انتقادات واسعة لاعتقال 3 من مغني الراب في إيران ونشر فيديو اعترافاتهم القسرية

إيران تأخذ اعترافات قسرية من معتقلين أجبروا على الشهادة ضد أنفسهم وتأييد مواقف النظام.
الجمعة 2025/10/10
إملاء من المحقق

طهران - أثار اعتقال ثلاثة من مغني راب إيرانيين – آرش صيادي، وأشكان شكاريان مقدم، ورسام سهرابي – ونشر فيديو لاعترافاتهم القسرية، ردود فعل واسعة. وظهر مغنو الراب في الفيديو، عراة برؤوس محلوقة، مجبرين على قراءة نص مشترك يعبّر عن الندم والاعتذار.

وفي فيديو الاعتراف القسري، أُجبر مغنو الراب الثلاثة على الاعتذار لـ”عناصر الشرطة والقضاء وعناصر قاعدة الاستخبارات الثانية ومدعي عام منطقة خمسة طهران”.

وكتب موقع حقوق الإنسان “هرانا” في رد فعل على هذا الحدث، أنه بالإضافة إلى “انتهاك كرامة الإنسان الذي يحدث تحت ظل تسجيل وبث الاعترافات القسرية،” حتى يحصل الفرد على حكم نهائي في المحكمة، فهو بريء من وجهة نظر القانون، وأيّ تطبيق لعقوبة قبل الحكم، “يُعتبر انتهاكا لحقوق المواطنة والإنسانية” للمتهم.

كما انتقد توماج صالحي، مغني الراب المعارض، أيضًا الطريقة في التعامل مع هؤلاء الثلاثة. وقال في فيديو “المشكلة ليست في من هم هؤلاء الثلاثة وماذا فعلوا. المشكلة الرئيسية هي من أعطى هؤلاء الضباط الإذن لإظهار شخص بعد إرهابه وضغطه، برأس محلوق أمام الكاميرا وإجباره على قراءة نص”؟ وأضاف “البشر في أيّ لباس ومكانة، بأيّ منصب ومرتبة، حتى تحت ضغط أيّ أمر من الأعلى، يمكنهم التصرف بضمير. نحن قبل كل شيء، بشر”.

استخدام الاعترافات المتلفزة التي تنتزع تحت الإكراه يعود إلى سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإيرانية عام 1979، وبقي العمل مستمرا بها منذ ذلك الحين

وليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها النظام الإيراني، من خلال أخذ اعترافات قسرية من المعتقلين أو الفنانين أو السجناء السياسيين، إجبارهم على الشهادة ضد أنفسهم وتأييد مواقف النظام.

وتزامنا مع الاعترافات القسرية لمغني الراب أكد الناشط السابق على شبكات التواصل الاجتماعي، أمير حسين موسوي، في رسالة من داخل سجن إيفين، أن الاعترافات التي بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني انتُزعت منه بالإكراه وتحت ضغط المحققين، نافياً الاتهامات التي وُجهت إليه.

وموسوي، الذي يقبع في “الاحتجاز المؤقت” منذ ديسمبر 2024، أوضح في رسالته أن تسجيل الاعترافات القسرية تم في مايو الماضي، أي قبل شهر من اندلاع الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أن السلطات تحاول الآن “تحريف الوقائع” وتقديمه كـ”جاسوس” للموساد.

وقال موسوي، المعروف على منصة إكس باسم “جيمز بي دين”، “بعد 148 يومًا من الحبس الانفرادي، واعتقال زوجتي، وتعرضي للضرب المبرح في الأيام الأولى، إضافة إلى ضغوط نفسية ساحقة وحالة من عدم اليقين، أُجبرتُ على إجراء هذه المقابلة تحت التهديد باعتقال زوجتي مجددًا وتكرار ما مررت به. تلك المقابلة كانت أساس تقرير برنامج 20:30”.

وأضاف “معظم الجمل التي قلتها في المقابلة كانت من إملاء من المحقق وبتوجيه منه، كما جرى بثها على شاشة التلفزيون الإيراني بعد تقطيعها وتحريفها”.

وكانت نشرة “20:30” التابعة لتلفزيون النظام الإيراني قد بثّت يوم السادس من أكتوبر “اعترافات” موسوي القسرية.

