الحشد الشعبي يلجأ الى الدعاية والترويج الفني لمواجهة ضغوط تفكيكه
بغداد - يعمل المسؤولون في الحشد الشعبي على كسب التأييد الشعبي والتعاطف عبر الدعاية الإعلامية والمسلسلات الدرامية، مع زيادة الضغوط السياسية والدفع الأميركي نحو تفكيكه، وبات التركيز منصبا على تمجيد “بطولاته ومعاركه.”
وأجرى مدير إعلام الحشد مهند العقابي مباحثات مع رئيس شبكة الإعلام العراقي كريم حمادي في مبنى الشبكة، للتعاون بهدف “تسليط الضوء على انتصارات الحشد الشعبي والقوات الأمنية والاعمال البطولية اليومية التي يقومون بها لحفظ الأمن والاستقرار،” بحسب بيان رسمي.
وبدا الحرص واضحا على اللجوء إلى استمالة المواطنين من خلال الدراما التلفزيونية خلال الحديث عن التعاون الفني بين مديرية إعلام الحشد الشعبي وشبكة الإعلام العراقي “في مجال انتاج المسلسلات والأعمال الفنية التي تستذكر وتخلد بطولات ابطال الحشد الشعبي والقوات الأمنية في عمليات التحرير.”
إعلام الحشد يريد إنتاج المسلسلات والأعمال الفنية التي تخلد "بطولات" الحشد الشعبي والقوات الأمنية في عمليات التحرير
وسبق هذه المباحثات، لقاء العقابي مع عدد من الفنانين العراقيين. بحثوا خلاله المشهد الفني والدرامي و”أفاق التعاون لتعزيز ما تحقق من قصص الانتصارات والتضحيات على مدى سنوات محاربة التنظيمات الإرهابية.”
وأكد العقابي أن الدراما جزء لا يتجزأ من توثيق انتصارات العراقيين وبطولاتهم، لاسيما من خلال الأعمال الوطنية التي شقت طريقها نحو الجمهور العراقي في الآونة الأخيرة.
ويعتبر الحشد أن الإعلام الحربي الظهير الأيمن في معاركه لتسليط الضوء على “بطولاته وتضحياته في هزيمة داعش”، وتزداد هذه المهمة تعقيدا اليوم مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية لتفكيكه خصوصا مع انحسار النفوذ الإيراني الداعم الأساسي للحشد. بالإضافة إلى الضغوط الأميركية على حكومة محمد شياع السوداني لتحجيم نفوذ الفصائل الموالية لإيران التي يمثلها الحشد الشعبي بشكل رئيسي.
وبعد تنظيم هيكلية رسمية للحشد الشعبي تمت تسمية مديرية إعلام الحشد الشعبي وهي مديرية واسعة وتضم اقسام متنوعة ومتعددة تعمل وفق اليات وبرامج وضعت على أسس عالمية ومن بينها هيئة الرأي والتي تضم متحدثين يمثلون الحشد الشعبي بكل طوائفه الشعبية والسنية والمسيحية، وقسم خاص بالحرب النفسية اضافة للقسم الميداني واقسام الارشفة والتوثيق والإنتاج والقسم الفني وقسم خاص بالنشر يتم من خلاله التنسيق مع القنوات والإذاعات والصحف، إضافة إلى وجود شبكة واسعة ومحترفة من المراسلين والصحافيين وهم جنود ضمن الصفوف الأمامية في معارك التحرير.
وتحاول مديرية إعلام الحشد تحسين صورة الحشد لخلق انطباع إيجابي لدى الجمهور في معركة الدفاع عن وجوده.
لكن في المقابل يلاحق الحشد منتقديه بشراسة، وكانت أخرهم زينب جواد، المحامية والناشطة العراقية المعروفة بمواقفها الجريئة، حيث أوقفتها قوة أمنية تابعة للحشد الشعبي أثناء عودتها من إقليم كردستان، ومنذ لحظة توقيفها.. انقطع الاتصال بها، ولا توجد تهمة معلنة.
وآخر ما كتبته جواد على منصة “إكس” كان منشورا ينتقد النفوذ الإيراني في العراق، ويتهم فصائل مسلحة بالخضوع لضغوط خارجية.. والمنشور أثار حملة انتقادات من نواب ونشطاء مقرّبين من الميليشيات.. والرد لم يأتِ بمنشور، بل باعتقال.
وعبر المرصد العراقي لحقوق الإنسان عبّر عن قلقه، مؤكدا أن توقيف الناشطين دون أوامر قضائية يمثل انتهاكاً صريحا لحرية التعبير.
وزينب جواد معروفة بمواقفها في الدفاع عن حقوق النساء، ورفضها تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، كما ظهرت في مقابلات طالبت فيها بحماية النساء من العنف الأسري والتحرش في أماكن العمل.
بعض الدوائر الدبلوماسية الغربية تخشى أن يؤدي الإصرار على تفكيك الحشد الشعبي إلى توترات داخلية قد تصل إلى مواجهات مسلحة بين الفصائل والدولة
وانطلقت فكرة تأسيس الحشد الشعبي في 2014 كقوة رديفة للجيش العراقي لمواجهة التوسع السريع لتنظيم داعش، الذي سيطر حينها على مساحات واسعة من البلاد. لكن بعد الهزيمة العسكرية لداعش، والتي أعلن عنها رسميًا أواخر 2017، بدأت التساؤلات تتصاعد حول الجدوى من استمرار وجود هذا الكيان المسلح، الذي بات يتمتع بقدرات عسكرية واقتصادية ونفوذ سياسي يفوق في بعض الأحيان سلطة الدولة نفسها.
وتواجه الحكومة العراقية اليوم تحديًا مزدوجًا فمن جهة، تحاول الحفاظ على توازن دقيق في الداخل العراقي، حيث توجد قوى سياسية عديدة مرتبطة مباشرة بفصائل الحشد، ومن جهة أخرى، تتعرض لضغوط متزايدة من دول غربية تطالب بتقليص نفوذ الفصائل المسلحة غير الخاضعة لقيادة المؤسسة العسكرية الرسمية، وتصف استمرار وجودها بأنه مظهر من مظاهر ضعف الدولة.
وتخشى بعض الدوائر الدبلوماسية الغربية أن يؤدي الإصرار على تفكيك الحشد الشعبي إلى توترات داخلية قد تصل إلى مواجهات مسلحة بين الفصائل والدولة، خاصة أن بعض تلك الجماعات سبق أن دخلت في صدام مباشر مع القوات الحكومية في فترات سابقة، أو وجهت تهديدات صريحة لرئيس الحكومة.
ورغم أن القوى الدولية، وفي مقدمتها واشنطن ولندن، تؤكد دعمها لاستقرار العراق، إلا أنها ترى أن هذا الاستقرار لا يمكن تحقيقه في ظل وجود سلاح خارج سيطرة الدولة.