خطة ترامب بشأن غزة من المرجح ألا تُقنع حماس
واشنطن – يُمثّل الاقتراح الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة إنذارا نهائيا لحماس: إطلاق سراح الرهائن، ونزع سلاحها، والاستسلام، أو مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية الكاملة بدعم صريح من واشنطن.
وتعهد ترامب لإسرائيل “بدعمه الكامل لإنهاء المهمة” إذا رفضت حماس الشروط، بينما تواصل القوات والدبابات الإسرائيلية تقدمها إلى وسط مدينة غزة، التي نزح منها 800 ألف فلسطيني بالفعل.
وتفرض الخطة في جوهرها مطالب سابقة رفضتها حماس باستمرار. فعلى مدى عامين تقريبا، أصرت إسرائيل على إمكانية انتهاء الحرب إذا أعادت حماس الرهائن، وتخلّت عن أسلحتها، واختارت المنفى.
ولا يزال الإطار المُحدّث لا يُقدّم أيّ مسار فوري وملموس نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو هدف يحظى بتأييد دولي واسع.
وكُشف النقاب عن خطة ترامب المكونة من إحدى وعشرين نقطة في مؤتمر صحفي مشترك بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتتضمن عدة عناصر جديدة، منها العفو عن عناصر حماس الذين يلقون سلاحهم ويلتزمون بالتعايش السلمي.
وتتخلى الخطة عن مقترحات سابقة لطرد سكان غزة، وتتعهد بزيادة كبيرة في المساعدات، وتدعو إلى مشاركة عالمية في إعادة إعمار القطاع المدمر.
لا يزال الإطار المُحدّث لخطة ترامب لا يُقدّم أيّ مسار فوري وملموس نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو هدف يحظى بتأييد دولي واسع
وقد تفاعلت الأسواق بشكل إيجابي مع احتمالية وقف إطلاق النار. وارتفع الشيكل إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل الدولار يوم الاثنين عقب إعلان ترامب قبول نتنياهو للخطة. وسجل مؤشر الأسهم المحلية مستوى قياسيا يوم الثلاثاء قبل أن يتراجع قليلا.
والسؤال المحوري هو ما إذا كانت قيادة حماس، التي ترزح تحت ضغط شديد، مستعدة لقبول شروط رفضتها منذ فترة طويلة. وتعتبر حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، نفسها حركة مقاومة ملتزمة بتدمير إسرائيل.
ووفقا لقناة القاهرة التلفزيونية المصرية الرسمية التي نقلت تصريح مسؤول أمني، فإن الوسيطين مصر وقطر رفعا الاقتراح الأميركي، لكن حماس لم ترد بعد.
ورحبت قطر وتركيا (وهما حليفتان لحماس منذ فترة طويلة) بالمبادرة إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة الأخرى، ما يشير إلى تزايد الضغوط الإقليمية على حماس للامتثال.
ويوم الاثنين، اتصل نتنياهو برئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني للتعبير عن “أسفه العميق” إزاء ضربة صاروخية قاتلة في الدوحة الشهر الماضي استهدفت شخصيات من حماس. وكانت هذه الخطوة جزءا من جهود ترامب لضمان الاصطفاف الإقليمي.
وأشار جوناثان بانيكوف من المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن إلى أن حماس تواجه الآن مستوى نادرا من الضغط من قيادة إسلامية موحدة ملتزمة بإنهاء الحرب. ولا تزال الشكوك، مع ذلك، قائمة.
وقد صرحت أنيل شيلين، زميلة معهد كوينسي التي استقالت من وزارة الخارجية الإسرائيلية احتجاجا على سياسة غزة، أن حماس من المتوقع أن ترفض العرض، وهي خطوة قد تسمح لواشنطن بإلقاء اللوم على الفلسطينيين لعرقلة السلام.
ورفض المدافعون عن فلسطين الخطة باعتبارها منحازة لإسرائيل. ووصفها يوسف منير، رئيس برنامج فلسطين – إسرائيل في المركز العربي بواشنطن، بأنها غطاء سياسي برعاية أميركية لإبادة جماعية في غزة.
ويتهم تقرير صدر مؤخرا بتكليف من الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. ويواجه نتنياهو مخاطر داخلية بانهيار حكومته وإجباره على إجراء انتخابات مبكرة (لن تُعقد قبل عام آخر).
الخطة تتخلى عن مقترحات سابقة لطرد سكان غزة، وتتعهد بزيادة كبيرة في المساعدات، وتدعو إلى مشاركة عالمية في إعادة إعمار القطاع المدمر
ويطالب وزراء ائتلافه اليميني المتطرف بضم غزة والضفة الغربية، وهو مسار ترفضه الخطة. وندد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالخطة على منصة إكس ووصفها بأنها “فشل دبلوماسي ذريع” وأعلن عن مشاورات بشأن خطواته التالية.
وتنص الخطة على أنه إذا أجرت السلطة الفلسطينية (التي تحكم جزءا من الضفة الغربية) إصلاحات في السنوات المقبلة، فقد تُمهّد “مسارا موثوقا به نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، وهو ما نُقرّ بأنه تطلعات الشعب الفلسطيني.”
وبينما من غير المرجح أن يُرضي التلميح المُبهم إلى إقامة الدولة في نهاية المطاف مؤيدي الاستقلال الفلسطيني، فإن مجرد الإشارة قد تُثير ردود فعل عنيفة من الإسرائيليين الذين يرونها مكافأة لهجوم حماس في أكتوبر 2023.
وتُعارض هذه الفكرة بشكل خاص حركة الاستيطان المؤثرة، الممثلة بقوة في حكومة نتنياهو. كما تتجنب تحديد مواعيد نهائية لإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي أو لإصلاحات السلطة الفلسطينية، ما يفسح المجال لتأجيل غير محدد.
واندلعت حرب غزة قبل عامين تقريبا، عندما اقتحم آلاف من مقاتلي حماس إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص وخطف 250 آخرين. ومنذ ذلك الحين، أسفر الهجوم المضاد الإسرائيلي عن مقتل 66 ألف شخص، وتسبب في أزمة إنسانية حادة.
وأعرب غيث العمري، الزميل الأقدم في معهد واشنطن والمستشار السابق لفريق التفاوض الفلسطيني، عن تفاؤل حذر بشأن التطورات الأخيرة الرامية إلى إنهاء الحرب.
وبينما أقرّ العمري بوجود تحديات كبيرة لا تزال قائمة في تفاصيل أيّ اتفاق محتمل، أشار إلى أن مستوى الضغط الحالي لحل الصراع غير مسبوق.
وتشير تصريحاته إلى أنه على الرغم من أن الطريق إلى الأمام محفوف بالتعقيدات، إلا أن هناك فرصة فريدة لتحقيق السلام بفضل تزايد الإلحاح والتركيز الدولي على هذه القضية.