الحوثي يدين المجزرة الإسرائيلية بحق الصحافيين.. ماذا عن انتهاكاته

النظام القضائي في اليمن أداة لتقييد حرية الصحافة والإعلام وإسكات الأصوات المعارضة والمستقلة.
الثلاثاء 2025/09/16
ضحايا الحوثيين أكثر

صنعاء - أعلنت جماعة أنصارالله الحوثية في اليمن الأحد، مقتل 31 صحافيا بهجوم إسرائيل على صنعاء الأربعاء الماضي، بينما تضاربت الأنباء عن عدد الصحافيين القتلى مع ما أوردته المنظمات الحقوقية التي أدانت في الكثير من المرات القمع الحوثي للإعلام والصحافة.

ونعت صحيفة “26 سبتمبر” التابعة لوزارة الدفاع الحوثية في بيان 31 صحافيا قالت إنهم قتلوا جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مقرها في العاصمة صنعاء وأدت إلى تدميره بشكل كامل مساء الأربعاء.

وذكرت الصحيفة أن الهجوم الإسرائيلي أسفر أيضا عن إصابة 22 صحافيا فضلا عن مقتل وجرح العشرات من المدنيين.

وقد أصدرت “26 سبتمبر” عددها الأوّل بعد العدوان، مع صور الضحايا الصحافيين على الغلاف، وعنوان “لن تسكتوا صوتنا ولن تنالوا من عزيمتنا.” كما أصدرت صحيفتا “26 سبتمبر” و”اليمن” بياناً مشتركاً اعتبرتا فيه أنّ “دماء الصحافيين اليمنيين امتزجت بدماء زملائهم في قطاع غزة، والتي تطالهم غارات العدو الصهيوني بشكل متعمّد بهدف إسكات صوت الحقيقة.”

اليمن يظل واحداً من أخطر بلدان العالم على الصحافيين حيث تُرتكب الانتهاكات بحقهم مع الإفلات من العقاب

ودعا البيان الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى إدانة الهجوم، محملا إسرائيل المسؤولية الكاملة عن استهداف الصحافة والإعلام.

واختلفت حصيلة الصحافيين القتلى بحسب ما أورد بيان الاتحاد الدولي للصحافيين الذي أدان بشدة عملية الاستهداف، داعيًا إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل في الحادث. وتقول المصادر إن العشرات من الصحفيين قتلوا. بينما ذكرت نقابة الصحافيين اليمنيين أن 9 صحافيين قتلوا.

وقال أنتوني بيلانجر الأمين العام للاتحاد “مقتل ما لا يقل عن تسعة صحافيين في اليمن مجزرة مروعة. استهداف الصحافيين يعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي وهجومًا على حق الجمهور في المعرفة. يجب اتخاذ خطوات عاجلة لضمان حماية الصحافيين العاملين في مناطق الصراع.”

وأعلنت إسرائيل أنها استهدفت “أهدافًا عسكرية تابعة للنظام الإرهابي الحوثي” في صنعاء والجوف، بما في ذلك “معسكرات عسكرية ومستودعًا للوقود و’دائرة العلاقات العامة’ الحوثية.”

في المقابل، قالت وزارة الصحة التابعة للحوثيين إن الغارات أسفرت عن مقتل 46 شخصاُ وأصابت 165 آخرين، دون تقديم تفاصيل عن هويات الضحايا.

وفي حين أن الحصيلة ثقيلة وتؤكد المنظمات الحقوقية والإنسانية أنها جريمة وانتهاك دولي، أفادت تقارير عن حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون اليمنيون على يد الحوثيين.

ومنذ عام 2020، تصاعدت عمليات الاغتيال الممنهجة للصحافيين، حيث تم إسكات العديد منهم عبر القتل، وكان آخرها عملية مقتل المصور التلفزيوني مصعب الحطامي في استهداف نفذته جماعة الحوثي في أبريل بمأرب 2025 أثناء ذهابه للتصوير في مناطق التماس حيث كان يعتزم إنتاج مواد إعلامية حول النزاع المستمر في اليمن، كما اغتيل مراسل التلفزيون الياباني صابر الحيدري بعبوة ناسفة زرعت في سيارته بمحافظة عدن في يونيو 2022، كما قُتل مصور الصحافة فواز الوافي داخل سيارته في مارس 2022 بمحافظة تعز. كذلك، تم اغتيال الصحافية رشا الحرازي في نوفمبر 2021، فيما قُتل مصور وكالة الأنباء الفرنسية نبيل القعيطي على يد مسلحين مجهولين في يونيو 2020 بمحافظة عدن. ويواصل الصحافيون والصحافيات عملهم في غياب إجراء تحقيقات نزيهة لمحاسبة الجناة من قبل جميع الأطراف في اليمن.

