البرلمان العراقي يستبعد قانون حرية التعبير تحت ضغط الاعتراضات

الجهات المعارضة لإقرار القانون ترى أن البلاد ليست في حاجة إلى القانون أصلاً، خصوصاً أن حرية التعبير هي حق دستوري.
الأربعاء 2025/08/06
جدل تحت قبة البرلمان

بغداد – تراجع البرلمان العراقي عن التصويت على مشروع قانون حرية التعبير بسبب مواده المثيرة للجدل، إذ يرى ناشطون ومنظمات حقوقية أن مسوداته المتعاقبة تتضمن بنوداً تقيّد الحريات العامة وتمنح السلطات صلاحيات واسعة للحد من حرية التعبير، ما دفع قطاعات واسعة من الرأي العام إلى رفضه.

وقال النائب حيدر السلامي في بيان إن “قانون حرية التعبير تم استبعاده من جدول الأعمال، استجابة للرفض الشعبي الواسع لمثل هذه القوانين التي من شأنها تقييد الحريات العامة،” مؤكدا “وقوفه مع مطالب الشعب الرافضة لأيّ تقييد للحريات المكفولة دستوريا.”

ويعتبر “قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي” من أكثر القوانين إثارة للجدل في العراق خلال السنوات الأخيرة، حيث حاولت الكتل السياسية الكبيرة المتنفذة عبر مجلس النواب أن تُمرّر القانون المعد من قبل لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، لكن اعتراضات كثيرة تلاحق هذا المشروع، ما دعا نواب ومنظمات إلى الدفع نحو التريث في إقراره أو تأجيله إلى الدورة البرلمانية اللاحقة لأجل التوصل إلى نسخة معدّلة تليق بالطموح الديمقراطي.

ويتضمن القانون أكثر من 20 مادة أدرجت تحتها فقرات عدّة، نصّت جميعها على عقوبات متفاوتة تصل إلى الحبس 30 عاماً، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي، وركّزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.

الجهات المعارضة لإقرار القانون ترى أن البلاد ليست في حاجة إلى القانون أصلاً، خصوصاً أن حرية التعبير هي حق دستوري كفله الدستور العراقي ضمن المادة 38، ولا توجد أيّ إشارة إلى أنها تنظم بقانون

وتجد الجهات المعارضة لإقرار القانون أن البلاد ليست في حاجة إلى القانون أصلاً، خصوصاً أن حرية التعبير هي حق دستوري كفله الدستور العراقي ضمن المادة 38، ولا توجد أيّ إشارة إلى أنها تنظم بقانون، بالإضافة إلى ذلك، حملت النسخة التي تتداولها الأحزاب العراقية المؤيدة للقانون بنوداً تتضمن عقوبات وفقرات جزائية كثيرة في موضوع حق التظاهر والاجتماع السلمي، وأخذ الإذن للتظاهر قبل فترة معينة، كما ينتقد الناشطون بعض المصطلحات والعبارات في نسخة المشروع.

وأول دستور عراقي صدر عام 1925، والذي أُطلق عليه القانون الأساسي للعراق، قد نصّ على أن “للعراقيين حرية التعبير عن الآراء ونشرها والالتقاء بها، وتكوين الجمعيات والمشاركة فيها ضمن القانون.”

ويتألف مشروع قانون حرية التعبير الجديد من أربعة فصول تهدف إلى رسم آلية تضمن حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وحق المعرفة، بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة، مع تحديد الجهات المسؤولة عن تنظيم هذه الحريات ومعاقبة المخالفين.

والعام الماضي، قدمت منظمة “برج بابل”، وهي مؤسسة محلية معنية بالحريات ومعايير الديمقراطية في البلاد، نحو ألف توقيع لصحافيين ومحامين، إلى 4 لجان برلمانية من أجل تعديل مسوّدة مشروع هذا القانون والمضي في تشريعه.

بدورها، حذّرت منظمة العفو الدولية من أن مشروع القانون بصيغته الحالية قد يشكل تهديدا للحريات الأساسية في العراق، ودعت النواب إلى رفضه أو تعديله ليتوافق مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق. وذكرت المنظمة أن القانون المقترح يهدد بتقييد الفضاء المدني ويضفي الطابع الرسمي على ممارسات القمع المتزايدة.

وأوضحت الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو رزاوز صالحي أن “على النواب التصويت ضد أيّ تشريع يضيف أدوات جديدة للسلطات تقوّض حرية التعبير أو التجمع،” مؤكدة أن “مشروع القانون بصيغته الحالية يتعارض مع التزامات العراق الدستورية والدولية.”

وأضافت صالحي أن “الصحافيين والنشطاء في العراق يواجهون بالفعل تهديدات ومضايقات واعتقالات تعسفية، على خلفية تعبيرهم عن آراء مشروعة،” لافتة إلى أن “السلطات تعتمد على مواد غامضة في قانون العقوبات مثل التشهير والمساس بالنظام العام لقمع الأصوات المعارضة.”

ويحتل العراق المرتبة 155 في حرية الصحافة و126 في مؤشر الحريات، ومن أبرز التحديات التي تواجه حرية الصحافة تحديات تشريعية للصحافيين ونفوذ الجماعات المسلحة، وعدم وجود دعم لهذا القطاع وهذه الشريحة.

5