الذكاء الاصطناعي والأخلاق: رسالة الإيمان والسلام من أبوظبي إلى العالم والمستقبل

ريادة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي لا تنبع فقط من الاستثمار والبنى التحتية والتشريعات بل من دمج هذه الرؤية في إطار إستراتيجية السلام العالمي لتكون التقنيات خادمة للإنسان.
الاثنين 2025/10/20
كيف نجعل الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام؟

الحبيب الأسود

دعا العلّامة الشيخ عبدالله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى أبوظبي للسِّلم، إلى تأسيس إطارٍ أخلاقي عالمي للذكاء الاصطناعي يجمع بين القيادات الدينية والفكرية والعلمية والخبراء التقنيين وصنّاع القرار، من أجل توجيه مسار التقنيات الناشئة لخدمة الإنسان وصون كرامته وتعزيز السلم العالمي.

وخلال ندوة “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” التي نظمها منتدى أبوظبي للسِّلم بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)، ضمن فعالية “عشاء الإيمان والتكنولوجيا” المنعقدة في دبي، أوضح الشيخ بن بيّه أن التحدي في عصر الذكاء الاصطناعي لم يعد في بلوغ التقدّم التقني، بل في ضمان أن يبقى هذا التقدّم في خدمة الإنسان لا على حسابه. وأشار إلى أن ما يميز الإنسان ليس قدرته على المعرفة فحسب، بل وعيه بغاياتها وتسخيرها لخدمة الخير العام. وتابع قائلاً إن أي تطور علمي أو تقني يفتقر إلى بوصلة أخلاقية واضحة يمكن أن يتحول من وسيلة للبناء إلى أداة للهدم. وأضاف أن بناء منظومة قيمية عالمية تستند إلى المبادئ الإنسانية المشتركة التي أرستها الأديان والفلسفات، وفي مقدمتها الرحمة والإنصاف والحكمة والصدق، أمرٌ ضروري. ولفت إلى أن منتدى أبوظبي للسِّلم كان من أوائل المؤسسات العالمية التي استشرفت هذه التحديات، من خلال مشاركته في نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (2020)، وتوقيعه اتفاقيات تعاون مع أكاديمية الحياة في الفاتيكان ومعهد فراداي للعلوم والدين في جامعة كامبريدج، تأكيدًا على أهمية الربط بين القيم الدينية والعلمية لتوجيه الابتكار نحو الخير العام.

الشيخ عبدالله بن بيّه: الذكاء الاصطناعي يجب ألا يتحول إلى ذكاء بلا ضمير بل تُغرس فيه القيم الإنسانية وفي مقدمتها الحكمة
الشيخ عبدالله بن بيّه: الذكاء الاصطناعي يجب ألا يتحول إلى ذكاء بلا ضمير بل تُغرس فيه القيم الإنسانية وفي مقدمتها الحكمة

وشدّد الشيخ بن بيّه على أن الذكاء الاصطناعي يجب ألا يتحوّل إلى ذكاء بلا ضمير، بل ينبغي أن تُغرس فيه القيم الإنسانية وفي مقدمتها الحكمة، باعتبارها الضمانة لتحقيق التوازن بين القدرة على الفعل والوعي بالعواقب، وبين الابتكار والمسؤولية. واستشهد بالآية القرآنية: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾، موضحًا أن الميزان يرمز إلى العقل الرشيد والضمير الأخلاقي، وهما الركيزتان الأساسيتان اللتان ينبغي أن توجّها مسار التطور التقني نحو العدل والخير العام. كما توقف عند الرؤية الاستباقية لدولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التي جعلت من التكنولوجيا وسيلة لتحقيق السلام والتنمية المستدامة، مشيدًا بما عبّرت عنه الإمارات في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التزامها بالاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتقنيات الحديثة، احترامًا للكرامة الإنسانية وخدمةً للسلام العالمي.

