تعليمات مشددة لحماية السفارات المصرية أمام الاحتجاجات
 
القاهرة- أدى احتجاج العشرات من المتظاهرين أمام عدد من سفارات مصر في دول أوروبية، إلى وضع تعليمات جديدة للسفراء المعتمدين لحماية المقار ومنع اقتراب أيّ شخص يحاول المساس بها، بذريعة الضغط على مصر لفتح معبر رفح، وحجب المسؤولية عن إسرائيل وهي الجهة الرئيسية التي أغلقت المعبر من الجانب الفلسطيني، ما أحدث ردود فعل غاضبة في القاهرة، لأن غالبية من تظاهروا انساقوا وراء تحريض قامت به جماعة الإخوان لتصفية حسابات لا علاقة لها بحرب غزة.
وتسببت الحرب في ارتدادات دبلوماسية وأمنية على سفارات مصر بالخارج، فرضت وضع تصورات للتعامل بالمثل مع دول تستضيف السفارات، قبل أن تتحول المشكلة إلى أزمة كبيرة تقلب الحقائق على الأرض، وتصرف الأنظار بعيدا عمّا يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية، كما أنها سوف تؤثر على العمل الدبلوماسي.
وتخلت القاهرة عن ضبط النفس في هذه الأمور، ووجهت رسائل مباشرة وغير مباشرة إلى إسرائيل، ودول غربية شهدت تظاهرات أمام سفارات مصرية بالخارج، كنوع من الردع، وتأكيد أن لدى القاهرة خيارات مزعجة يمكن أن تلجأ إليها.
مصر توفر حماية أمنية صارمة لكل السفارات والقنصليات المعتمدة عليها، وتزداد الحماية مع الدول الكبرى، وتلك التي تظهر توترات في علاقتها بالقاهرة
وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في تصريحات إعلامية، مساء الأربعاء، أنه وجه تعليمات واضحة وصارمة إلى سفارات بلاده “بعدم السماح لأيّ شخص أيّا كان أن يمس أو يلوث صورة مصر، وقد تم التعامل بحزم مع حالات سابقة، مثل حادثة في هولندا أدت إلى القبض على مرتكبها والتحقيق معه“.
وأشار إلى أن السلطات في بعض دول الاعتماد تعاونت بشكل كامل في توفير الحماية للسفارات المصرية، بينما الدول التي “تقاعست” عن توفير التأمين الكامل يجري تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل معها.
وقامت وزارة الخارجية باستدعاء سفراء عدد من الدول، ومعظمها أوروبية، ونُقلت إليهم رسائل استياء واحتجاج واضحة بأن “التقاعس” سيقابل بإجراءات داخل مصر من خلال تخفيف الإجراءات الأمنية عن هذه السفارات الموجودة في القاهرة.
وتوفر مصر حماية أمنية صارمة لكل السفارات والقنصليات المعتمدة عليها، وتزداد الحماية مع الدول الكبرى، وتلك التي تظهر توترات في علاقتها بمصر، أو تنخرط في أزمات إقليمية تثير حفيظة المواطنين، كما هو حاصل مع مقار سفارات إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في القاهرة.
وكشف بدر عبدالعاطي أن الأوضاع الآن أفضل، حيث تعمل الدول تحت الضغط والتهديد بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل لتأمين السفارات المصرية ومحيطها ومنع أيّ أفراد ذوي نوايا سيئة من الاقتراب.

يقول مراقبون إن مصر لا تريد الخروج رسميا على قواعد العُرف الدبلوماسي، لكنها استشعرت وجود تهاون من بعض الدول الغربية، بما يحمل تعاطفا مع إسرائيل، لتخفيف الضغوط عنها، ووضعها على عاتق مصر بشأن ملف معبر رفح، وفتح الطريق بسهولة لمتظاهرين أمام سفارات مصرية، وكانت حالة لاهاي فاضحة، وتعاملت معها القاهرة بجدية، لتحذيرها وغيرها من أن تكرار هذه التصرفات سوف تكون له مضاعفات دبلوماسية رسمية، ولن يتم الاكتفاء بالتحذيرات.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن تظاهر إسرائيليين أمام سفارة مصر في تل أبيب، ثم سوريين أمام سفارتها في دمشق، كان عملا مقصودا، وكشف عن وجود جهات تحرك المتظاهرين لها مصلحة في نقل عبء غلق معبر رفح إلى مصر وإعفاء إسرائيل منه، والضغط على القاهرة لفتحه أمام دخول المساعدات بلا ضوابط، ولو تعرضت حياة قائدي الشاحنات للخطر، ولو حدث احتكاك عسكري بين مصر وإسرائيل.
ولذلك حملت تظاهرات أمام بعض سفارات مصر بالخارج مضامين دفعت القاهرة للتعامل بحسم معها، كي لا تتحول إلى كرة ثلج تكبر كل يوم، وتؤثر على سمعة مصر، ولا تستطيع صدها، وتشتت انتباهها ودول أخرى بعيدا عمّا يجري في غزة.
ضغوط مصرية من أجل تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل لتأمين السفارات المصرية ومحيطها ومنع أيّ أفراد ذوي نوايا سيئة من الاقتراب
واحتفت مواقع إلكترونية تابعة لجماعة الإخوان باتصال غير معلن وصل إليها بين وزير خارجية مصر وسفيرها في هولندا، وجه فيه الأول نصائح للثاني للتعامل بحسم مع أيّ حالات تظاهر بالقرب من مقر السفارة.
ورأت المواقع الإخوانية في التسريب كنزا لإدانة سياسات القاهرة، فسارعت بترويجه على نطاق واسع، ولم تكن تعلم أن التسريب كان متعمدا بهدف توصيل رسائل احتجاج خشنة من مصر، بطريقة غير دبلوماسية، فالغرض هو التهديد، وتأكيد أن هناك قدرة على التنفيذ بجدية، ما لم يتم توفير الحماية الأمنية اللازمة للسفارة المصرية.
وكشفت المكالمة المسرّبة بين وزير خارجية مصر وسفيرها في هولندا عماد حنا عن غضبه ممّا جرى أمام السفارة في لاهاي، قائلاً إنه تم التحذير مرارًا من عدم السماح لأيّ شخص بلمس المعدات أو تجاوز التعليمات، مطالبًا بمحاسبة من يخالف الإجراءات، وما حدث يعكس ثغرات أمنية كان يجب سدها.
وردّ السفير أن البعثة المصرية كانت أول سفارة تتعرض لهذا النوع من الحوادث في لاهاي، والأمر استدعى تكثيف العمل على مدار الساعة رغم قلة الأفراد، قائلاً “عندنا محاولة كل يوم أو يومين لمعالجة الأبواب وإصلاح التلفيات.”
وتطرق الحوار إلى مبدأ المعاملة بالمثل مع السفارة الهولندية، حيث أشار عماد حنا إلى أن السفارة الهولندية في القاهرة تتمتع بحراسات مشددة، داعيًا إلى تطبيق نفس المعايير، وجاء رد عبدالعاطي حاسمًا: “إدّيله (اضربه) على دماغه.. ولو استمر هيبقى بدل التخفيف رفع كامل“.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
        
      
    