"الإعمار والسلام" شعار الدورة الرابعة من معرض بنغازي الدولي للكتاب

ليبيا تراهن على الثقافة في إعادة الإعمار ونشر قيم التسامح والتعايش الوطني.
السبت 2025/10/18
الثقافة في قلب مشروع الإعمار

بين دفتي الكتاب تنبض الحياة من جديد في مدينة بنغازي، التي تستعد لاستقبال مثقفين وناشرين ومبدعين من داخل ليبيا وخارجها في مطلع نوفمبر المقبل، ضمن فعاليات الدورة الرابعة من معرضها الدولي للكتاب، تحت شعار "الإعمار والسلام". ويأتي تنظيم هذه التظاهرة الثقافية الكبرى لتكون مساحة للقاء الفكر والإبداع، وفرصة لتسليط الضوء على دور الثقافة في دعم جهود البناء والتعايش الوطني.

تستعد مدينة بنغازي الليبية لاحتضان عرس التربية والثقافة والعلوم من خلال الدورة الرابعة من معرضها الدولي للكتاب، التي ستنتظم تحت شعار “الإعمار والسلام”، في الفترة من 1 إلى 10 نوفمبر 2025، برعاية القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر، وتحت إشراف وزارة الثقافة والفنون، بالتعاون مع إدارة التوجيه المعنوي.

وعقدت اللجنة المشرفة على الفعاليات الثقافية للمعرض اجتماعا تنسيقيا ناقشت خلاله البرنامج الثقافي الشامل، الذي تم تصميمه ليواكب شعار الدورة. ويتضمن البرنامج سلسلة من الندوات الفكرية والجلسات الحوارية والمعارض التراثية وورش العمل التفاعلية الموجهة للأطفال والنشء، بما يعكس دور الثقافة كوسيلة للتواصل وبناء الإنسان.

وأكدت اللجنة أن اختيار شعار “الإعمار والسلام” يجسد المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، ويهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الثقافة في إعادة الإعمار ونشر قيم التسامح والتعايش الوطني، بينما أكد رئيس اللجنة خالد العمامي أن هذه الدورة تأتي لتكون منصة ثقافية تسهم في دعم مشروع الإعمار الشامل، بدءًا من بناء الإنسان والعقل، وصولًا إلى إعمار الأرض والمجتمع، مؤكدًا أن الكتاب هو حجر الأساس لأي سلام حقيقي مستدام.

الدورة الرابعة من معرض الكتاب حلقة مهمة في سلسلة الأنشطة الثقافية والإعلامية والرياضية والاجتماعية التي تشهدها بنغازي والمناطق المحررة

وقال اتحاد الناشرين العرب إن هذه الخطوة تأتي في إطار التعاون الثقافي العربي ودعم الحضور العربي في المعارض الدولية، مشيرا إلى أنه توصل إلى جملة من التسهيلات والامتيازات الخاصة بالناشرين المشاركين في الدورة المقبلة من المعرض.

وسيشهد المعرض مشاركة مؤسسات رسمية ليبية وأجنبية، ومنظمات وطنية وإقليمية ودولية، إضافة إلى الناشرين الليبيين والعرب والأجانب، ممن لديهم إنتاج نشر خاص بهم لا يقل عن 50 عنوانًا، أو الذين لهم توكيلات من دور النشر التي ينوبونها للمشاركة في المعرض، بالإضافة إلى الموزعين الذين لديهم توكيلات من قِبَل دور النشر الليبية والعربية والأجنبية.

وكانت صالحة التومي، وزيرة الثقافة والفنون بالحكومة الليبية، قد بحثت مع اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي، والفريق المصاحب له، الترتيبات التنظيمية والفنية اللازمة لإنجاح هذا الحدث الثقافي الهام، بما يعكس مكانة مدينة بنغازي وريادتها في الحراك الثقافي والفكري الوطني.

ويتابع اللواء المحجوب، لحظة بلحظة، الاستعدادات القائمة على أكثر من صعيد، لضمان نجاح الدورة الجديدة، باعتبارها تظاهرة تحتفي بالكتاب والكاتب، وبالناشرين والموزعين والقراء، وكذلك باعتبارها حاضنة لمختلف أشكال الإبداع الفني والثقافي، من خلال التظاهرات التي يتم تنظـيمها على امتداد أيام المعرض، بحيث ستشهد تنظيم ندوات ثقافية وفكرية، وأمسيات شعرية، وعروضا مسرحية تُبرز الدور المحوري الذي يلعبه المثقف والفنان في دعم مسيرة السلام والإعمار، وتتميز الدورة الحالية بمشاركة واسعة من دور نشر محلية وعربية ودولية، بما يعزز مكانة المعرض كمحطة ثقافية سنوية بارزة في ليبيا، وفضاء مفتوح لنشر ثقافة الحوار والسلام على المستوى الوطني.

ويشير المراقبون إلى الدور الرائد والمهم الذي تقوم بها القيادة العامة للقوات المسلحة، والذي يأتي في إطار إيمانها الراسخ بأهمية القراءة والمطالعة في تكريس ثقافة السلام والإعمار، وفي دعم مقومات الهوية الوطنية والانتماء الحضاري، وبناء جسور العلم والمعرفة بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة والإنسانية جمعاء.

pp

وبحسب المراقبين، فإن معرض بنغازي للكتاب يعد أحد أهم المكاسب الثقافية لثورة الكرامة، وقد كان وراء تأسيسه المشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة، منذ دورة 2021، التي شكلت في حينها إعلانا عن عودة الحياة إلى بنغازي بعد تحريرها من جحافل الظلام والتكفير وناشري الجهل والفوضى، ودخول مرحلة إعادة الإعمار والتنمية، وتحقيق تطلع الشعب إلى الأمن والاستقرار والسلام واستعادة السيادة، بما في ذلك جانبها الثقافي، وموقع الكتاب كأحد أبرز عناصر بناء العقل والوجدان.

