إصرار دولة القانون على ترشيح المالكي يعيد الجدل حول زعامات ما بعد 2003

الإصرار على إعادة ترشيح المالكي يثير انقساماً واضحاً في الساحة السياسية، حيث يرى منتقدوه أن تجربته السابقة في الحكم، بين عامي 2006 و2014، ترافقت مع أزمات أمنية حادة وتصاعد للخطاب الطائفي.
الاثنين 2025/10/06
الساحة السياسية العراقية أمام مفترق طرق جديد

بغداد – أعاد تمسك ائتلاف دولة القانون بترشيح زعيمه نوري المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة الجدل حول الزعامات السياسية التقليدية التي تصدرت المشهد العراقي منذ عام 2003، وسط تساؤلات عن قدرة الطبقة السياسية القديمة على تجديد نفسها في ظل تصاعد الدعوات إلى التغيير وإفساح المجال أمام وجوه جديدة.

ويؤكد قادة ائتلاف دولة القانون أن ترشيح المالكي يستند إلى خبرته الطويلة وتجربته في إدارة الدولة، إذ يرى النائب محمد الشمري أن زعيم الائتلاف يمتلك “الكفاءة السياسية والإدارية” التي تؤهله لقيادة المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن الائتلاف يتوقع الحصول على ما بين 40 و45 مقعداً في الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

لكن هذا الإصرار على إعادة ترشيح المالكي يثير انقساماً واضحاً في الساحة السياسية، حيث يرى منتقدوه أن تجربته السابقة في الحكم، بين عامي 2006 و2014، ترافقت مع أزمات أمنية حادة وتصاعد للخطاب الطائفي، فضلاً عن تحميله المسؤولية عن انهيار القوات العراقية أمام تنظيم داعش في عام 2014. في المقابل، يؤكد أنصاره أنه واجه ظروفاً استثنائية وأنه يمتلك رؤية إصلاحية تركز على “استعادة هيبة الدولة وتعزيز القرار المركزي”.

ويقول محللون إن تمسك دولة القانون بزعيمه القديم يعكس جانباً من أزمة التجديد داخل القوى السياسية العراقية، التي لا تزال تدور في فلك الزعامات التقليدية. فبعد أكثر من عقدين على سقوط النظام السابق، لم تنجح الأحزاب الكبرى في إنتاج نخب جديدة قادرة على استيعاب التحديات المتغيرة، وهو ما جعل المشهد السياسي يبدو أقرب إلى إعادة تدوير للوجوه ذاتها.

ويشير مراقبون إلى أن عودة المالكي إلى الواجهة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات داخل الإطار التنسيقي الشيعي، خاصة أن بعض القوى تميل إلى دعم مرشحين آخرين يمثلون جيلاً سياسياً مختلفاً. وفي المقابل، قد يسعى المالكي إلى استثمار حالة التشتت بين منافسيه لتقوية موقعه التفاوضي بعد الانتخابات.

وتجري الاستعدادات للانتخابات البرلمانية وسط أجواء هادئة نسبياً مقارنة بالدورات السابقة، مع بدء الحملات الدعائية في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الجاري. ووفقاً للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يبلغ عدد الناخبين المؤهلين أكثر من 21.4 مليون شخص، بينهم 1.3 مليون في التصويت الخاص للقوات الأمنية والنازحين.

ويرى بعض المراقبين أن ترشيح المالكي يعيد إلى الأذهان مرحلة ما بعد 2003 التي رسخت هيمنة النخب القديمة على القرار السياسي، رغم التغيرات الاجتماعية الكبيرة التي شهدها العراق خلال العقدين الماضيين. فالكثير من الشباب الذين لم يعايشوا تلك المرحلة ينظرون اليوم إلى الطبقة الحاكمة على أنها جزء من المشكلة لا من الحل، ما يجعل مهمة القوى التقليدية في استعادة ثقة الشارع أكثر صعوبة.

وفي الوقت الذي يحاول فيه المالكي العودة إلى رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، تبدو الساحة السياسية العراقية أمام مفترق طرق جديد بين من يدافع عن “الاستقرار عبر الخبرة” ومن يدعو إلى “التغيير عبر التجديد”، في معركة انتخابية قد تحدد ملامح مرحلة ما بعد الزعامات التاريخية.