دروس في "التحضر" من المبعوث الأميركي باراك للصحافيين تغضب اللبنانيين
ترددت أصداء المؤتمر الصحفي للمبعوث الأميركي توماس باراك على منصات التواصل الاجتماعي بعد “الإهانة” التي وجهها للصحافيين اللبنانيين قائلا “في اللحظة التي يبدأ فيها السلوك الحيواني.. سأنهي المؤتمر،” ما أثار استنكارا واسعا تحول إلى جدل سياسي وهجوم على الحكومة والدولة.
بيروت - انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر المبعوث الأميركي توماس باراك وهو يوجه عبارات صادمة ونابية للصحافيين في القصر الجمهوري اللبناني خلال زيارته إلى بيروت، واصفا سلوكهم بـ”الحيواني” و”الفوضوي”، ما أثار ضجة واسعة واستنكار اللبنانيين.
وأبدى باراك انزعاجه من طرح الصحافيين أسئلتهم بشكل متزامن أثناء محاولتهم الحصول على تصريحات منه ومن مرافقته في الوفد مورغان أورتاغوس، مع أن هذا الأسلوب يُعد أمرا مألوفا ومتكررا في المؤتمرات الصحفية حول العالم، لاسيما عندما يتعلق الأمر بقضايا مصيرية، في وقت لا يزال فيه شبح الحرب الإسرائيلية يخيم على المشهد اللبناني.
وقال باراك خلال المؤتمر الصحفي “سنضع مجموعة مختلفة من القواعد هنا، أليس كذلك؟ أريدكم أن تصمتوا لحظة.” ثم تابع بعبارات صادمة ومسيئة “في اللحظة التي يبدأ فيها الأمر بالفوضى أو بالسلوك الحيواني، سننهي كل شيء،” مهددا بوقف المؤتمر الصحفي.
ولم يكتف باراك بذلك، بل مضى أبعد قائلا “إذن، هل تريدون أن تعرفوا ما الذي يحدث؟ تصرفوا بتحضر، بلطف وتسامح. لأن هذه هي المشكلة الحقيقية في ما يحدث في المنطقة.”
وأثارت كلمات باراك ضجة واستنكارا واسعين في لبنان إذ اعتبر الكثير من الناشطين أن طريقة تعامل باراك مع الصحافيين تعبر عن عدم احترام ليس فقط للصحافيين بل للبلاد كلها، وهي انعكاس للسياسات الأميركية التي لا تقيم اعتبارا للشعوب بل تتعامل معها بمنطق الاستعلاء، مشيرين إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الصحافيين الذين كان يجب أن يردوا أو يغادروا القاعة، وقالت ناشطة:
zee_pace@
وسخر آخرون من بعض الصحافيين الذين اعتبروهم مرتزقة، وجاء في تعليق:
laudy3617240820@
وذهب آخرون إلى القول بأن إهانة الصحافيين تمتد إلى كامل الدولة اللبنانية:
mohammadffawaz@
واستغل أنصار حزب الله الحادثة للتشفي والهجوم على الخصوم السياسيين وجميع اللبنانيين الذين يطالبون بحصر السلاح بيد الدولة، ووجدوا الفرصة مناسبة لكيل التهم والترويج لشعارات المقاومة رغم ما سببته من دمار للبلاد، وجاء في تغريدة ساخرة:
theartist48@
وقررت فئة أخرى استغلال المناسبة لمهاجمة الحكومة والطبقة السياسية بحجة خضوعهما للخارج والاستعانة بالأجنبي والرضوخ له في حين أن لبنان يعاني من أزمات على كافة الأصعدة، وهو في أمس الحاجة إلى الدعم الذي من دونه لا يمكن له التعافي واستعادة البلاد التي أنهكتها الحرب، وهاجم أحد المنتقدين الدولة قائلا:
EnassKarimeh@
وبالمثل قالت ناشطة:
Zeinab__Awada@
واستنكرت أيضا منظمات مهنية في لبنان الطريقة التي تعامل بها توماس باراك مع الصحافيين وهددت بمقاطعة الوفد الأميركي والمؤتمرات الصحفية، حيث أصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية بيانًا نددت فيه بما وصفته بـ”المعاملة الخارجة عن أصول اللياقة والدبلوماسية” التي يتعرض لها الإعلام اللبناني، معتبرة أن ما يزيد من خطورة الأمر أنه صدر عن “مبعوث دولة عظمى يقوم بدور دبلوماسي على ما هو معروف.”
واستغربت النقابة أن “يبادر توماس باراك بوصف تصرّف رجال وسيدات الإعلام في القصر الجمهوري بالحيواني،” مؤكدة أن الأمر “غير مقبول على الإطلاق، لا بل مستنكر جدا،” ودعت الموفد الأميركي إلى “تصحيح ما بدر عنه من خلال إصدار بيان اعتذار علني للجسم الإعلامي.”
وأضافت النقابة أن “عدم صدور مثل هذا البيان قد يدفع نقابة محرري الصحافة اللبنانية إلى الدعوة لمقاطعة زيارات واجتماعات الموفد الأميركي كخطوة أولى على طريق إفهام من يلزم أن كرامة الصحافة والصحافيين ليست رخيصة ولا يمكن لأي موفد مهما علت درجته أن يتجاوزها.”
وتوماس جوزيف باراك الابن من مواليد 28 أبريل 1947، وهو رجل أعمال ملياردير ومستثمر عقاري أميركي من أصول لبنانية، يشغل حاليًا منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا منذ مايو 2025.
وعُرف باراك بكونه صديقًا مقربًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشارًا سياسيًا له، حيث اضطلع بدور بارز في حملة ترامب الرئاسية عام 2016 وتولى رئاسة لجنة تنصيب ترامب رئيسًا. إلى جانب حياته السياسية، يُعد باراك مؤسسًا ورئيسًا تنفيذيًا لشركة كولوني كابيتال للاستثمار في العقارات، وكان لفترة ضمن قائمة أثرياء العالم بثروة تجاوزت المليار دولار.