وفي إطار التحضيرات الجارية لانطلاق الدورة الرابعة من معرض بنغازي الدولي للكتاب، انعقد اجتماع بديوان بلدية بنغازي ضمّ رئيس المجلس التسييري للبلدية، المهندس الصقر عمران بوجواري، ورئيس اللجنة العليا للمعرض، اللواء خالد المحجوب، وذلك بحضور المنسق العام للمعرض، أنور الشويهدي، وعضو المجلس التسييري للبلدية، وعضو اللجنة، عبدالباسط سليمان الجازوي، حيث “تمت خلال اللقاء مناقشة آخر الاستعدادات التنظيمية والفنية لانطلاق فعاليات المعرض الذي يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية التي تشهدها مدينة بنغازي.”

المعرض يهدف إلى التشجيع على الاستثمار الثقافي، بما يساهم في إحداث ديناميكية اقتصادية حول الكتاب

وأكد المجتمعون على “أهمية هذه التظاهرة الثقافية الكبرى في دعم الحركة الفكرية والأدبية، وترسيخ مكانة بنغازي كحاضنة للثقافة والإبداع، ومركز للتواصل بين الكتّاب ودور النشر والمثقفين من داخل ليبيا وخارجها.”

ويرى متابعون للشأن الليبي أن الدورة الرابعة من معرض الكتاب تعد حلقة مهمة من سلسلة الأنشطة الثقافية والإعلامية والرياضية والاجتماعية التي تشهدها بنغازي والمناطق المحررة، وتقدم من خلالها صورة واقعية تعكس حقيقة الأوضاع الآمنة والمستقرة، وطبيعة التحولات الكبرى التي تعيشها ضمن المشروع الحضاري الكبير الذي يقوده المشير حفتر، وما يتضمن من مشاريع التنمية وإعادة الإعمار، بما يحقق جوانب النهضة الشاملة على مختلف الصعد وفي كل المجالات.

وأوضح اتحاد الناشرين العرب، برئاسة محمد رشاد، أن إدارة المعرض وافقت على منح إقامة مجانية لفردين من كل دار نشر، مع الإعفاء الكامل من رسوم التأشيرة البالغة 500 دولار، كما تقرر تخفيض رسوم الجناح بنسبة 50 في المئة لتصبح رمزية بقيمة 20 دولارًا فقط، وسيتم توزيع قسائم شراء للطلبة بقيمة 100 دينار ليبي لدعم دور النشر، إلى جانب شراء كتب لصالح الأكاديمية العسكرية والجامعات والمعاهد العليا.

وأشار الاتحاد إلى أن التغطية الإعلامية والإعلانية للمعرض ستنطلق اعتبارا من الأسبوع المقبل، كما سيتم توفير مقاهٍ خاصة بالمعرض تقدم القهوة والشاي مجانًا للناشرين، مؤكدا أن هناك مزايا إضافية سيتم الإعلان عنها لاحقًا.

pp

ويتعين على كل عارض تمت الموافقة على مشاركته تسديد قيمة الجناح قبل تسلّمه. ويحوّل المبلغ إلى خزينة المعرض، وحدّدت رسوم المشاركة حسب مساحة الأجنحة ومواقعها باعتماد قاعدة سعر المتر المربع طيلة فترة المعرض على النحو التالي؛ تبلغ قيمة الجناح للناشرين الليبيين 50 دينارا للمتر المربع كامل أيام المعرض، أما قيمة الجناح للناشرين العرب والأجانب فتبلغ 20 دولارا أميركيا أو ما يعادلها لكل متر مربع كامل أيام المعرض.

ويهدف المعرض إلى الإسهام في النهوض بقطاع الكتاب بوصفه أداة رئيسية لنشر المعرفة وتداولها، بما يرسخ مبادئ المواطنة والديمقراطية، وإتاحة الفرصة للجمهور الواسع للتعرف إلى مستجدات الإنتاج الفكري والأدبي والعلمي والفني في ليبيا وعربيا ودوليا، والترغيب في القراءة وتجذير ممارسة المطالعة، وتوفير الظروف الملائمة لدعم الشراكة بين المهنيين في قطاع الكتاب بليبيا والخارج، والتشجيع على الاستثمار الثقافي، وتسهيل تداول حقوق التأليف والترجمة، بما يساهم في إحداث ديناميكية اقتصادية حول الكتاب، فضلا عن تنشيط الحوار في قضايا الفكر والأدب والثقافة، انطلاقا من الكتاب والعناية بالإبداع عبر تنظيم الندوات واللقاءات والتظاهرات الثقافية، وتأكيد البعد الدولي للتظاهرة بالانفتاح على الثقافات الأخرى، وتطوير التعاون الدولي في مجالات صناعة الكتاب ونشره وترويجه.

وتشرف اللجنة العليا للمعرض على المسائل التنظيمية والفنية والإدارية والمالية واللوجستية، وتنفيذ البرامج والتوجهات الثقافية المتعلقة بالمعرض، بالتعاون مع الاتحادات والنقابات الممثلة للناشرين والموزعين والأدباء والكتاب، والوزارات المعنية، لتحديد التصورات العامة للمعرض والأنشطة الثقافية التي تنتظم بالمناسبة.

9