وتابع موسوي في رسالته “الهدف من التقرير والاعترافات القسرية هو إقناع الجمهور بأن أجهزة الأمن الإيرانية تمكنت بعد الحرب الأخيرة من اعتقال “جاسوس للموساد”، وتحميل فشلها في كشف الجواسيس الحقيقيين لإسرائيل على شخص يقبع في السجن منذ قرابة عام دون محاكمة.

ونفى موسوي الاتهامات الموجهة إليه بشأن “تزويد إسرائيل بمعلومات عن مواقع حساسة للنظام الإيراني،” قائلاً “لم تكن لديّ أيّ معلومات أو صور سرية أصلًا… كنت أمارس عملًا حرًّا بسيطًا، ولم أملك شيئًا يمكن أن يُعد خيانة للوطن. أنا مجرد مواطن معارض حرّ”.

كما رفض مزاعم التواصل مع عناصر من الموساد عبر الإنترنت، مطالبًا السلطات الإيرانية بإظهار أيّ دليل علني إن وُجد.

وختم موسوي رسالته بالقول “أعتقد أن قرارات إسرائيل باستهداف مواقع داخل إيران تعتمد على تحقيقات مستقلة وطويلة الأمد، لا على تعليقات مستخدمين في موقع إكس”.

أمير حسين موسوي يقول إن الاعترافات التي بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني انتُزعت منه بالإكراه وتحت ضغط المحققين، نافياً الاتهامات التي وُجهت إليه

يُشار إلى أن السلطات الإيرانية، عقب الحرب التي استمرت 12 يومًا، اعتقلت وحاكمت وأعدمت عددًا من المواطنين بتهم تتعلق بـ”التجسس” و”التعاون مع إسرائيل”.

وفي أحدث هذه الحالات، أُعدم المواطن الإيراني بهرام تشوبي ‌أصل في 29 سبتمبر بعد اتهامه بـ”التجسس”.

ويعود استخدام الاعترافات المتلفزة التي تنتزع تحت الإكراه إلى سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإيرانية عام 1979، وبقي العمل مستمرا بها منذ ذلك الحين.

وبث التلفزيون الإيراني اعترافات المشتبه بهم من أعضاء الجماعات الشيوعية والمتمردين وغيرهم. حتى أن مهدي بازركان، أول رئيس وزراء إيراني بعد الثورة، حذر من أنه قد يتعرض في مرحلة ما إلى إمكانية احتجازه وإظهاره على شاشة التلفزيون “لتكرار أشياء مثل الببغاء.”

واستعرضت دراسة، نشرتها منظمة العدالة من أجل إيران والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، حالات لسجناء يتم تدريبهم على قراءة عبارات من لوحات بيضاء، حيث أمرهم مراسلو التلفزيون الحكومي بإعادة قراءة الاعترافات وهم يبتسمون. وذكرت الدراسة أن آخرين تعرضوا للضرب، والتهديد بالعنف الجنسي، واستخدام أحبائهم لانتزاع شهادات واعترافات كاذبة تم بثها لاحقًا في نشرات وبرامج إخبارية.

وقال محمد نيري، المدير المشارك لمنظمة العدالة من أجل إيران، إن عدد الذين تم تصويرهم على الأرجح أكبر من ذلك، حيث يقول البعض إن اعترافاتهم القسرية لم تبث بعد، في حين أن البعض الآخر قد لا يكونون في متناول الباحثين.

ويبدو أن التلفزيون الرسمي متأثر بشكل خاص بأجهزة أمن الدولة، مثل وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية، والجيش، والذراع الاستخباراتية للحرس الثوري.

وجاء في الدراسة “التلفزيون يعمل كمركز إعلامي يربط شبكة واسعة من المنظمات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية والقضائية.” فهو ليس مجرد منظمة إعلامية، وليس مستقلا بأيّ حال من الأحوال، بل جهاز قمع تستخدمه الدولة كأداة للاتصال الجماهيري”.

وهذا يفسر تركيزه على الإنتاج العسكري الإيراني، والمناورات، وبث الاعترافات التي طالما انتقدتها أوروبا والولايات المتحدة، فضلاً عن منظمات حقوق الإنسان.

5