الحوثيون يشهرون ورقة التجسس لتبرير اعتقال موظفين أمميين
صنعاء - أعلن مسؤول في حكومة صنعاء المرتبطة بالحوثيين، الخميس، أنّ موظفي الأمم المتحدة الذين اعتقلهم المتمردون اليمنيون قبل أيام يواجهون اتهامات بـ"التجسس لحساب إسرائيل والولايات المتحدة".
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أكد الأحد أن الحوثيين احتجزوا ما لا يقل عن 11 موظفاً من المنظمة الدولية، وذلك عقب غارة إسرائيلية على صنعاء الخميس الماضي، أسفرت عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب ناصر الرهوي وعدد من الوزراء.
وقال مصدر في وزارة الخارجية بصنعاء طالباً عدم كشف هويته "الموقوفون من موظفي الأمم المتحدة متهمون بالتجسس لصالح العدو الأميركي والإسرائيلي، ومن تثبت التهمة بحقه سيحال إلى المحاكمة".
وبين المعتقلين موظفون في برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فيما أوقِف عشرات آخرون السبت للاشتباه في "تعاونهم مع إسرائيل"، بحسب مصدر أمني يمني.
سياق الاعتقالات
وتأتي هذه الخطوة بعد الضربة الجوية الإسرائيلية على صنعاء التي أودت بحياة رئيس الحكومة الحوثية أحمد الرهوي وتسعة وزراء ومسؤولين حكوميين. ومنذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، كثف الحوثيون هجماتهم الصاروخية وبالطائرات المسيّرة ضد إسرائيل، فضلاً عن عمليات استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، مؤكدين أن تلك الهجمات تأتي "دعماً للفلسطينيين".
وقبل هذه الحملة الأخيرة، كان الحوثيون قد احتجزوا بالفعل 23 موظفاً أممياً، بعضهم منذ عام 2021. وفي يونيو 2024، أعلنت الجماعة اعتقال "شبكة تجسس أميركية–إسرائيلية" تعمل تحت غطاء منظمات إنسانية، وهي اتهامات رفضتها الأمم المتحدة واعتبرت أن لا أساس لها.
ويرى محللون ومراقبون أن اتهامات الحوثيين بالتجسس تأتي في سياق محاولتهم التغطية على إخفاقات أمنية وضربات موجعة تعرضوا لها، مثل مقتل وزراء وقادة لهم.
وتعكس هذه الاتهامات توجهاً لدى الحوثيين لتشديد قبضتهم الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وشن حملة اعتقالات واسعة تستهدف المدنيين والعاملين في المنظمات الدولية، بحجة "التجسس والعمل لصالح إسرائيل".
ويهدف الحوثيون من خلال احتجاز الموظفين الأمميين إلى استخدامهم كأوراق مساومة للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وفي ظل تصاعد هجماتهم ضد إسرائيل، يسعى الحوثيون إلى إظهار أنفسهم كمدافعين عن القضية الفلسطينية ومحاربين للتأثير الإسرائيلي.
ولم يقدم الحوثيون أي أدلة موثوقة تدعم اتهاماتهم بالتجسس، ولم يتم السماح للمحتجزين بالتواصل مع محامين أو مع أسرهم.
وأدانت الأمم المتحدة بشدة اعتقال موظفيها ونفت التهم الموجهة إليهم، وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين. كما نددت منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" بهذه الاعتقالات، واعتبرتها تعسفية.
ولجأ الحوثيون في السابق إلى تهم "التجسس" لتبرير حملات اعتقال واسعة ضد عاملين في المنظمات الإنسانية والحقوقية.
ووصفت الولايات المتحدة اتهامات الحوثيين بأنها "مزيفة" و"خادعة"، مؤكدة أن المعتقلين يعملون لصالح اليمن ومستقبله.
ويرى العديد من المراقبين والمنظمات الدولية أن اتهامات الحوثيين بالتجسس تفتقر إلى المصداقية، وتعد جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز السيطرة الداخلية، والضغط على المجتمع الدولي، وتقديم صورة دعائية عن أنفسهم في سياق الصراع الإقليمي.