السعودية ترسم ملامح مرحلة جديدة في التعامل مع تجاوزات الإعلام الرياضي

إجراءات لتمييز الإعلاميين الملتزمين المحترفين عن الدخلاء على المهنة.
الأربعاء 2025/07/09
من أجل إعلام مسؤول

قررت السلطات السعودية تفعيل آلية عمل جديدة ومبتكرة، بالتعاون مع وزارة الرياضة والاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، لوضع حد لتجاوزات الإعلاميين الذين يغذون التعصب الرياضي، والتأسيس لمرحلة جديدة من المهنية في التعامل مع الأحداث الرياضية.

الرياض – قررت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في السعودية، رسم ملامح مرحلة جديدة من التعامل مع التجاوزات والممارسات التي تغذي التعصب، في إجراءات حاسمة تهدف إلى ضبط المشهد الإعلامي الرياضي ورفع مستوى الاحترافية فيه، لما له من تأثير مباشر على الجمهور الرياضي.

وجاء قرار الهيئة بالتعاون مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، استجابة للحاجة الملحة لضبط إيقاع الطرح الإعلامي في الساحة الرياضية، التي شهدت في الآونة الأخيرة تصاعدًا في بعض الممارسات التي تبتعد عن النقد الموضوعي، وتدخل في دائرة الإساءة الشخصية وتأجيج مشاعر الجماهير، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ورصد المتابعون للإعلام الرياضي بعض الأصوات التي لا تهدف لخدمة الرياضة أو الجمهور، بل تسعى وراء مكاسب دعائية مثل زيادة المشاهدات، وتصدر الترند، وتحقيق أرباح إعلانية، حتى لو كان عن طريق إثارة الجدل والمشاكل المفتعلة. وتجاوز الأمر إلى حد أن البعض أنشأ حسابات وهمية لتضخيم آرائهم، مدعومين بجماعة تروّج لهم وتساندهم في كل ما يثيرونه من فوضى. لذلك ارتفعت المطالب لتدخل الجهات المختصة، لإعادة توجيه بوصلة الإعلام الرياضي نحو مهنية مسؤولة ومنضبطة.

ويلعب الإعلام الرياضي دورا يتجاوز حدود نقل الأخبار أو بث المباريات، حيث يساهم في تشكيل الصورة الذهنية لدى الجمهور عن اللاعبين والأندية، والأحداث الرياضية. ومع زيادة عدد القنوات الفضائية المتخصصة، والبرامج التحليلية التي يقدمها إعلاميون وخبراء، تعاظم تأثير الإعلام ليصبح الفاعل الأبرز في المشهد الرياضي، لكن الكثير من العاملين فيه لاسيما المشاهير لم يلتزموا بالممارسات المهنية بل انساقوا وراء ميولهم الرياضية وساهموا في زيادة التعصب الرياضي، وقال ناشط:

zmiti999@

وجاء في تعليق:

sultanaaljoufi@

تبادل الاتهامات والتراشق بين الأطراف، وحرص كل طرف على إنكار الدعم الذي يتلقاه الفريق الذي يشجعه، أمر خطير ومخجل أمام الجميع. جميع الأندية تتلقى دعمًا يصل إلى مئات الملايين، ومع ذلك يظهر إعلاميون ينكرون هذا الدعم، وهو تجاوز خطير للغاية يتطلب تدخلًا من الجهات الرسمية.

اليوم، يستمع الأطفال والشباب ويقرؤون ما يصدر عن بعض الإعلاميين ويصدقونهم، ظنًا منهم أن الجهات الرسمية تُفضّل ناديًا على آخر أو تتعمد معاداة نادٍ معين.

