اتحاد الشغل التونسي يتهم أنصار السلطة بالاحتجاج أمام مقره
قال الاتحاد العام التونسي للشغل إن مقرّه المركزي بالعاصمة تونس تعرّض الخميس إلى محاولة اعتداء على خلفية تجمّع عدد من المحتجين المناهضين لسياساته، وذلك بعد تنفيذه سلسلة من الإضرابات في قطاع النقل.
تونس - ندد الاتحاد العام التونسي للشغل، (النقابة الأساسية في البلاد)، بأعمال عنف طالت مقره المركزي في العاصمة، الخميس، متهما في ذلك أنصار السلطة، وسط تحذير من جر البلاد إلى “مربع العنف والفوضى”. وتجمعت في وقت سابق الخميس جماعات غير معروفة في “ساحة محمد علي” قبالة مقر الاتحاد رافعة شعارات مناوئة للمنظمة النقابية وتطالب بحلها.
وقال مكتب اتحاد الشغل إن “عصابة حاولت اقتحام المقر لكن تصدى لها نقابيون وموظفون ببسالة وهدوء”. وأفاد الأمين العام المساعد سامي الطاهري بأن نقابيين أقاموا حاجزا بشريا لمنع مجموعة من الأشخاص من بينهم أطفال من اقتحام المقر.
وتتسم العلاقة بين اتحاد الشغل والسلطة التي يقودها الرئيس قيس سعيد، ببرود كامل وبالتوتر في بعض الفترات. وأوضح الاتحاد في بيان تنديد له، بأن الاعتداء يأتي بعد حملات تجييش من أنصار الرئيس قيس سعيد منذ فترة ردا على تحركات نضالية في عدة قطاعات بما في ذلك الدفاع عن الحريات العامة والفردية.
وردد المحتجون شعارات من بينها “الشعب يريد تجميد الاتحاد!”، ودعوا الرئيس سعيد إلى التدخل ضد ما وصفوه بـ”عصابات الاتحاد”. وجابت مسيرتهم شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة قبل الوصول إلى ساحة محمد علي قبالة مقر اتحاد الشغل. وحمّل هؤلاء المحتجون الاتحاد مسؤولية تأجيج الأوضاع الاجتماعية عبر الإضرابات في النقل وغيرها.
في المقابل، قال الاتحاد إنه يتعرض لاعتداء من قبل “عصابات إجرامية” تجند أطفالا لمهاجمة مقره، مما دفع نقابيين إلى التجمع ورفع شعارات مناهضة للحكومة. ورددوا هتافات مثل “نظام كلاه (أكله) السوس هذه مش دولة هذه ضيعة محروس!” و”الاتحاد ديما ثابت لا ميليشيا لا روابط”. وانتشرت قوات الشرطة أمام مقر الاتحاد لمنع حدوث أي صدام بين الطرفين.
وتأتي هذه التحركات بعد إضراب لقطاع النقل استمر ثلاثة أيام بدعوة من نقابة النقل التابعة لاتحاد الشغل، مما عطل حركة النقل البري في البلاد، وأبرز استمرار قدرة الاتحاد على التأثير في مشهد يزداد خضوعا لسلطة الرئيس. ويُعد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي لعب دورا محوريا في المرحلة الانتقالية بعد الثورة، من المنتقدين لتركيز سعيد للسلطة.
◙ الاتحاد العام التونسي للشغل قال إنه يتعرض لاعتداء من قبل "عصابات إجرامية" تجند أطفالا لمهاجمة مقره
ودعمت المنظمة النقابية قرارات قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021 عندما جمد اختصاصات البرلمان ثم حل الهيئات الدستورية والنظام السياسي، لكنه احتج لاحقا ضدّه بسبب ما اعتبره تخليه عن أي “سياسة تشاركية” في قيادة البلاد.
ويتهم الاتحاد ومنظمات حقوقية أخرى الرئيس قيس سعيد بالتأسيس لحكم فردي والزج بمعارضيه في السجون، بينما صرح سعيد مرارا بأنه يخوض “حرب تحرير” ويعمل على التصدي لمحاولات ضرب مؤسسات الدولة من الداخل من قبل “متآمرين على أمن البلاد”.
وفي الأيام الأخيرة، أثار غياب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي تساؤلات عديدة، رغم تأكيد قيادات الاتحاد أنه في عطلة سنوية عادية وأنه سيستأنف نشاطه قريبا، لكن أوساطا نقابية قالت إن الانسحاب هو استجابة لضغوط من المعارضة النقابية التي تحمّل الطبوبي مسؤولية التصعيد مع السلطة وعرقلة الحوار في الملفات الاجتماعية.
وشهدت تونس الأسبوع الماضي شللا شبه كامل في حركة النقل البري نتيجة إضراب واسع دعت إليه جامعة النقل التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، للمطالبة بتحسين أوضاع الموظفين المالية وظروف العمل وإصلاح قطاع النقل، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدا من المنظمة ضد السلطة.
وتصاعدت الأزمة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، ووصلت إلى حد المطالبة بإقالة أمينه العام نورالدين الطبوبي، مع تحذيرات من احتمال انقسامه ما يعتبر من أكبر الأزمات التي شهدتها المنظمة العمالية الأبرز في تونس. وفي نهاية شهر مايو الماضي فشل اجتماع الهيئة الإدارية (أعلى سلطة في الاتحاد)، الذي استمر 3 أيام بمدينة الحمامات (شرق)، في تحديد موعد للمؤتمر القادم للاتحاد.
وإثر ذلك عاودت الهيئة الإدارية الانعقاد واعتمدت مقترح عقد المؤتمر العادي للاتحاد أيام الخامس والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين من مارس 2026 والشروع من الآن في الإعداد لذلك، وفق ما أورده موقع “الشعب نيوز” الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل.
وكثيرا ما استخدمت المنظمة النقابية ورقة الإضراب العام في إطار الضغوط الممارسة على السلطة، حيث أقرت المنظمة العمالية الأبرز في تونس الإضراب العام خلال فترات عديدة وفي مواجهة مختلف الحكومات. ويحاول اتحاد الشغل مرارا الظهور في صورة الطرف المستهدف من السلطة في المشهد التونسي خلال الفترة الأخيرة، بعدما تأكّد من عدم الحصول على دور “سياسي” في توجهات الرئيس قيس سعيد ومسار الخامس والعشرين من يوليو 2021.