وفي ختام كلمته، أكد الشيخ بن بيّه أن المسؤولية في هذا المجال جماعية وعابرة للحدود، وتتطلب تضافر العلماء وصنّاع السياسات وقادة الأديان، لتحويل القيم إلى سياسات، والمبادئ إلى تشريعات، والرؤى إلى ممارسات واقعية، حتى يصبح الذكاء الاصطناعي قوة عالمية للخير تسهم في بناء عالم أكثر عدلاً ورحمة وسلامًا.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فإن النهضة المطردة في الذكاء الاصطناعي أدت إلى إيجاد العديد من الفرص على الصعيد العالمي، بدءًا من تيسير التشخيص لأغراض الرعاية الصحية، وانتهاءً بتمكين البشر من التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تعزيز كفاءة الأيدي العاملة من خلال المهام المؤتمتة. وترى المنظمة أن هذه التغيرات تثير بطبيعة الحال مخاوف أخلاقية بالغة، تنبع من الإمكانيات الكامنة في نظم الذكاء الاصطناعي لغرس أوجه التحيز، واستفحال تدهور المناخ، وتهديد حقوق الإنسان، وغيرها. وقد بدأت المخاطر الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بالتفاقم بالفعل مع أوجه عدم المساواة القائمة، وهو ما يلحق مزيدًا من الأذى بالفئات المهمشة. لذا، فما من مجال آخر أحوج إلى وجود نبراس أخلاقي أكثر من الذكاء الاصطناعي. كما أن هذه التكنولوجيات ذات الأغراض العامة تعيد تشكيل الطريقة التي نعمل ونتفاعل ونعيش بها. والعالم ماضٍ نحو التغير بوتيرة لم يشهدها منذ انتشار المطبعة قبل ستة قرون. إذ تعود تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي بفوائد كبيرة في مجالات عديدة، لكن يُخشى في ظل غياب الضوابط الأخلاقية أن تؤدي إلى مظاهر التحيز والتمييز، وتأجيج الانقسامات، وتهديد حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وكان العلّامة بن بيّه قد تحدث في مؤتمر “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام” الذي احتضنته مدينة هيروشيما اليابانية في يوليو 2024، عن سبل تسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام، معتبرًا ذلك مسعى مهمًا وعاجلًا، إذ إن البشرية في حاجة إلى كل ما من شأنه إنهاء الصراعات وإيقاف الحروب والتقليل من النزاعات. وقال إن سؤال “كيف”، أي: كيف نجعل الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام؟ هو السؤال العملي الذي يحتاج إلى بحث وتدبر. والجواب عنه يمكن النظر إليه من زاويتين متكاملتين: جانب الوجود وجانب العدم. فمن ناحية الوجود، أن تكون منتجات الذكاء الاصطناعي قادرة على المساهمة في نشر قيم السلم والتسامح، والمساعدة في إيقاف الحروب وتخفيف النزاعات، وتعزيز الثقة بين الناس. ومن ناحية العدم، ألا تساهم هذه المنتجات في زيادة التوترات أو إشعال الفتن بين البشر أو رفع وتيرة سباق التسلح، وهو ما يدخل في عموم الحديث الشريف: “لا ضَررَ ولا ضِرارَ”، أي الامتناع عن إلحاق الضرر بالآخرين بأي وسيلة وتحت أي ذريعة.

وفي الحالين تبرز الحاجة إلى دمج الأخلاق في منتجات الذكاء الاصطناعي، لتكون أخلاق الصدق والحق والعدل والرحمة وغيرها هي الموجّه والمؤطر لأعماله. ومن خلال ذلك، يمكن العمل على منتجات متنوعة تسهم في التخفيف من الصراعات، وتساعد على زيادة التفاهم بين البشر، وتحدّ من الاستخدام الخاطئ للتقنية.

وبحسب الشيخ بن بيّه، فإن الوصول إلى غاية إدماج منظومة الأخلاق، وإقناع الفاعلين العموميين والخصوصيين بمراعاتها، ووضع الأطر والتشريعات المساعدة والداعية إلى حصر استخدام الذكاء الاصطناعي في الاستخدامات السلمية، هي التحديات النظرية والعملية التي يعمل عليها المؤتمر، والتي ستحتاج ولا شك إلى تعاون واسع بين مختلف الفاعلين.

