السوداني يعلن التمسك باستقلال القرار الوطني في خضم الهيمنة الإيرانية

مراقبون يرون انه لا يمكن فصل خطاب رئيس الوزراء العراقي بمناسبة اليوم الوطني عن الاستعدادات الجارية للانتخابات التشريعية المقبلة حيث يُخاطب السوداني شريحة واسعة من الناخبين، ممن أرهقتهم سنوات النفوذ الخارجي.
الجمعة 2025/10/03
جهود السوداني للحفاظ على سيادة العراق تواجه بالعديد من التحديات

بغداد - جدّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في خطاب رسمي بمناسبة اليوم الوطني للعراق تأكيده على التزام حكومته بمسار الاستقلال السياسي وصون السيادة الوطنية، في خطوة قرأها مراقبون على أنها رسالة سياسية موجهة إلى الداخل والخارج، تعبّر عن رغبة ضمنية في النأي بالعراق عن التجاذبات الإقليمية، خصوصًا تلك المرتبطة بهيمنة إيران المتزايدة على مفاصل الدولة العراقية، في حين يعتبرها اخرون رسالة انتخابية لقوى وطنية تريد الحفاظ على استقلالية القرار الوطني.
وقال السوداني في بيان رسمي "أصدق التهاني وأخلص التبريكات نتقدم بها إلى جميع العراقيين بمناسبة اليوم الوطني العراقي، الذي يوافق 3 أكتوبر من كل عام، في الذكرى الـ93 لانضمام بلادنا إلى أعلى هيئة دولية تعترف بها دول العالم وشعوبه كافة".

وبينما حرص الخطاب على إحياء الرمزية الوطنية في المناسبة، فقد حمل بين سطوره نبرة استقلالية واضحة، تعكس توجه السوداني نحو إعادة رسم دور العراق في المنطقة، بعيدًا عن الصراعات والمحاور، التي كثيرًا ما حولت البلاد إلى ساحة خلفية لتصفية الحسابات بين طهران وخصومها الإقليميين والدوليين.
وأضاف رئيس الوزراء "هذا اليوم الذي يتجسد فيه كيان الدولة العراقية الحديثة، وكل ما يحمل وجودها المعاصر من معانٍ تاريخية وحضارية وثقافية لعراقنا الحبيب، ولشعبنا الكريم بكل أطيافه المتآخية".
وبحسب متابعين للشأن العراقي، فإن تصريحات السوداني تأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية بشأن استمرار نفوذ الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، والتي تُتّهم بعرقلة جهود بناء دولة مدنية خاضعة للقانون، وتورطت في فرض وقائع ميدانية تهدد وحدة القرار السياسي العراقي.
ويُفهم من إشارات السوداني المتكررة إلى "صون السيادة" و"الاقتدار الاقتصادي" و"العراق أولاً"، أنها رسائل موجهة لطمأنة الرأي العام المحلي، وخصوصًا في ظل التململ الشعبي الواسع من التدخلات الخارجية، التي باتت تقترن مباشرةً بنفوذ طهران وأذرعها داخل العراق.
وقال السوداني في خطابه "منذ أن باشرنا مهامنا التنفيذية برئاسة الحكومة، حرصنا أن نصون العراق ودستوره، وأن نحافظ على سيادته، ونحمي ثرواته، ونحقق الرفاهية لشعبنا والاقتدار الاقتصادي، مثلما عملنا بجد وإخلاص على أن يكون العراق أولاً في مساعينا وجهودنا".
ويلمح السوداني بالحديث عن الحفاظ عن سيادة البلاد إلى نية واضحة في تقليص دور الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بعدما فشلت قوى سياسية في السابق في تحقيق ذلك إلا أن مراقبين يحذرون من أن تنفيذ هذه النية يواجه عقبات جدية، في ظل التغلغل العميق للفصائل المدعومة من إيران في مفاصل الأمن والسياسة والاقتصاد، فضلاً عن نفوذها داخل البرلمان ذاته.
ودائما ما يطالب السوداني بحصر السلاح بيد الدولة، ويؤكد على أن السيادة الكاملة لا تتحقق إلا من خلال مؤسسات الدولة الرسمية، حيث يعد ذلك بمثابة تصريح ضمني بضرورة تفكيك تلك الميليشيات، وهي خطوة قد تكون محفوفة بالمخاطر السياسية والأمنية على حد سواء.
ولا يمكن فصل هذا الخطاب عن الاستعدادات الجارية للانتخابات التشريعية المقبلة. فمع اقتراب موعد الاقتراع، يسعى السوداني إلى تعزيز صورته كقائد وطني مستقل، يعيد الاعتبار للدولة ويضع مصالح العراق فوق الحسابات الإقليمية والدولية.
ويبدو أن هذا التوجه يُخاطب شريحة واسعة من الناخبين، ممن أرهقتهم سنوات النفوذ الخارجي، خاصة الإيراني، ويبحثون عن بديل وطني قادر على إعادة التوازن للسياسة العراقية، وإنهاء حالة الاستقطاب والانقسام التي أفرزتها المحاور الإقليمية المتنافسة.
وفي ختام بيانه، قال السوداني "المجد للعراق وشعبه، والرحمة والرضوان لجميع شهدائنا على مسار حرية العراق واستقلاله وسيادته"، في إشارة تؤكد ربطه بين التضحيات الوطنية ومسار السيادة الذي يرفعه شعارًا لحكومته.