ولا يزال الصحافيون والعاملون في وسائل الإعلام يواجهون قمعاً ممنهجاً، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري والمحاكمات الجائرة، وذلك فقط لممارستهم حقهم في حرية التعبير ونقد الأوضاع المحلية.

ويظل اليمن واحداً من أخطر بلدان العالم على الصحافيين حيث تُرتكب الانتهاكات بحقهم وسط إفلات شبه كامل من العقاب.

وأعربت منظمات حقوقية يمنية وإقليمية ودولية عن بالغ قلقها إزاء التدهور المستمر لحرية الصحافة والإعلام في اليمن، في المناطق الخاضعة لسيطرة كل من جماعة الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً. ودعت جميع السلطات في اليمن إلى احترام التزاماتها بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعد اليمن طرفاً فيه

وعلى مدار أكثر من عقد من النزاع، أصبح النظام القضائي في اليمن أداة لتقييد حرية الصحافة والإعلام، ولإسكات الأصوات المعارضة والمستقلة. ففي يناير 2024، أصدرت المحكمة الابتدائية في عتق حكماً بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بحق الصحافي عزيز الأحمدي، على خلفية منشور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول السلطة المحلية.

وفي نفس السياق، تعرض عوض كشميم، رئيس لجنة الحريات في فرع نقابة الصحافيين اليمنيين بحضرموت، للاعتقال التعسفي. كما وثق عام 2024 وحده ما لا يقل عن 40 حالة استدعاء وتحقيق مع صحافيين، غالباً استنادًا إلى اتهامات ملفقة، أمام محاكم تفتقر إلى الولاية القانونية، مثل المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وهي محكمة مخصصة عادة للحالات المتعلقة بالإرهاب. ورغم وجود محاكم متخصصة بالصحافة والنشر، إلا أن العديد من الصحافيين لا يزالون يُحاكمون أمام المحاكم الجزائية.

منذ عام 2020، تصاعدت عمليات الاغتيال الممنهجة للصحافيين، حيث تم إسكات العديد منهم عبر القتل، وكان آخرها عملية مقتل المصور التلفزيوني مصعب الحطامي

وفي أواخر سبتمبر 2024، أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة التابعة للحوثيين في صنعاء حكماً بإعدام الصحافي طه أحمد راشد المعمري، مالك شركتي “يمن ديجيتال ميديا” و”يمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي”. كما طالت الانتهاكات محامين حقوقيين مثل عبدالمجيد صبرة وسامي ياسين، اللذين تعرضا للتهديدات والاعتقال التعسفي، وتم توجيه اتهامات بالخيانة لهما دون أيّ أساس قانوني.

ومنذ عام 2022، شهدت حملات المضايقة القضائية ضد الصحافيين تصاعدًا ملحوظًا، حيث تزايدت محاكماتهم نتيجة لانتقاداتهم للمسؤولين الحكوميين. وأصدرت المحاكم أحكامًا بالسجن على ثلاثة صحافيين بتهم من قبيل “إهانة موظف عام” و”تهديد بالكشف عن معلومات سرية.” وفي عام 2024، شنّت الجماعة حملة اعتقالات واسعة في سبتمبر الماضي، تزامنًا مع الاحتفالات بالذكرى الثانية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، حيث تم اعتقال المئات، بمن فيهم الصحافي محمد المياحي، بسبب تعبيرهم عن آراء معارضة على الإنترنت.

ويواجه الصحافيون في اليمن تهديدات خطيرة وانتهاكات جسيمة من مختلف الأطراف، بما في ذلك الحكومة المعترف بها دوليًا، والحوثيون، والجماعات المسلحة الأخرى. وتشمل هذه الانتهاكات القتل، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، في ظل غياب مسارات فعّالة لمساءلة الجناة.

وقد أسهمت سيطرة الفصائل المختلفة على وسائل الإعلام في تقليص توفر المصادر المستقلة للمعلومات، وتجريم العمل الصحفي، وخلق بيئة يسودها الخوف والرقابة الذاتية. كما حولت الهجمات المتكررة ممارسة العمل الصحفي في اليمن إلى مهمة شديدة الخطورة. وتواجه الصحافيات اليمنيات تهديدات مضاعفة، تشمل التحريض الإلكتروني وحملات التشويه الممنهجة، ضمن محاولات لإقصائهن عن المشهد العام ومشاركتهن في المجال الإعلامي.

وعلى مدار العقد الماضي، تم توثيق أكثر من 2600 انتهاك ضد الصحافيين، يتحمل الحوثيون المسؤولية عن الغالبية العظمى منها. ولا يزال ما لا يقل عن خمسة صحافيين رهن الاحتجاز التعسفي، من بينهم وحيد الصوفي المختفي قسرًا منذ عام 2015، ومحمد المياحي وناصح شاكر المحتجزين في ظروف ترقى إلى الإخفاء القسري.

5