تحركات مصرية - قطرية تستهدف الإبقاء على الجهود الدبلوماسية قائمة في غزة
تواجه الوساطة المصرية - القطرية في غزة حملات تشكيك في جدواها بسبب رفض إسرائيل حتى الآن التجاوب مع أي مقترح من مقترحات التهدئة، وإصرارها على المضي قدما في خططها في القطاع المدمر.
القاهرة - تحاول مصر وقطر الإبقاء على جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قائمة، رغم التعنت الإسرائيلي ورفض تل أبيب حتى الآن إبداء أي موقف حيال المقترح الأخير، الذي كانت حركة حماس قد أعلنت عن الموافقة عليه.
ودعت مصر الخميس المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
جاء ذلك بحسب وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في مدينة العلمين الجديدة شمال مصر.
ووصل الشيخ محمد بن عبدالرحمن في وقت سابق إلى العلمين في زيارة غير معلنة المدة هي الثانية له خلال عشرة أيام، بعد زيارة أولى في 18 أغسطس الجاري بحث خلالها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سبل وقف إطلاق النار في غزة.
وأفاد عبدالعاطي في المؤتمر الصحفي ببذل “جهود بالتنسيق مع قطر لوقف الإبادة في غزة (المجاورة لمصر)، عبر وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما يتم التفاوض خلالها على إنهاء الحرب.”
وتخوض إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حربا على قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
محمد بن عبدالرحمن وصل الخميس إلى العلمين في زيارة غير معلنة المدة هي الثانية له خلال عشرة أيام
وخلّفت الحرب 62 ألفا و966 قتيلا، و159 ألفا و266 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، ومجاعة قتلت 317 فلسطينيا، من بينهم 121 طفلا حتى الخميس.
وتتولى القاهرة والدوحة إلى جانب واشنطن الوساطة بين إسرائيل وحماس منذ اندلاع الصراع، لكن الجهود لم تحقق الشيء الكثير، في ظل عدم اهتمام من الحكومة الإسرائيلية بالتوصل إلى اتفاق، وسط اتهامات توجه لها بالعمل على مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين من القطاع.
ويرى مراقبون أن الإشكال يكمن في كون بنيامين نتنياهو واقع تحت تأثير المتطرفين داخل حكومته، وبالتالي فإن تحقيق أي اختراق لا يبدو ممكنا، فضلا عن كون الإدارة الأميركية لا تمارس الضغوط الكافية على تل أبيب.
ويشير المراقبون إلى أن الدوحة أو القاهرة لا تملكان عمليا أي قدرة على تغيير مجريات الوضع وأن أقصى ما يمكنهما فعله هو الإبقاء على الجهود الدبلوماسية قائمة.
وقال وزير الخارجية المصري “رغم عدم التجاوب الإسرائيلي الإيجابي (مع مقترح وقف إطلاق النار المقدم منذ نحو 10 أيام) وتعنت مواقفه، سوف تستمر جهود القاهرة والدوحة (في الوساطة).”
وأردف “ستتواصل (جهود البلدين) مع الأطراف الدولية والإقليمية لممارسة ضغوط على إسرائيل حتى قبوله (المقترح).”
وقبل نحو عشرة أيام أعلنت حماس موافقتها على مقترح اتفاق قدمه الوسطاء لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، ولكن إسرائيل تمتنع عن إعلان موقفها منه.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، في 20 أغسطس، أنه وجّه بتسريع تنفيذ خطة احتلال مدينة غزة، وسط تحذيرات دولية من أن تؤدي إلى تدمير القطاع بالكامل وزيادة معاناة الفلسطينيين وتهجيرهم.
مصر تدعو المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة
وأضاف عبدالعاطي أن “الجهود المصرية – القطرية دؤوبة لن تتوقف، وسوف تستمر لوقف المجاعة وحملة التجويع الممنهجة التي تعد سابقة منذ عقود في استخدام التجويع كسلاح للعقاب الجماعي.”
ومنذ 2 مارس الماضي تغلق إسرائيل معابر غزة كافة، ولا تسمح إلا بإدخال عدد ضئيل جدا من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية، ما زج بالقطاع في مجاعة أكدت الأمم المتحدة تفاقمها بسرعة.
وشدد عبدالعاطي على “تطابق وجهات النظر المصرية – القطرية في وقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات بشكل كامل وإطلاق سراح الرهائن وبعض الأسرى الفلسطينيين توطئة للوقف النهائي للعدوان وهذه الحرب العدوانية.”
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
كما لفت عبدالعاطي إلى “تطابق موقف (مصر وقطر بشأن) رفض التهجير في غزة.” وأكد أن التهجير “يمثل خطرا على القضية الفلسطينية ولن نقبله ولن نسمح بحدوثه تحت أي ذريعة أو مسمى.”
وأشار عبدالعاطي إلى أن “قطر سوف تشارك في المؤتمر الدولي لإعمار غزة، والذي سينعقد (في مصر) بعد أسابيع قليلة من التوصل إلى وقف إطلاق النار.”
وبشأن العلاقات مع قطر قال عبدالعاطي إنه تم توقيع اتفاقيات معها في مجالات عدة، وسيتم تفعيل حزمة استثمارات بـ7.5 مليار دولار سبق الاتفاق عليها.
من جانبه قال الوزير القطري إن العلاقات مع مصر متطورة ومتينة وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي، وستشمل في الأسابيع المقبلة تفعيل استثمارات بنحو 7.5 مليار دولار.
وبخصوص غزة أكد أن “هناك حرصا على وقف إطلاق النار والإبادة بعد كل هذا الوضع المخزي طيلة هذه الأشهر الماضية، والذي لم يشهد أي تحرك من المجتمع الدولي.”
اقرأ أيضا:
وتابع “وصلنا إلى مرحلة ننتظر فيها الردود الإسرائيلية (على المقترح) بعد سعي بشكل مكثف الأيام الماضية للوصول إلى أرضية مشتركة لوقف إطلاق النار، ولكن للأسف هذه الجهود قوبلت بمزيد من التجاهل.”
وتؤكد المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين أن نتنياهو يواصل الحرب للحفاظ على منصبه، إذ يخشى انهيار حكومته في حال انسحب منها الجناح الأكثر تطرفا والرافض لإنهاء الحرب.
ومحليا يُحاكم نتنياهو بتهم فساد تستوجب سجنه حال إدانته، وتطلب المحكمة الجنائية الدولية اعتقاله بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
وشدد الشيخ محمد بن عبدالرحمن على “أهمية أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته ويوقف هذه المجاعة وهذا الحصار وهذه الحرب، ونطالبه بالضغط على إسرائيل لوقف هذه المجاعة على أقل تقدير.”
واستطرد “مصر وقطر ملتزمتان بالتوصل إلى حل لإنهاء الحرب رغم محاولات التقليل والتشويش من هذه الجهود، وعلى أمل التوصل لاتفاق في أسرع وقت.” وأكد أن التصرفات الإسرائيلية في لبنان وسوريا “تعبث بأمن المنطقة.”
وإلى جانب حربها على غزة وعدوانها على الضفة الغربية المحتلة، تواصل إسرائيل شن غارات وتوغلات عسكرية في سوريا، كما تواصل استهداف لبنان بداعي منع حزب الله من إعادة ترميم بنيته العسكرية.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.