وخاطب الشيخ العلامة الضمير الإنساني، قائلاً إن رمزية عقد المؤتمر في مدينة هيروشيما واضحة، إذ كانت هذه المدينة شاهدة على إحدى أكبر مآسي استخدام التقنية المتطورة بشكل مدمر ووحشي في التاريخ الحديث. إنه درس قاسٍ وخالد في النتائج التي يمكن أن تترتب على الاستخدام الخاطئ للقدرات التقنية. وأضاف أن ذلك تذكير وتحذير يدعو للتفكير في كيفية ألا تزيد منتجات الذكاء الاصطناعي أوار التوترات الحاصلة حول العالم ولا لهيب الحروب والنزاعات الجارية. متسائلًا: كيف تبقى هذه التقنيات في خدمة البشرية ولأجل نفع البشر، وألا تُستخدم لقتلهم أو إفنائهم؟ مشددًا على أن هذا هو التحدي الذي على مطوري هذه التقنيات التعامل معه، وعلى صناع القرار الدولي العمل من أجله، وعلى المجتمع المدني والقيادات الدينية التعريف به والحث عليه.

انخراط صناع السلام في تأطير الذكاء الاصطناعي نابع من صميم رسالتهم الحضارية، فالاستغلال الأمثل لهذه التقنية وتقليل مخاطرها هما سعي للسلام العالمي وبناء مجتمعات السلام

ولاحظ الشيخ بن بيّه أن الأديان، في صميم رسالتها، تسعى إلى إسعاد البشر في الدارين الدنيا والآخرة، ولذلك فهي تحث على البحث عن كل ما فيه صلاح حالهم ونجاح مآلهم. ولم يكن الدين يومًا حاجزًا مانعًا من الابتكار، بل كان حافزًا دافعًا للإبداع والإنجاز. واعتبر أن هذه التقنيات التي وصلت إليها البشرية اليوم فتحت الباب على طيف واسع من الإمكانات والفرص الواعدة في مجالات شتى يمكن أن تسهم في تحسين حياة البشر. ومع ذلك، فإنها تفتح الباب أيضًا على مخاطر ومخاوف من الاستخدام الخاطئ.

وخلال ملتقى “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي – AI Ethics” الذي انعقد في روما، بمشاركة أديان العائلة الإبراهيمية في يناير 2023، شدّد الشيخ بن بيّه على أنه من واجب المعنيين من قادة دينيين وشركات تقنية وفاعلين حكوميين وغيرهم التعاون لتعظيم فوائد هذه التقنيات وتقليل مخاطرها، وذلك من خلال تطوير إطار أخلاقي يضمن مراعاة منتجات الذكاء الاصطناعي للمعايير الأخلاقية السامية، من أجل صيانة كرامة البشر وصلاح أحوالهم. وأبرز أن هذا الإطار الأخلاقي يجب أن يقوم على قيم الفضيلة واحترام الإنسانية، والتضامن والتعاون في الخير، وقيم الصدق والعدل والأمانة والنزاهة والمسؤولية والشفافية، وهي كلها قيم مركزية في المنظومة الأخلاقية لجميع الديانات والفلسفات الإنسانية. كما أشاد برؤية دولة الإمارات العربية المتحدة القائمة على أُسس فكرية ومقاصد تنموية، من أهمها الجمع بين الإيجابية في المنطلق، والفاعلية في الأداء، والجودة في المخرجات، وهي القيم التي بنى عليها القائد المؤسس الشيخ زايد دولة الإمارات، وسار على نهجها أبناؤه الأماجد.

