القاهرة تطوي صفحة الخلاف مع تيك توك بإبرام شراكة إعلامية

صناع محتوى عالميون مدعوون إلى نقل فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير.
السبت 2025/08/23
الحظر ليس حلا

بعد أن أوقفت أجهزة الأمن في مصر عددا كبيرا من صناع المحتوى منذ حوالي أسبوعين، وأمهلت تيك توك مدة ثلاثة أشهر لتحسين المحتوى، تبرم اليوم اتفاقية مع المنصة لنقل إحدى أهم الفعاليات الثقافية في البلاد، ما يؤشر على وجود خطوة لفتح صفحة جديدة.

القاهرة - انتقلت الحكومة المصرية من خلافها مع منصة تيك توك بسبب عدم وجود ضوابط صارمة على ما يبثه مؤثرون محليون يسيئون لقيم المجتمع، إلى عقد شراكة مع التطبيق الصيني لترويج حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في أول نوفمبر المقبل، بما يؤكد أن الانتقادات التي وجهتها القاهرة تراجعت عنها أو وجدت استجابة من إدارة تيك توك لتوقيف المحتويات المسيئة للقيم الأخلاقية في مصر.

وفي الحالتين هناك صفحة جديدة فتحت بين الجانبين، سيتم قياس نتائجها مع تنفيذ الشراكة بينهما، وصواب المعلومات التي تضمنها تقرير أعدته المنصة مؤخرا بشأن القيام بتنقيح الملايين من الحسابات، وتخفيف حدة تعارضها مع قيم المجتمع.

وأعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في مصر الخميس، وهي الجهة المسؤولة عن ترويج حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، عن شراكة مع منصة تيك توك لنقل الحفل إلى الملايين من المتابعين في العالم، وهو ما يعني تحقيق مكاسب مادية ومعنوية للطرفين، فكلاهما يعرف ما يمكن حصده من وراء حفل سيجذب أنظار الكثيرين إليه.

وبهذه الشراكة أصبحت المنصة الشريك الرقمي الرسمي لحفل الافتتاح بهدف إيصال قصة مصر الإيجابية إلى الملايين من المشاهدين، وتسليط الضوء على الحضارة المصرية القديمة عبر سلسلة من الفعاليات الرقمية، استنادا إلى قوة تيك توك كمنصة مؤثرة في شريحة الشباب، يتجه إليها نحو مليار شخص في العالم للترفيه والاستكشاف والإبداع.

وتحفظ شباب في مصر على ازدواجية الحكومة في التعامل مع هذه المنصة، حيث كانت قبل أسابيع قليلة محل اتهام من قبل مسؤولين في الحكومة بسبب السماح ببث فيديوهات سلبية عن المجتمع المصري من خلال مؤثرين عديدين، تكاثروا بعد نجاحهم في تحقيق أرباح مادية، وقيام بعض الجهات باختراقهم لتشويه صورة الدولة.

وفي الوقت الذي تفاخرت فيه الحكومة بشراكتها -عبر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية- مع المنصة وقدرتها على ترويج فعالية افتتاح المتحف الكبير، كانت وزارة السياحة والآثار، وهي الجهة المشرفة على الفعالية، قد تقدمت بشكوى ضد شاب مصري أعد إعلانا ترويجيا بثه على منصات التواصل من دون موافقتها، وواجه تحقيقات في النيابة العامة، ثم أفرج عنه بعد حملة على مواقع التواصل دافعت عن جهوده وإبداعه الرقمي وانتقدت تصرف وزارة الآثار.

وقال العضو المنتدب لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية طارق مخلوف إن التعاون مع تيك توك يفتح آفاقا جديدة لتمكين صناع المحتوى من نقل قصة مصر إلى العالم، ودعم السياحة الثقافية والاقتصاد الإبداعي.

وتدعم الشراكة صناع المحتوى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة لإبراز المقومات السياحية والثقافية في مصر، وتعزيز حضورها الرقمي، ضمن توجه الحكومة لاستخدام الأدوات الرقمية الحديثة في الترويج للسياحة والمتاحف والمزارات التاريخية، وسيتم بث حفل الافتتاح مباشرة كي تتسنى للمشاهدين متابعة الحدث لحظة بلحظة، وتعزيز التفاعل مع الجمهور بجميع اللغات.

وهذه هي المرة الأولى التي تحتضن فيها منصة تيك توك فعالية “ليلة في المتحف”، وسيحظى صناع محتوى عالميون بفرصة لزيارة المتحف بعد ساعات العمل الرسمية، برفقة مرشدين متخصصين لاستكشاف أسرار الحضارة المصرية ومشاركتها مع متابعيهم، بما يسهم في تعزيز صورة مصر الرقمية.