الرياضة السعودية اليوم تجاوزت الإقليمية وأصبحت تتنافس عالميًا، فلماذا يُسمح لأفراد معدودين بقيادة الكذب والتدليس والتضليل، بدعوى أن ناديًا يُدعم وآخر لا يُدعم؟

وتحدث الصحافي فهيد اليامي عن الواقع الرياضي، وجاء في تغريدة على إكس:

fuhaidalyami@

يُعَدّ الإعلام الرياضي، وجميع العاملين فيه، بمثابة مطبخ للفتنة، حيث يقوم بتوزيع منتجاته غير الصحية دون أي رقابة من الجهات المعنية، ولا حتى وضع ملصقات تحذر من تداول هذه المنتجات الملوثة فكرياً وثقافياً وأخلاقياً. بل يُترك له المجال ليتغلغل في المجتمع عبر (دكاكين) البرامج الرياضية، مُوزعاً أفكاره دون اعتبار لما قد ينتج عن ذلك من تداعيات مستقبلية على الرياضة وجماهيرها.

ومن هنا تأتي أهمية الإجراءات التي اتخذتها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في السعودية بالتعاون مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي لتأطير حرية التعبير ضمن سياق من المسؤولية والاحترافية، حيث أكد البيان على أهمية أن يلتزم النقد بمعايير المصداقية والشفافية والوضوح في الطرح، وهو ما يمثل جوهر العمل الإعلامي الرصين والهادف إلى التطوير والبناء.

ولضمان تفعيل هذه التوجهات، أعلنت الهيئة عن آلية عمل جديدة ومبتكرة، تقوم على التعاون الوثيق مع وزارة الرياضة والاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، من خلال تشكيل فرق عمل متخصصة ستتولى مهمة التعامل المباشر مع المخالفات والتجاوزات الإعلامية.

الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تشكل فرق عمل متخصصة ستتولى مهمة التعامل المباشر مع المخالفات والتجاوزات الإعلامية

وستعمل هذه الفرق على رصد الممارسات المخالفة، وتطبيق العقوبات والغرامات المالية المنصوص عليها في نظام الإعلام المرئي والمسموع، مع التأكيد على أن الهدف ليس العقوبة بحد ذاتها، بل هو تعزيز ثقافة الالتزام ورفع مستوى جودة المحتوى الرياضي.

وأوضح البيان أن هناك تنسيقًا مباشرًا مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، لضمان عدم إيقاع أي عقوبة على أي إعلامي رياضي، إلا بعد التحقق من عضويته في الاتحاد، في خطوة تهدف إلى حماية الإعلاميين المحترفين والملتزمين، وتمييزهم عن الدخلاء على المهنة.

كما سيتم العمل على وضع إطار تنظيمي محدد، يتضمن تصنيفًا واضحًا للمخالفات والتجاوزات، وتحديدًا دقيقًا للإجراءات التي ستتخذ حيال كل منها بما يتناسب مع جسامتها، وهو ما يضمن الشفافية والعدالة في تطبيق الأنظمة، ويمنع تكرار المخالفات.

ويمثل التحرك المنظم نقلة نوعية من ردود الفعل العفوية تجاه التجاوزات، إلى عمل مؤسسي منظم، يعالج المشكلة من جذورها، ويضع حلاً مستدامًا يضمن الارتقاء بمستوى الحوار الرياضي في المملكة.

وتأتي هذه الإجراءات في وقت يشهد فيه القطاع الرياضي السعودي قفزات مهمة، ويحظى باهتمام عالمي مما يتطلب وجود منظومة إعلامية مواكبة لهذا التطور، تكون على قدر الحدث، وتبتعد عن كل ما يسيء للرياضة السعودية.

وقد أكدت الهيئة في ختام بيانها على أن هذه الإجراءات لا تتعارض مع حرية التعبير، بل تدعمها وتؤطرها، من خلال التأكيد على أن حرية النقد الهادف والموضوعي مكفولة للجميع، بينما الإساءة والتجريح والتحريض أمور مرفوضة نظامًا وأخلاقًا.

ويقف الإعلام الرياضي السعودي اليوم أمام منعطف هام، ومرحلة جديدة من المسؤولية، تفرضها هذه التنظيمات التي ستعيد تشكيل المشهد، وتفرز الإعلامي الحقيقي الملتزم بأخلاقيات المهنة، من أولئك الذين يستغلون الرياضة لإثارة الفتن والنعرات.

5