اعترافات دول غربية بفلسطين تفجر خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية
القدس - ذكرت قناة (12) العبرية، الأحد، أن الخلافات داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تتصاعد في أعقاب استبعاد وزراء من جلسات نقاش حساسة تتعلق بالرد على اعتراف دول غربية بدولة فلسطين.
ونقلت القناة عن مصادر سياسية (لم تسمّها) قولها إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عقد في وقت سابق الأحد، اجتماعا عاجلا خارج جدول الأعمال المعتاد، من دون مشاركة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لبحث خطوات الرد على الاعتراف الدولي.
وبحسب المصادر، فإن مقربين من بن غفير، اعتبروا أن تحركات نتنياهو تعكس "محاولة للتخفيف من مطلب فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية".
وأضافوا أن بن غفير، وحلفاءه يطالبون بموقف أكثر تشددا يشمل تسريع خطوات السيادة وإنهاء دور السلطة الفلسطينية، في حين يسعى نتنياهو إلى تبني مواقف متوازنة تتيح له الحفاظ على تماسك التحالف السياسي وتجنب تصعيد داخلي ودولي.
وخلال الاجتماع، شدد نتنياهو، على "أهمية التنسيق الكامل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للرد على خطوات الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، وفق ما نقلته القناة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تستعد فرنسا مع عشر دول أخرى للاعتراف رسميا بدولة فلسطين لممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل، خلال قمة الإثنين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ستهيمن عليها الحرب في قطاع غزة.
ويعد هذا الاعتراف المرتقب خلال القمة التي تنظمها فرنسا والسعودية حول مستقبل حل الدولتين حيث يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنبا إلى جنب في سلام وأمن، تتويجا لعملية استمرت أشهرا قاتل من أجلها إيمانويل ماكرون بشدة.
وسمحت تلك العملية باعتماد الأغلبية الساحقة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة نصا يدعم قيام دولة فلسطينية من دون وجود حركة حماس فيها، وهو شرط طالبت به العديد من الدول الغربية.
وقال الرئيس الفرنسي الأحد في مقابلة مع برنامج "فايس ذي نايشن" على قناة "سي بي إس" إن الفلسطينيين "يريدون وطنا، يريدون دولة ويجب ألا ندفعهم نحو حماس. إذا لم نقدم لهم منظورا سياسيا وهذا الاعتراف (...) سيعلقون مع حماس باعتبارها الحل الوحيد".
وأضاف "إذا أردنا عزل حماس، فإن عملية الاعتراف وخطة السلام المرافقة لها تشكلان شرطا مسبقا".
وحتى قبل هذا الاجتماع في الأمم المتحدة، اعترفت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال رسميا بدولة فلسطين الأحد.
وبذلك، يرتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 145 على الأقل من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. لكن ذلك لا يغيّر وضع فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة والتي عرقلت الولايات المتحدة عضويتها الكاملة.
ومن المتوقع أن تنضم دول أخرى إلى فرنسا الاثنين، بما فيها أندورا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وسان مارينو، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وتأتي هذه الإعلانات في وقت يكثف الجيش الإسرائيلي قصفه لغزة الذي بدأ ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر عام 2023، ومع تزايد الضغوط على إسرائيل بسبب الوضع الإنساني المتدهور في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.
من جهته، رحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سيشارك في القمة الاثنين عبر الفيديو بعدما رفضت الولايات المتحدة تقديم تأشيرات له وللوفد المرافق لحضور الاجتماعات، باعتراف كل من بريطانيا وأستراليا وكندا بدولة فلسطين، معتبرا ذلك "خطوة على طريق السلام العادل والدائم".
بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد أنه لن تكون هناك دولة فلسطين وهدد بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، فيما دعا الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى ضم الضفة التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وفي المقابل، حذر مسؤولون أوروبيون، الأحد، إسرائيل من المضي في خطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية كرد على إقدام دول غربية إعلانها رسميا الاعتراف بدولة فلسطين، وفق إعلام عبري.
وقالت القناة "12" العبرية الخاصة، الأحد، إن "مسؤولين أوروبيين وجهوا رسالة تحذير حادة إلى مسؤولين في إسرائيل، على خلفية بحث الحكومة فرض السيادة (ضم) على أجزاء من الضفة الغربية كرد على القرارات الدولية الأخيرة".
ووفق القناة "قال المسؤولون الأوروبيون للمسؤولين الإسرائيليين إذا كان نتنياهو وحكومته يريدون تدمير ما بُني في الشرق الأوسط، فسيتحملون العواقب"، دون تفاصيل أخرى.
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس الجمعة أن على العالم "ألا يخشى" ردود الفعل الإسرائيلية على الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبرا أن الدولة العبرية تواصل سياسة تقضي بتدمير قطاع غزة وضمّ الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، سيلقي نتنياهو كلمة مرتقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة، وكذلك سيفعل دونالد ترامب الثلاثاء، مع معارضة الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، عملية الاعتراف هذه إذ لا تعتبر السلطة الفلسطينية شريكا موثوقا للسلام.
وصفت الولايات المتحدة الأحد اعتراف عدد من حلفائها الرئيسيين بدولة فلسطينية بأنه "استعراضي" داعية إلى "التركيز على دبلوماسية جادة".
ورأى ماكس رودنبيك من مجموعة الأزمات الدولية أن أي جهد دبلوماسي لدعم حقوق الفلسطينيين "مرحب به" لكن، من دون "تدابير ملموسة" مصاحبة، فإن هذه الاعترافات قد "تصرف الانتباه عن الواقع، وهو المحو المتسارع لحياة الفلسطينيين في وطنهم".
وأسفر هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا معظمهم مدنيون، وفق تعداد يستند إلى أرقام رسمية.
وقتل في قطاع غزة منذ بدء الحرب 65283 شخصا معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحركة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وبالإضافة إلى الحرب في غزة، ستتطرق اجتماعات الأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى أزمات أخرى مثل المفاوضات النووية الإيرانية والحرب في أوكرانيا.