ويجمع المراقبون على الدور المهم الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في التركيز على مبادئ الأخلاق السامية والنبيلة في تعاملها مع منظومة الذكاء الاصطناعي، تأكيدًا على هوية المجتمع وقيمه الثقافية والحضارية، وعلى أساسيات التعامل الإنساني، وفي سياق العمل على تأمين الأجيال الصاعدة والقادمة، ومن أجل المساهمة الفاعلة في إرساء عالم متقدم تقنيًا، محافظ أخلاقيًا، ومتميز بالنقاء الإنساني.

وتهدف إستراتيجية حكومة أبوظبي الرقمية 2025 – 2027 إلى جعل الإمارة أول حكومة رائدة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2027، عبر استثمار تبلغ قيمته 13 مليار درهم. ويجسّد طموح الإمارة تصورًا لكيفية تقديم الخدمات الحكومية إلى الأفراد، والإسهام في دعم اتخاذ القرارات، وتوفير خدمات ذات قيمة للمجتمعات عبر عدد من الركائز الأساسية، تشمل تبني السحابة السيادية بنسبة 100 في المئة، ودمج الذكاء الاصطناعي في جميع الخدمات، ودعم عمليات صنع القرار القائم على البيانات، واعتماد إطار رقمي موحّد، وضمان أمن سيبراني قوي.

كما تهدف الإستراتيجية الرقمية إلى إنشاء بنية رقمية موحّدة تنجز أتمتة العمليات وتعزز الكفاءة عبر شراكات تكاملية مع رواد التكنولوجيا والمبدعين ورواد الأعمال. وتمكّن هذه الأسس من تقديم خدمات حكومية ذكية ومترابطة ومدعومة بالذكاء الاصطناعي، تستشرف وتلبي احتياجات المواطنين والمقيمين والشركات بشكل استباقي.

وفي ديسمبر 2023 أُعلن في العاصمة البريطانية لندن عن اختيار الشيخ المحفوظ بن بيّه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسِّلم، لرئاسة “لجنة الإيمان والذكاء الاصطناعي”، وذلك مباشرة بعد تأسيسها ضمن ندوة “الأديان والمجتمع المدني بشأن الذكاء الاصطناعي”، التي عُقدت في إطار تفعيل مخرجات قمة “التطوير الآمن في مجال الذكاء الاصطناعي”، المنعقدة برئاسة ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني.

وفي ختام ملتقاها الأول المنعقد في أبوظبي في مارس 2024، أوصت لجنة الدين والمجتمع المدني للذكاء الاصطناعي بالاستفادة من الريادة الإماراتية في هذا المجال، وأشادت بأهم البنى التحتية من مؤسسات أكاديمية، وعلى رأسها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومؤسسات استثمارية، وأطر إدارية وتشريعية مثل تأسيس مجلس الذكاء الاصطناعي ومجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة، وغير ذلك من المميزات التي تجعل انعقاد أعمال اللجنة في أبوظبي فرصة ثمينة لتطوير فهمها والانفتاح على آفاق أكثر رحابة.

ودعت اللجنة إلى الاستفادة من ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وخاصة نهجها الاستشرافي والتفاؤلي الذي يركز على الإنسان في تطوير الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة وإسعاد البشر.

ويرى الشيخ المحفوظ بن بيّه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسِّلم، أن انخراط صناع السلام في تأطير الذكاء الاصطناعي نابع من صميم رسالتهم الحضارية، وأن البحث عن الاستغلال الأمثل لهذه التقنية الجديدة، وترجيح ما فيها من مصالح ومنافع، وتقليل أوجه الخطر والضرر، هو سعي للسلام العالمي، وسعي لبناء مجتمعات السلام.

