باراك يفاجئ الجميع بإقراره تنفيذ إسرائيل هجوما على تونس
تونس - كشف المبعوث الأميركي الخاص لسوريا، توماس باراك، خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية" عن هجوم نفذته إسرائيل ضد تونس، بعد أيام من الجدل الذي أعقب حادثتي الطائرتين المسيرتين ضد سفينتين من أسطول الصمود العالمي بميناء سيدي بوسعيد.
وجاء ذكر تونس ردا على سؤال بشأن طلب "حزب الله" اللبناني الإبقاء على سلاحه جانبا، حيث ذكر باراك في رده أن لا دوافع لذلك ولكن حجة التنظيم هو حماية اللبنانيين من إسرائيل.
وقال المبعوث الأميركي "إسرائيل تهاجم سوريا وتهاجم لبنان وتهاجم تونس. مع استمرار ذلك تصبح حجتهم أقوى".
ولم يحدد باراك طبيعة أو توقيت الهجوم، إلا أن هذه التصريحات جاءت لتثير جدلاً واسعًا، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول علاقة هذه الهجمات بحادثة الطائرتين المسيرتين اللتين استهدفتا سفينتين في ميناء سيدي بوسعيد التونسي مؤخرًا.
تكتسب هذه التصريحات أهمية بالغة، فهي ليست مجرد معلومة عابرة، بل هي إشارة من مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى استهداف إسرائيل لدولة عربية ذات سيادة، وهو ما يتجاوز نطاق الصراع التقليدي في المنطقة.
وقد سبق أن تحدث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن امتداد الاعتداءات الإسرائيلية إلى عدة دول وذكر منها تونس، خلال كلمته في القمة العربية الإسلامية بالدوحة، لكن تصريحات المسؤول الأميركي، من منظور دبلوماسي، تحمل ثقلاً أكبر نظرًا للعلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتاريخيًا، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها تونس لهجمات إسرائيلية. ففي عام 1985، شنت إسرائيل هجومًا جويًا على مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في ضاحية حمام الشط، وهو ما أسفر عن مقتل نحو 70 شخصًا وجرح أكثر من 100 آخرين بين تونسيين وفلسطينيين.
كما نفذت الاستخبارات الإسرائيلية عملية اغتيال القيادي البارز في حركة فتح، خليل الوزير، المعروف باسم "أبوجهاد"، في تونس عام 1988، إلا أن إسرائيل ظلت تنفي رسميًا مسؤوليتها عن هذه العملية لسنوات طويلة.
وتأتي هذه الحوادث التاريخية لتؤكد أن تونس ليست بمنأى عن عمليات الاستهداف الإسرائيلية، وهو ما يضفي مصداقية على تصريحات باراك، ويوضح لماذا يثير هذا الموضوع حساسية كبيرة في الرأي العام التونسي.
وتربط العديد من التحليلات تصريحات باراك بالجدل الذي أعقب حادثتي الطائرتين المسيرتين ضد سفينتين كانتا راسيتين بميناء سيدي بوسعيد ضمن "أسطول الصمود العالمي".
وقد أكدت الداخلية التونسية أن الاعتداء "مدبر" لكن التحقيقات لم تكشف حتى الآن الجهة التي نفذت الهجوم. وتطرح هذه الواقعة، التي لم يُعرف منفذها، تساؤلات حول علاقتها المحتملة بأي هجوم إسرائيلي، خاصة وأن الطائرات المسيرة تعد من الأدوات التي تستخدمها إسرائيل في استهدافاتها الخارجية.
وتظل تصريحات المبعوث الأميركي غامضة بشأن طبيعة الهجوم، إلا أنها تحمل رسائل متعددة الأبعاد. فمن جهة، قد تكون هذه التصريحات بمثابة تحذير ضمني لتونس من أي تقارب مع جهات تعتبرها إسرائيل معادية، خاصة وأن ميناء سيدي بوسعيد كان قد استضاف سفنا ضمن "أسطول الصمود العالمي"، الذي قد يُنظر إليه على أنه يدعم القضية الفلسطينية. ومن جهة أخرى، قد تكون هذه التصريحات جزءًا من استراتيجية أميركية أوسع لإدارة الصراعات في المنطقة، من خلال الإشارة إلى وجود تهديد إسرائيلي، وهو ما قد يمنح واشنطن نفوذًا أكبر في المفاوضات الإقليمية.
لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات التونسية على تصريحات توماس باراك، وهو صمت قد يعود إلى عدة أسباب، منها الحذر الدبلوماسي، أو انتظار المزيد من التفاصيل حول طبيعة الهجوم المزعوم.
إلا أن هذه التصريحات قد تفرض على تونس موقفًا جديدًا، وتدفعها إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز أمنها القومي، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة. وفي المقابل، لم تعلق إسرائيل على هذه التصريحات، وهو أمر يتوافق مع سياستها القائمة على عدم تأكيد أو نفي مسؤوليتها عن مثل هذه الهجمات. وبهذا، تبقى تصريحات باراك بمثابة نقطة تحول قد تؤثر على المشهد السياسي في المنطقة، وتفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول الدور الإسرائيلي في استهداف دول خارج نطاق الصراع التقليدي، ودور الولايات المتحدة في إدارة هذه التوترات.