جمال عبدالرحيم يصوغ من "التوحّش" مشاهد جمالية
المنامة - تنظم هيئة البحرين للثقافة والآثار عبر مركز الفنون المعرض الشخصي الجديد للفنان البحريني جمال عبدالرحيم تحت عنوان “التوحّش”، بدء من الاثنين وحتى 27 أكتوبر الجاري.
ويضم المعرض 75 عملا فنيًا تتناغم فيها الألوان الزيتية لتقدّم رؤية فنية دقيقة في بناء المخيلة البصرية، وتجربة تعبيرية تعكس أسلوب الفنان في صياغة المشهد الجمالي وتوظيف اللون والملمس بفرادة وإتقان.
ويسعى الفنان جمال عبدالرحيم من خلال هذا المعرض إلى تقديم تجربة جمالية تحمل بعدًا إنسانيًا وتأمليًا، تنبع من رغبته في رصد الجمال في التفاصيل البسيطة والبحث عن المعنى في العمل الفني.
وذكر بيان للمعرض أن الفنان “يُوجّه من خلال معرضه تحية خاصة للذين يؤمنون بالحب، والسلام، والعدالة. ويضم المعرض مجموعة مختارة من أعماله الفنية التي تجسد رؤيته الإنسانية تجاه ما يسود العالم.”
يُذكر أن الفنان جمال عبدالرحيم وُلد وترعرع في مدينة المحرق، حيث لا يزال يقيم إلى اليوم، وقد شيّد منزله ومرسمه وسط أزقتها التاريخية.
وبدأت رحلته الفنية بعد عودته من الهند عام 1984، حيث درس الرسم التقني منذ عام 1979 ونال دبلومًا في التخطيط.
انطلقت علاقته بالفن كهواية، قبل أن يتبلور شغفه بالمشاركة في أول معرض جماعي بنادي الحالة في المحرق عام 1987، ثم انضم في العام التالي إلى جمعية البحرين للفنون التشكيلية، حيث تعمّق في تعلم تقنيات الحفر والطباعة. وفي عام 1990 أقام أول معرض شخصي له في صالة الجمعية، مقدّمًا مجموعة من الرسوم التخطيطية واللوحات الزيتية وأعمال الحفر. تلت ذلك مشاركات متواصلة في معارض محلية وعربية ودولية، حصد خلالها جوائز فنية متعددة.
على مدى 30 عاما قدّم الفنان التشكيلي البحريني جمال عبدالرحيم أعمالاً تجريدية وتجريبية تروي قصة بحثه الدائم وشغفه في ما يتعلق بالخطوط والألوان والتكوين.
ويتميّز أسلوبه الفني بغنى التأثيرات التراثية العربية، وباهتمامه بالقضايا الإنسانية والهوية، وجمال الصورة. يستخدم تقنيات متعددة منها الليتوغراف والحفر والطباعة اليدوية، إلى جانب العمل على لوحات زيتية ومنحوتات، خاصة النحت على الحجر. ويعُد اليوم أحد العلامات البارزة في الفن التشكيلي بالبحرين بشكل خاص والفن العربي عامة، فهو فنان يمتلك بصمة خاصة في أسلوبه الفني الذي تنوع بين مجالات عدة وإن حاز الحفر والطباعة على الجانب الأكبر من اهتمامه.
كما تتسم أعماله الفنية بطابع رمزي عميق، يتقاطع فيه الشخصي مع الجمعي، حيث يستلهم جمال من البيئة البحرينية، والتاريخ، واللغة العربية، والموروث البصري الإسلامي، ليصوغ منها لوحات ومنحوتات تتحدث عن الذاكرة، الفقد، الزمن، والحلم. ولعلّ من أبرز عناصر تجربته هو مزجه بين الخط العربي والطباعة الفنية، بطريقة تحوّل النصوص إلى تشكيلات بصرية حيّة، تحاور المتلقي على أكثر من مستوى لغوي وجمالي، ومنها كتاب “رسائل قصب” الذي اقتناه المتحف البريطاني.
من الناحية التقنية، يُعتبر عبدالرحيم أحد أبرز الفنانين الذين مارسوا فن الحفر والطباعة الحجرية (الليتوغراف) في الخليج العربي، الفن الذي يتطلب مهارة دقيقة وصبرًا طويلًا، الأمر الذي يتجلى في تعامله مع الطبقات اللونية والخامات المختلفة. كما أنه وظف هذه التقنية لصالح بناء نصوص بصرية تُحاكي بنية القصيدة، أو المعلّقة، أو الذاكرة الشفوية التي تمثل جزءًا من نسيج الهوية البحرينية والعربية.
ويصف تجربته في إحدى تصريحاته بالقول “أعمل بالطباعة والنحت والتصوير ولكن أحيا كل وقتي في حالة عشق مع الطباعة، لا أستطيع أن أستغني عن الطباعة رغم أنها الأقل تسويقًا، من ضمن الكتب التي نفذتها في منتصف التسعينات هو ‘كتاب نوران‘ لصديقي الكاتب الراحل فريد رمضان، وهو من أهم كتاب الرواية والسيناريو… بالنسبة إلى الكتب، أقرأ النص وأبحث فيه ثم أحوله من نص مكتوب إلى نص مرئي. كنت حريصا جدًا في صناعة الكتب وعدم حدوث تشابه بين كتاب وآخر لئلاّ تكون التجربة متكررة مثل ما وقع به بعض الفنانين.”