أن تبرهن على جديتها في ضبط الأمن، ليس فقط عبر البيانات، بل من خلال ضمان حياد القوات الأمنية، وفرض سلطة القانون على جميع الأطراف دون استثناء.