أي تطور علمي أو تقني يفتقر إلى بوصلة أخلاقية واضحة يمكن أن يتحول من وسيلة للبناء إلى أداة للهدم، لذا لا بد من منظومة قيمية عالمية تستند إلى الرحمة والإنصاف والحكمة

وأبرز خلال الجلسة الختامية من أعمال المؤتمر التاريخي متعدد الديانات، الذي عقد في مدينة هيروشيما اليابانية تحت عنوان “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام: أديان العالم تلتزم بنداء روما”، أن مشاركة المنتدى في هذا الحدث التاريخي المهم تجسّد رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة التي جعلت الشراكة الحضارية نهجها، والإنسان وسعادته غايتها، والتي صممت بعزم وثقة أن تأخذ دورها الطلائعي في صناعة مستقبل الإنسانية. وأوضح أن ريادة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، التي غدت اليوم محل اعتراف وتنويه دوليين، “ليست نابعة فحسب من مستوى الاستثمار غير المسبوق في هذه التقنيات الجديدة، وإنشاء البنى التحتية اللازمة، ووضع القوانين والتشريعات الناظمة، بل تنبع كذلك من دمج هذه الرؤية في إطار إستراتيجية السلام العالمي، من خلال العناية بتأطير هذا التطوير بمبادئ القيم الإنسانية التي تضمن أن يكون العلم خادمًا للسلم، والتقنيات خادمة للإنسان.” واستشهد بخطاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قمة روما لمجموعة العشرين، حيث “أوضح صاحب السمو أن التعامل المسؤول والأخلاقي مع التقنيات الناشئة يجعلها رافدًا للتنمية المستدامة والأمن والازدهار للجميع.” وذكّر بأن المنتدى كان أول مؤسسة ممثلة للإسلام وللعالم العربي تنخرط في هذا الجهد الإنساني المشترك، الذي يهدف إلى وضع الأطر التشريعية الموجهة بالرؤى القيمية لتكون دليلًا ومرشدًا لمطوري تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعونًا لهم على التجاوب مع مقتضيات الأخلاق، دون أن تعيق تحقيق مطالب الإبداع والابتكار.

وأكد بن بيّه أنه لا بديل عن السلام إلا الفناء، داعيًا إلى التعاون على البقاء مهما استشرت الحروب واحتدمت الصراعات، وموضحًا أن السلام الذي تنشده الإمارات في العالم، ويعمل المنتدى في إطاره، هو ميلاد إنسان جديد، برؤية جديدة للعالم، على أساس قيم السلام، قيم الفضيلة والرحمة، ليعيد بناء ذاته وعلاقاته بجنسه وبالأمم الأخرى من المخلوقات بجانبه.

وكان الشيخ محمد بن زايد قد أكد أن الإمارات حريصة على ترسيخ التعاون الدولي لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في التعامل مع التحديات، مشيرًا إلى أن التعامل المسؤول والأخلاقي مع التقنيات الناشئة يجعلها رافدًا للتنمية المستدامة والأمن والازدهار للجميع.

وقال بعد مشاركته في جلسة ضمن قمة مجموعة السبع في إيطاليا حول الذكاء الاصطناعي والطاقة في يونيو 2024، إن الإمارات حريصة على ترسيخ التعاون الدولي لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في التعامل مع التحديات العالمية المشتركة، وفي مقدمتها تحدي الطاقة، معتبرًا أن التعامل المسؤول والأخلاقي مع التقنيات الناشئة يجعلها رافدًا للتنمية المستدامة والأمن والازدهار للجميع.

ويمكن التأكيد على أهمية وشمولية الدور الذي تتولاه الإمارات من خلال تركيزها على الجانب الأخلاقي وربطها قضية الذكاء الاصطناعي بالجانبين الروحي والإنساني، وبأساس الإيمان في أبعاده الروحية والفكرية والفلسفية الواسعة والشاملة والعابرة للأديان والعقائد والمذاهب والطوائف، وبمبدأ السلم كغاية سامية لا تكتمل إلا بدعم قيم الإخاء الإنساني العميق وفق رؤية متقدمة تؤمن بالتعاون والتضامن والتكامل بين دعاة الخير والسلام والمحبة في كل أرجاء العالم. فهي بذلك تضع الذكاء الاصطناعي في موقعه الوظيفي كعنصر محفّز وداعم للخير والسلام ومستند إلى الأخلاق في أبعادها الإنسانية الأسمى والأرقى.