حماس تمهد لترتيبات إنهاء وجودها العسكري في غزة

قبول الحركة بخطة ويتكوف يحرج الحكومة الإسرائيلية.
الأربعاء 2025/08/20
تفاوض تحت الضغط

القاهرة- رهنت حركة حماس مستقبلها العسكري في يد ما يتم تجهيزه من ترتيبات لمرحلة ما بعد وقف الحرب على قطاع غزة، بعد أن قبلت بعرض التهدئة الذي جاء منسجما مع غالبية النقاط التي حوتها مبادرة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، وأبدت حماس تحفظات عليها في السابق.

ورغم قبول حماس بتهدئة تحت الضغط، فإن ذلك من شأنه أن يمارس المزيد من الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يضاعف رفضه للمقترح من الغضب الشعبي عليه داخل إسرائيل.

وأفاد مصدر من مكتب نتنياهو، الثلاثاء، بأن الأخير رفض الموافقة على “المقترح الأحدث بشأن قطاع غزة الذي وافقت عليه حركة حماس،” حسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية.

دخول تركيا على خط الوساطة مع مصر وقطر، سهّل عملية إقناع حماس بالقبول بفكرة التحول إلى حزب سياسي، والتخلي عن السلاح

وأوضح المصدر أن نتنياهو رفض صفقة جزئية، وطالب بالإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة، قائلا “لن نترك أيّ رهينة وراءنا”.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الثلاثاء، إن رد حماس “إيجابي جدا ويمثل صورة شبه متطابقة مع ما وافقت عليه إسرائيل،” في محاولة لاسترضاء الإدارة الأميركية، وتضييق مساحة الرفض من جانب إسرائيل.

وأكد الأنصاري أن رد حماس يتضمن مسارا للوصول إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وهو أفضل ما يمكن تقديمه حاليا، وأفضل الخيارات الممكنة لحقن دماء الفلسطينيين، ولا توجد ضمانات حقيقية على الأرض عدا التزام الطرفين بتطبيق الاتفاق.

واعتبر نتنياهو أن موافقة حماس جاءت بموجب الضغط العسكري، الذي مورس عليها، وبعد التلويح الإسرائيلي بالسيطرة على مدينة غزة.

ووضعت موافقة حماس المفاجئة الكرة في ملعب نتنياهو، الذي راهن على تشدد الحركة في موقفها من مبادرة ويتكوف.

وخشيت مصر وقطر من خطورة التمادي في التصعيد الإسرائيلي، وما يمكن أن يفضي إليه من تطورات في المنطقة تصعب السيطرة عليها، وتتجاوز حدود غزة، ولذلك مارستا ضغطا كبيرا على حماس، بالتعاون مع تركيا، لإجبار الحركة على تقديم موافقة صريحة وواضحة، تتسق مع ما حوته مبادرة ستيف ويتكوف، الذي من المتوقع أن يقوم بزيارة القاهرة قريبا لدراسة فرص تنفيذ الصفقة.

pp

ويبدو أن القاهرة والدوحة تحركتا هذه المرة بعد ضوء أخضر حصلتا عليه من الإدارة الأميركية وقيامها بإقناع إسرائيل برد إيجابي إذا وافقت حماس على مبادرة ويتكوف، وأن تتضمن تداعيات الصفقة ما يفيد بأن الحركة لن تمثل عائقا عسكريا في غزة، وتقبل بالترتيبات الأمنية في القطاع، بشكل يوحي بوجود تحول في موقفها. لكن كالعادة، فإن نتنياهو يفشل دائما اتفاقيات التهدئة.

وتحدثت القاهرة عن ترتيبات أمنية يتم إعدادها لغزة خلال اليومين الماضيين، وطالب وزير خارجيتها بدر عبدالعاطي بصدور قرار من مجلس الأمن لمشاركة بلاده في مهام حفظ الأمن داخل القطاع، ضمن إطار عربي – دولي، ودعم فكرة لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة غزة، ومنح السلطة الفلسطينية دورا رئيسيا خلال الفترة المقبلة.

وجاءت تحركات مصر على مستوى عقد لقاء جماعي لسبعة من الفصائل الفلسطينية، بينها حماس، وزيارة رئيس الوزراء محمد مصطفى، قبل الإعلان عن موافقة الحركة، لتصوير ردها على أنه خرج من رحم وطني – توافقي، لتخفيف الحرج الذي تواجهه بين جمهورها، بعد أن عادت إلى مقترح ويتكوف الذي أبدت تحفظات عليه، ما سمح لإسرائيل بممارسة ضغوط عسكرية مضاعفة، ووقوع ضحايا جدد في صفوف الفلسطينيين، والتوجه نحو سيطرة كاملة من إسرائيل على مدينة غزة.

القاهرة والدوحة تحركتا بعد ضوء أخضر أميركي بعد إقناع إسرائيل برد إيجابي إذا وافقت حماس على مبادرة ويتكوف

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” أن دخول تركيا على خط الوساطة مع مصر وقطر، سهّل عملية إقناع حماس بالقبول بفكرة التحول إلى حزب سياسي، والتخلي عن السلاح في هذه المرحلة، بعد أن فقدت فعلا غالبيته، لكسب ثقة المجتمع الدولي، وزيادة الضغوط السياسية على حكومة نتنياهو، التي لن تجد أمامها سوى القبول، والنزول من أعلى الشجرة العسكرية، وكأنها حققت كل أهدافها، ونفذت جميع شروطها.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن دعم الولايات المتحدة لما يتم تجهيزه من ترتيبات في غزة، بينها القبول بحماس منزوعة السلاح، ودعم لجنة الإسناد المجتمعي، هو الذي يؤدي إلى قيامها بالضغط على نتنياهو ولو بالموافقة في مرحلة لاحقة.

وهناك رهان على أن حكومة نتنياهو تواجه ضغوطا داخلية كبيرة، حيث نظم متظاهرون احتجاجات في عدد من المدن، الأحد، طالبوا خلالها بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال وإطلاق سراح من تبقى من الرهائن المحتجزين لدى حماس بغزة.

وتكمن أهمية الاحتجاجات هذه المرة في كثافتها، والخوف من أن تؤدي السيطرة على مدينة غزة إلى قتل الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، في خضم عمليات عسكرية قد تشهد فوضى وارتباكا لصعوبتها في مدينة مكتظة بالسكان.

وقال القيادي في حماس عزّت الرشق إن اقتراح الهدنة الذي وافقت عليه الحركة هو اتفاق مؤقت من شأنه أن يفسح المجال لعقد مفاوضات بشأن إنهاء الحرب.

وترفض إسرائيل والولايات المتحدة تقديم ضمانات واضحة بوقف نهائي للحرب حاليا، لكن مصر وقطر تراهنان على ترتيبات تدريجية لوقف إطلاق النار في غزة، لأن الإنهاك العسكري الذي أصاب حماس، وتدهور الأوضاع الإنسانية، فضلا عن تنامي الضغوط الدولية على إسرائيل، عوامل مساعدة لوقف الحرب.

1