الإعلام اللبناني وصخرة الروشة: عادت هيبة الدولة.. انتحرت هيبة الدولة
بيروت – انشغلت وسائل الإعلام في لبنان بالحديث عن إضاءة صخرة الروشة بصورة الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله على الرغم من رفض السلطات لهذه الخطوة.
رغم صدور قرار حكومي بمنع إضاءة الصخرة، لم يلتزم منظمو التجمع بذلك وأضاؤوها بصورتي نصرالله وصفي الدين وكذلك بصورة علم لبنان، إضافة إلى صورة أخرى تجمع نصرالله برئيسي الحكومة الأسبقين رفيق الحريري وسعد الحريري.
والاثنين، طلب رئيس الحكومة نواف سلام الالتزام بتطبيق القوانين ومنع استخدام الأملاك العامة البرية والبحرية والأماكن الأثرية والسياحية قبل الحصول على التراخيص والأذونات اللازمة.
وجاء قرار سلام عقب حملة اعتراضات أطلقها لبنانيون، بينهم برلمانيون رفضا لإضاءة صخرة الروشة بصورة نصرالله ضمن سلسلة فعاليات أعلنها “حزب الله” إحياء لذكرى اغتيال إسرائيل أمينه العام السابق في السابع والعشرين من سبتمبر 2024. وقال معلقون وقنوات فضائية إن القرار “يعيد هيبة الدولة”.
الالتزام بتطبيق القوانين ومنع استخدام الأملاك العامة البرية والبحرية والأماكن الأثرية والسياحية قبل الحصول على التراخيص والأذونات اللازمة
وبعد إضاءة الصخرة بصورة نصرالله قالت أم.تي.في في مقدمة نشرة أخبارها المسائية الخميس إن “هيبة الدولة انتحرت اليوم على صخرة الروشة”.
وتعتبر صخرة الروشة أحد أهم المعالم الطبيعية للعاصمة اللبنانية، وتقع عند شاطئ المدينة وتحيطها مياه البحر من كل الجهات، بارتفاع نحو 70 مترا، ويقال إنها تكونت منذ الآلاف من السنين، وتعد رمزا للصمود والقوة.
وأضافت أن “منطق القوة تغلب على منطق القانون والحق، والدويلة تغلبت مرة أخرى على الدولة. السبب في كل ما حصل: الجيش والقوى الأمنية. فالسلطة السياسية قالت كلمتها بوضوح وبلا مواربة، وأعلنت بحبر قرار نواف سلام أن التجمع مسموح، أما وضع صور للسيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين ممنوع على صخرة الروشة. لكن للأسف لا الجيش ولا كل القوى الأمنية الأخرى كانت على قدر المسؤولية”.
وتابعت “صورتا الأمينين العامين السابقين للحزب رفعتا على صخرة الروشة بحرا، فيما كان العلم الإيراني يرفرف برا، وفيما كان المحتشدون يرددون بصوت واحد “شيعة شيعة شيعة”.
وتساءلت مقدمة النشرة “فمن سيحترم بعد دولة لا تحترم نفسها؟ ومن سيتعاطى بعد مع سلطة لا تؤمن هي بسلطتها؟ ومن سيقتنع بعد بأن جيشا لا يتجرأ على منع تركيز صورتين على صخرة، قادر على حصر السلاح بيده؟”.
أما قناة “المنار” فقد احتفت بالحدث وقالت في مقدمة نشرتها المسائية “كما أضاء سماء الأمة بجهاده وفكره أضاء سماء بيروت اليوم وصخرها وشجرها ووجدانها بصورته التي لن تغيب، وسيبقى نور وجهه وفكره وتاريخه أقوى من كل الظلاميين العالقين في مجاهل التاريخ الذي لن يكون إلا للمقاومين الشرفاء الرافضين للذل الأميركي والجور الصهيوني…”.
واحتفت بمشاركة قنوات، إيرانية في معظمها، بنقل الحدث وقالت “شهادة ستشاركنا إحياءها اليوم قنوات عزيزة وشقيقة تنتسب إلى السيد الشهيد بفكره ومبادئه وجهاده، قنوات من اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، فلها منا كل شكر وتحية”.
"من سيحترم بعد دولة لا تحترم نفسها؟ ومن سيتعاطى بعد مع سلطة لا تؤمن هي بسلطتها؟ ومن سيقتنع بعد ان جيشا لا يتجرأ على منع تركيز صورتين على صخرة، قادر على حصر السلاح بيده؟"
وجاء في مقدمة نشرة أخبار الـ”أن.بي.أن”، “في بيروت الأنظار شاخصة نحو الروشة وصخرتها حيث يقيم حزب الله فعاليات تتضمنها إضاءة الصخرة لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بصورتيهما وقد تجمع عدد من مؤيدي المقاومة في المنطقة حاملين صورهما مؤكدين وفاءهم لخط المقاومة”.
بالنسبة لمقدمة “أو.تي.في” فقد تطرقت إلى الحلول الإقليمية المؤجلة ولبنان بين خطر التصعيد وخطيئة الاستفزاز. أما خطيئة الاستفزاز المتبادل، فاختصرتها في “إشكالية إضاءة صخرة الروشة، بين رئيس الحكومة نواف سلام الذي كسر شريكه في الحكومة الواحدة التعميم الذي أصدره قبل أيام من جهة، وبين حزب الله الذي قدم عراضة سياسية واضحة وهادفة من قلب بيروت”.
بالنسبة لقناة “الجديد” فقد اعتبرت أن استحقاق “الصخرة” مر بحكمة. و”سلام ووجه البحار القديم كما تقول الأغنية اتخذ شكل “سيدين” وعلم البلاد، فلا الصخرة تغير موقعها ولا المناسبة انتقصت من قيمتها كملك عام وكمعلم طبيعي. وعليها “تكسرت” المخاوف من توتر أمني غير مطابق لمواصفات وجه العاصمة الجامع والمتنوع.
طلب رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام من وزراء الداخلية أحمد الحجار، والعدل عادل نصار، والدفاع ميشال منسى، اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق منظمي فعالية الروشة في بيروت، وذلك لمخالفتهم مضمون الموافقة المعطاة لهم من قبل محافظ مدينة بيروت القاضية بعدم إضاءة صخرة الروشة.
وسخرت جردية الأخبار التابعة لحزب الله من نواف سلام قائلة إن “هذا المشهد بكل ما فيه أزعج نواف سلام، وحجّمه وكشف المزيد من سخفه ودفعه إلى مواصلة جنونه وصبيانيّته”.
بل وأضافت أن سلام يواصل عنترياته، وأطلقت على الحكومة لقب “دون كيشوت” الذي يصارع طواحين الهواء.
لم يكتف سلام بذلك، بل دفعته نرجسيته إلى إلغاء مواعيده في السراي الحكومي، وإبلاغ المعنيين قراره بالاعتكاف إلى حين محاسبة المسؤولين عما جرى.