اعتقالات بالآلاف تكشف حجم الاختراق المخابراتي الأجنبي للداخل الإيراني

سهولة اختراق إيران مؤشر على اتساع دائرة النقمة على النظام ودليل على كثرة المستعدين للتعاون مع ألد أعدائه.
الأربعاء 2025/08/13
الكل متهم حتى تثبت براءته

طهران- أظهر إعلان السلطات الإيرانية عن اعتقال الآلاف من المشتبه بهم خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية عن مدى اتّساع الاختراق الأمني والمخابراتي للساحة الداخلية لإيران من قبل أجهزة تابعة لدول أجنبية لاسيما إسرائيل التي يبدو أنّها قد استفادت في تلك الحرب من وجود شبكة واسعة من عملائها والمتعاونين معها المنتشرين داخل إيران في الوصول إلى منشآت حيوية وشخصيات عسكرية وعلمية وازنة وتحييدها.

ومع الكشف عن أهمية ومكانة الشخصيات الإيرانية التي تمكنت إسرائيل من الوصول إليها وقتلها، بمن في ذلك قيادات أمنية كبيرة وخبراء مشرفون على البرنامج النووي الإيراني، فوجئ الملاحظون بهشاشة الجدار الأمني الداخلي للبلد الذي لطالما تباهت سلطاته بقوّته العسكرية والأمنية، مظهرة في الوقت نفسه شدّة وصرامة كبيرتين في فرض الرقابة على المجتمع والإمساك به بقبضة من حديد.

ويرى خبراء اجتماعيون وأمنيون أنّ سهولة اختراق الساحة الداخلية الإيرانية تشكّل في بعض وجوهها مظهرا لحالة من النقمة الشعبية الواسعة على النظام الديني الذي يقوده المرشد الأعلى واتّساع دائرة المستعدين للتعاون مع ألد أعداء ذلك النظام حتى لو تعلّق الأمر بإسرائيل.

◄ موجة الاعتقالات الآخذة في التوسّع لا تخلو من محاذير حقوقية بأن تتحوّل ملاحقة عملاء ومخبري الأجهزة الأجنبية إلى حملة قمع واسعة النطاق

كما تشكل أيضا مؤشرا على هشاشة الأوضاع الاجتماعية التي تجعل فئات كثيرة من الإيرانيين قليلة المقاومة للإغراءات المالية التي تعرض عليها لقاء التعاون مع قوى خارجية ضدّ سلطات البلاد.

وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية نقلا عن متحدث باسم سلطات إنفاذ القانون أن الشرطة الإيرانية اعتقلت ما يصل إلى 21 ألف مشتبه به خلال الحرب مع إسرائيل التي استمرت 12 يوما في يونيو الماضي.

وفي أعقاب الضربات الجوية الإسرائيلية التي بدأت في الـ13 من الشهر نفسه شرعت قوات الأمن الإيرانية في حملة اعتقالات واسعة النطاق ومصحوبة بانتشار مكثف في الشوارع حول نقاط التفتيش واستنادا إلى البلاغات العامة التي دُعي المواطنون بموجبها للإبلاغ عن أي فرد يعتقدون أنه يتصرف بشكل مريب.

وقال سعيد منتظر المهدي المتحدث باسم الشرطة “كانت هناك زيادة بنسبة 41 في المئة في عدد البلاغات من قبل الجمهور، ما أدى إلى اعتقال 21 ألف مشتبه به خلال الحرب التي استمرت 12 يوما.”

سعيد منتظر المهدي: جرى إلقاء القبض على 261 مشتبها في ضلوعهم بالتجسس

ولم يذكر التهم الموجهة إلى المشتبه بهم الذين جرى اعتقالهم، لكن طهران سبق أن تحدثت عن أشخاص نقلوا معلومات قد تكون ساعدت على توجيه الهجمات الإسرائيلية.

ولا تخلو موجة الاعتقالات الآخذة في التوسّع من محاذير حقوقية بأن تتحوّل ملاحقة عملاء ومخبري الأجهزة الأجنبية إلى حملة قمع واسعة النطاق وهادفة إلى ترهيب المجتمع وتثبيط أي محاولة له للانتفاض في وجه النظام، خصوصا بعد الحرب الأخيرة التي انتقدها الكثير من الإيرانيين واعتبروها إحدى نتائج السياسات الرسمية المثيرة للصراعات والمشاكل.

وتستند تلك المخاوف إلى معطيات واقعية تتمثل في وجود سوابق كثيرة للسلطات الإيرانية في استخدام تهمة العمالة للخارج لتصفية المعارضين، وهي تهمة شديدة الخطورة تكلف المتهمين حياتهم في البلد الذي لا تنقطع فيه أخبار إعدام من يوصفون بالجواسيس والمتعاونين مع المخابرات الأجنبية.

ومن ضمن التبعات الإنسانية والحقوقية للحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران تسارع وتيرة ترحيل المهاجرين الأفغان الذين يشتبه في إقامتهم بشكل غير قانوني في إيران، في الوقت الذي كشفت فيه وكالات الإغاثة الدولية أن السلطات الإيرانية اتهمت بعض المواطنين الأفغان أيضا بالتجسس لصالح الدولة العبرية.

وقال منتظر المهدي إنّ “أجهزة إنفاذ القانون ألقت القبض على 2774 مهاجرا غير شرعي واكتشفت 30 قضية أمنية خاصة من خلال فحص هواتفهم. وجرى إلقاء القبض على 261 مشتبها في ضلوعهم بالتجسس و172 شخصا متهمين بالتصوير غير المصرح به.”

ولم يحدد المتحدث عدد المعتقلين الذين جرى إطلاق سراحهم منذ ذلك الحين، لكنه أضاف أن الشرطة الإيرانية تعاملت مع أكثر من 5700 حالة من الجرائم الإلكترونية مثل الاحتيال عبر الإنترنت والسحب غير المصرح به للأموال خلال الحرب، والتي قال إنها حولت “الفضاء الإلكتروني إلى جبهة قتال مهمة.”

3