تحجيم مدروس لكتائب حزب الله دون المساس بالحشد الشعبي

التحجيم يبعث برسالة إلى الخارج وخاصة إلى واشنطن وحلفائها مفادها أن بغداد تسعى للسيطرة على انفلات الفصائل المرتبطة بإيران.
الاثنين 2025/08/11
خطوة محدودة وغير جدية

بغداد – تتّبع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سياسة تحجيم مدروسة تجاه كتائب حزب الله، الفصيل الأكثر موالاة لإيران داخل الحشد الشعبي، في محاولة لضبط نفوذه دون المساس بالبنية الأكبر للحشد الذي يحظى بدعم رسمي.

وجاءت هذه الإجراءات على خلفية الاشتباكات التي وقعت في دائرة الزراعة بالعاصمة بغداد ونفذتها كتائب حزب الله، والتي كشفت عن هشاشة قدرة الحكومة على إدارة ملف الفصائل المسلحة.

وردت بغداد على الحادثة بإقالة قادة عسكريين مرتبطين بكتائب حزب الله وإحالة عدد من المتورّطين إلى التحقيق، في خطوة تعكس رغبة الحكومة في الظهور بمظهر الحازم القادر على فرض هيبة الدولة وسيادتها، لكنّ محللين شككوا في جدية الخطوة واعتبروها محدودة وغير جدية لاسيما في ظل استمرار دعمها للحشد من خلال القانون المثير للجدل الذي يستعد البرلمان لإصداره.

سياسة الحكومة العراقية تظهر نوعا من التحايل السياسي الذي يوازي بين الرد على الضغوط الدولية واحتواء الفصائل المسلحة

ويبعث هذا التحجيم برسائل متعددة إلى الخارج، وخاصة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن بغداد تسعى للسيطرة على انفلات الفصائل المرتبطة بإيران، في محاولة للرد على الضغوط الدولية التي طالبت بتقليص نفوذ تلك الفصائل التي ينظر لها كمزعزع للأمن الإقليمي، حيث تورّطت في أكثر من مناسبة في استهداف قوات أميركية بالإضافة إلى استهداف مقرات حكومية داخل العراق.

ويقول مراقبون إن سياسة الحكومة العراقية تظهر نوعا من التحايل السياسي الذي يوازي بين الرد على الضغوط الدولية واحتواء الفصائل المسلحة، ولكنها في الوقت نفسه تفتقد لخطة واضحة أو تطبيق صارم يعزز فعلا سلطة الدولة ويضع حدا لاستفحال النفوذ الإيراني.

وأعلنت الحكومة العراقية السبت أنها ستُحيل إلى القضاء المهاجمين المتورطين في الاشتباكات الدامية التي شهدتها دائرة عامة في ضواحي بغداد، محملة تشكيل “كتائب حزب الله” المسؤولية.

وفي أواخر يوليو، قُتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر في الشرطة في اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين قالت السلطات إنهم ينتمون إلى “كتائب حزب الله”.

واقتحم هؤلاء دائرة تابعة لوزارة الزراعة في جنوب العاصمة، عقب تغيير في إدارتها.

و”كتائب حزب الله” جزء من الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل جرى دمجها في القوات النظامية، وغالبا ما يُتّهم التشكيل باتخاذ قراراته بنحو مستقل.

حح

وقالت الحكومة في بيان شديد اللهجة السبت إن “العناصر المسلحة التي ارتكبت هذا الخرق تتبع تشكيل كتائب حزب الله، وهم منسوبون إلى اللواءين 45 و46 للحشد الشعبي”.

كما اتهمت المدير السابق المقال لدائرة الزراعة المحلية بتنسيق تدخل هؤلاء المسلحين.

وأوردت في البيان “تورّط المدير المُقال لدائرة زراعة الكرخ المدعو (إياد كاظم علي) في هذه الأحداث، إذ أثبتت التحقيقات، والأوامر الإدارية، والوثائق الرسمية، وملفه الإداري الشخصي، تورّطه في التنسيق المسبق لاستقدام هذه القوّة.”

كما أكدت الحكومة “تورّطه بقضايا فساد إداري، وجرائم انتحال الصفة، والتزوير في عدد من الوثائق الرسمية والشهادات، والاشتراك في تزوير العقود، ما أدى إلى سلب أراض زراعية من أصحابها الشرعيين.”

وأسفت لـ”وجود خلل في ملف القيادة والسيطرة، في الحشد الشعبي”، مندّدة بـ”وجود تشكيلات لا تتقيّد بالضوابط والحركات العسكرية.” وأعلنت السلطات “إعفاء آمري اللواءين (45 و46) في الحشد الشعبي من مناصبهما” وإحالة “جميع المتورطين” في هذه المأساة إلى العدالة.

الحكومة العراقية تفتقد لخطة واضحة أو تطبيق صارم يعزز فعلا سلطة الدولة ويضع حدا لاستفحال النفوذ الإيراني

ونقلت فرانس برس عن مسؤول أمني، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه تم توقيف 25 شخصا في هذه القضية، وسيتم تقديمهم للعدالة وهم عناصر في “كتائب حزب الله” والمدير السابق لإدارة الزراعة المحلية.

وأصدرت كتائب حزب الله الأحد، بيانا علقت فيه على نتائج التحقيقات باشتباكات الدورة جنوب بغداد، معربة عن رفضها للاتهامات بحقها ومطالبة بتحقيق عادل. وتأتي هذه القضية في وقت يثير فيه مشروع قانون لتنظيم قوات الحشد الشعبي انقساما داخل الطبقة السياسية.

وتتبع هيئة الحشد الشعبي، التي تتألف في أغلبيتها من فصائل شيعية مدعومة من إيران، رسميا رئاسة الحكومة العراقية، وهي جزء من تحالف “الإطار التنسيقي”، صاحب الأغلبية البرلمانية.

وأعربت واشنطن عن قلقها من مشروع القانون المطروح، إذ اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنه سيؤدي إلى “تأسيس لنفوذ إيراني ويقوّي الجماعات الإرهابية المسلحة”، محذّرة من أنه “يهدّد سيادة العراق.”

ويرى مؤيدو مشروع القانون أنه وسيلة لإخضاع فصائل الحشد الشعبي بشكل أفضل لجهاز الدولة. وكانت “كتائب حزب الله” قد أكدت مباشرة بعد الاشتباكات الدامية أنها “لم تكن طرفا” فيها.

واتهم الفصيل ضابطا أمنيا بإطلاق النار أولا، وأكد أن قوات الحشد الشعبي قد تدخلت تلقائيا “دون تنسيق” عندما “اضطرّ المحاصرون إلى الاستغاثة بذويهم القريبين من موقع الحادث.” كما استنكر الفصيل اعتقال عناصر في الحشد الشعبي “لا صلة لهم” بالاشتباكات.

1