◙ منصة تيك توك حرصت على تبديد سوء الفهم مع الحكومة المصرية، وقامت بخطوات مطمئنة خشية استبعادها من الفعالية

وبعد أن أوقفت أجهزة الأمن في مصر عددا كبيرا من صناع المحتوى منذ حوالي أسبوعين، أمهلت القاهرة المنصة مدة ثلاثة أشهر لتحسين المحتوى المنشور فيها بما يتماشى مع القيم والأعراف، وإلا سيكون مصيرها الحظر في مصر.

وجاءت هذه الخطوة بعد تقديم بلاغات رسمية من جانب محامين مصريين ضد تيك توك والمحتوى المنشور فيها، والذي تناول سلوكيات اجتماعية أثارت غضب شريحة كبيرة من المواطنين، لما تضمنه من قضايا تمس بعضا من ثوابت المجتمع. وعقد مسؤولون في القاهرة اجتماعات مع المدير الإقليمي للمنصة في مصر وشمال أفريقيا، لوقف السماح بنشر المحتوى المخالف للقيم من أجل تحقيق مكاسب مالية.

ويبدو أن منصة تيك توك كانت حريصة على تبديد أي سوء فهم مع الحكومة المصرية، وقامت بخطوات مطمئنة لها، خشية استبعاد المنصة من فعالية المتحف الكبير، والتي يرى مسؤولون في تيك توك أنها فرصة للمزيد من تثبيت أقدامها في منطقة الشرق الأوسط، ووسيلة لتأكيد نجاحها في جذب الشباب إليها.

وكشفت المنصة في تقرير لها عن قيامها في الربع الأول من العام الجاري بإزالة 16.5 مليون مقطع فيديو مخالف لإرشادات المجتمع في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأوقفت في الفترة نفسها أكثر من 19 مليون بث مباشر مخالف على مستوى العالم، بزيادة نسبتها 50 في المئة مقارنة بالربع الأول من العام السابق.

كما أوقفت بشكل استباقي أكثر من 1.5 مليون بث مباشر في كل من مصر والإمارات والعراق ولبنان والمغرب، وأزالت 2.9 مليون فيديو بمصر وحدها في الربع الأول من العام الجاري بسبب انتهاكها إرشادات المجتمع، وحظرت 347935 مضيف بث مباشر وأوقفت 587246 بثًا مباشرًا في مصر لتجاوزهم الإرشادات.

وحققت منصة تيك توك معدل إزالة استباقي بنسبة 99.6 في المئة بمصر، وتم رصد المحتوى المخالف وحذفه قبل أن يبلغ عنه المستخدمون، مؤكدة أنه تمت إزالة 94.3 في المئة من المحتوى المخالف خلال أقل من 24 ساعة فقط. وفي إطار الحرص على تحقيق الشفافية والعدالة من خلال نظام الاستئناف واسترجاع المحتوى، قالت منصة تيك توك إنها أعادت نشر المحتوى المحذوف، وسجلت مصر ثاني أعلى رقم بعد العراق بـ144605.

وكشف التقرير أن المنصة تعتمد في تطبيق إرشادات المجتمع على مزيج من يجمع بين أنظمة مؤتمتة ومراجعة بشرية، لضمان مراجعة المحتوى بكفاءة وعدالة، إذ يتم إخطار المستخدمين دومًا عند إزالة المحتوى مع منحهم حق الاستئناف.

ويقول خبراء إعلام إن حظر منصة تيك توك ليس حلا، لما تحويه من محتوى إيجابي أحيانا يقوم البعض من المؤثرين ببثه عبر حساباتهم وتستفيد منه الدولة، والحل يجب أن يكون في توعية المستخدمين للتوقف عن متابعة المحتوى السلبي، والتفاهم مع إدارة تيك توك على عدم السماح ببث محتويات تتعارض مع ثوابت المجتمع.

ويضيف هؤلاء الخبراء أن المشكلات التي واجهتها منصة تيك توك في مصر تختلف عن تلك التي تواجهها في دول أخرى، فالتحديات القانونية في دول أوروبا تتعلق بخصوصية البيانات والمخاوف الأمنية من البيانات التي تجمعها المنصة باستمرار عن المستخدمين، ولا علاقة لها بحرية المستخدمين، كما أن آليات تنقيح المحتوى في إدارة تيك توك تختلف عن غيرها من منصات التواصل الاجتماعي، ويظهر ذلك في وجود نسخة صينية من التطبيق تلتزم بمعايير المحتوى الصيني والقوانين المنظمة له.

5