تقرير عبري يكشف تفاصيل أكبر عملية توغل إسرائيلي داخل سوريا
القدس - كشف تقرير عبري عن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق نفذها الجيش الإسرائيلي في العمق السوري، وذلك بعد وقت قصير من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العملية بأنها الأكبر من نوعها منذ عقود، حيث توغل الجيش بعمق 38 كيلومترًا في عملية أطلق عليها "الأخضر - الأبيض"، والتي أسفرت عن السيطرة على قاعدتين عسكريتين تابعتين لجيش النظام السابق دون قتال. هذه العملية، التي شارك فيها مئات من جنود الاحتياط، أظهرت استغلال إسرائيل للوضع الأمني الهش في سوريا.
لم تقتصر العملية على التوغل البري، فقد شهدت للمرة الأولى منذ حرب 1973 دخول وحدات مدفعية إسرائيلية إلى داخل سوريا لتأمين القوات المشاركة في عملية استمرت 14 ساعة.
وقد فوجئ الجيش الإسرائيلي بوجود مواقع عسكرية سورية قريبة تكشف مواقع إسرائيلية مهمة، مما يبرز أهمية هذه العملية في كشف نقاط الضعف الدفاعية السورية.
وفي إطار استراتيجي أوسع، سيطرت إسرائيل على "جبل الشيخ" السوري، كما سيطرت على شريط من الأراضي السورية بعرض 10 كيلومترات على طول الجولان.
وفقا لمصادر عسكرية، تمنح هذه السيطرة إسرائيل ميزة استراتيجية كبيرة، حيث تمكنها من مراقبة طريق دمشق-بيروت وكشف طرق تهريب السلاح إلى حزب الله في البقاع اللبناني.
وأكدت المصادر أن الجيش الإسرائيلي لن يتخلى عن جبل الشيخ "حتى في حال انسحابه من المواقع العسكرية الأخرى"، ما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لهذا الموقع.
في خطوة لافتة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 8 ديسمبر 2024 أن اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974 قد "انهارت" بعد سقوط نظام الأسد. وبررت تل أبيب قرارها بأن سوريا أصبحت "منطقة غير خاضعة للسيطرة" ومليئة بالجماعات المسلحة التي لا يمكن التحكم بها، مما دفعها للتوغل والسيطرة على المنطقة العازلة التي كانت تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية.
وفي المقابل، أدانت الأمم المتحدة الخطوة الإسرائيلية، واعتبرتها انتهاكا للاتفاقية، بينما أكدت الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع التزامها بالاتفاقية، وأعلنت أنها تجري محادثات مع إسرائيل بوساطة أميركية لإعادة تفعيلها.
ويبرز هذا التضارب في المواقف استغلال إسرائيل للفراغ الأمني لتعزيز سيطرتها على مواقع استراتيجية على حساب السيادة السورية، وهو ما يتجاوز الغرض المعلن عن منع تهريب الأسلحة.
كشف التقرير العبري عن تفاصيل دقيقة للعملية، حيث تمكنت القوات الإسرائيلية من الاستيلاء على نحو 3.5 أطنان من الأسلحة والذخائر، بينها صواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون وصواريخ قصيرة المدى، إضافة إلى دبابات وشاحنات عسكرية قديمة.
وزعمت يديعوت أحرونوت أن الجنود الإسرائيليين تواصلوا مع سكان بعض القرى الدرزية في ريف دمشق المحيطة بالمناطق التي سيطروا عليها، حيث قدم سكانها معلومات عن مواقع أسلحة تابعة للجيش السوري السابق.
كما زعمت أن سكان تلك القرى ساعدوا في تقديم معلومات للكشف عن مخازن صواريخ قصيرة المدى وقاذفات مضادة للدبابات.
ويشير هذا التعاون المزعوم إلى وجود ديناميكيات معقدة في المنطقة، ويضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الصراع.
ومنذ سقوط نظام الأسد، يواصل الجيش الإسرائيلي توغله داخل الأراضي السورية، فضلاً عن شن غارات جوية مستمرة. هذه الانتهاكات لم تتوقف عند العمليات البرية، بل أسفرت عن مقتل مدنيين وتدمير مواقع عسكرية وأسلحة وذخائر للجيش السوري السابق.
وفي ظل هذه التطورات، دانت سوريا مرارا الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لسيادتها على أراضيها، مؤكدة التزامها باتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974. لكن يبدو أن هذه الاتفاقية لم تعد تحظى بالاحترام المطلوب من الجانب الإسرائيلي الذي يستغل الفراغ الأمني لتعزيز مواقعه الاستراتيجية على حساب السيادة السورية.